انسحاب أمريكا من سوريا.. لماذا تخشاه إسرائيل والعراق وترحب به تركيا؟

أثار الإعلان عن انسحاب أمريكا من سوريا حالة من القلق والجدل سواء داخل سوريا أو خارجها وسط مخاوف أن يؤدي ذلك لعودة تنظيم داعش الإرهابي.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن عن تقليص عدد القوات الأمريكية المنتشرة في سوريا، في خطوة يتوقع أن يكون لها تداعيات كبيرة على الأمن الإقليمي.
بدء تنفيذ قرار انسحاب أمريكا من سوريا
وفقاً لتقرير نشرته مجلة نيوزويك الأمريكية، أعلن البنتاجون الجمعة الماضية عن بدء سحب القوات الأمريكية من سوريا، مع التركيز على إغلاق ثلاث قواعد عسكرية وتقليص عدد الجنود الأمريكيين ليصل إلى أقل من ألف جندي.
ويشكل هذا العدد تراجعاً كبيراً عن عدد الجنود الذين أرسلهم الرئيس السابق جو بايدن، والذي بلغ 2500 جندي في يناير الماضي.
الوجود الأمريكي في سوريا
يتوزع الوجود العسكري الأمريكي في سوريا بين منطقتين رئيسيتين: الأولى هي المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الشمال الشرقي، الثانية هي منطقة التنف في الجنوب الشرقي، التي تسيطر عليها قوات “جيش سوريا الحرة”.
ورغم تزايد الضغوط السياسية والعسكرية على واشنطن للانسحاب من المنطقة، أكدت الجماعتان المدعومتان من الولايات المتحدة أنهما سيستمران في دعم الوجود الأمريكي، لا سيما في ظل التهديدات المستمرة التي يشكلها تنظيم داعش.
القلق الإسرائيلي من تقليص الوجود الأمريكي
على الجانب الآخر، أبدت إسرائيل قلقاً كبيراً إزاء قرار ترامب بالانسحاب، حيث ترى أن هذا الخطوة قد تعزز من نفوذ تركيا في المنطقة.
وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن الانسحاب الأمريكي سيجعل تركيا في موقع أقرب لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في سوريا، خاصة في المناطق الحيوية مثل تدمر، التي تحتوي على منشآت عسكرية مهمة، بما في ذلك قاعدتي T4 وتدمر الجوية.
وأكد مسؤولون إسرائيليون أن الانسحاب الأمريكي جزئياً قد يزيد من خطر تمدد تركيا في المنطقة، ما يمثل تهديداً مباشراً لأمن إسرائيل.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد رحب في وقت سابق الانسحاب الأمريكي من سوريا مؤكدا على استعداد بلاده على التعامل مع الوضع في حال قررت الولايات المتحدة سحب قواتها العسكرية.
مخاوف عراقية من تداعيات الانسحاب
من جهة أخرى، عبر المسؤولون العسكريون في العراق عن مخاوفهم من تأثيرات الانسحاب الأمريكي على الوضع الأمني في بلادهم.
وبحسي تقارير يخشى العراق أن يؤدي الانسحاب الأمريكي إلى زيادة نشاط داعش في المنطقة، ويشكل تهديداً للأمن العراقي، خاصة مع وجود الآلاف من عناصر التنظيم في سوريا، إضافة إلى مخيم الهول الذي يحتجز عائلات وأفراد داعش.
وأفاد تقرير للأمم المتحدة صدر في فبراير 2025 أن داعش استفاد من حالة الفوضى في سوريا لتعزيز عملياته الإرهابية، وأنه من المرجح أن يوسع من نطاق نشاطاته في العراق في ظل الانسحاب الأمريكي.
هل يؤدي انسحاب أمريكا من سوريا لعودة تنظيم داعش ؟
يتساءل العديد من المحللين عن الجدوى الاستراتيجية للقرار الأمريكي ومدى تأثير هذا الانسحاب على الاستقرار في سوريا والمنطقة بشكل عام. مع تزايد نشاط داعش في بعض المناطق السورية والعراقية،
في هذا السياق، أكد بعض الخبراء العسكريين أن وجود القوات الأمريكية في سوريا كان له دور رئيسي في محاربة تنظيم داعش والحفاظ على التوازن الأمني في المنطقة، لكن مع تزايد الضغوط الداخلية والخارجية، قد تتغير الحسابات السياسية في المستقبل القريب.
تحول استراتيجي في سياسة واشنطن
بعد سنوات من الوجود العسكري الأمريكي في سوريا، يبدو أن واشنطن تتبنى سياسة جديدة تتمثل في تقليص دورها في المنطقة.
بينما يرى البعض أن هذا الانسحاب قد يفتح الباب أمام تصاعد نفوذ دول أخرى، مثل تركيا، إلا أن آخرين يرون أن القرار جزء من استراتيجية أوسع لخفض التدخلات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط.
اقرأ أيضًا: انفجار بندر عباس .. كارثة جديدة لإيران هل تُشبه مرفأ بيروت؟