انسحاب وزير الخارجية الأمريكي من محادثات السلام البريطانية بشأن أوكرانيا

القاهرة (خاص عن مصر)- شهدت محادثات السلام البريطانية لأوكرانيا، انسحاب وزير الخارجية الأمريكي مما أدى إلى تحول في الجهود الدبلوماسية لحل النزاع الدائر بين روسيا وأوكرانيا.

وفقا لتقرير الجارديان، أعلنت وزارة الخارجية البريطانية أن المحادثات الوزارية رفيعة المستوى، التي كان من المفترض أن تضم شخصيات رئيسية من الولايات المتحدة وأوكرانيا وأوروبا، ستُستبدل الآن بمناقشات على المستوى الرسمي.

يأتي هذا التطور بعد انسحاب وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الذي كان من المقرر أن يحضر، بشكل مفاجئ، متذرعًا بعدم قدرته على المشاركة.

رغم أن التصريحات الروسية الأولية بدت وكأنها تُشير إلى استمرار معارضة موسكو لإرسال قوات حفظ سلام إلى أوكرانيا، إلا أن هذه التحركات الدبلوماسية تُشير إلى تحول محتمل في المواقف.

تغير المواقف: محادثات السلام البريطانية لأوكرانيا

أشار وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إلى أن مناقشاته مع روبيو كانت مثمرة، لكنه ألمح إلى أن المحادثات ستُجرى على مستوى أدنى.

أكد لامي على أهمية المناقشات الجارية، مؤكدًا أنها ستستمر رغم التغييرات، مشددًا على أهمية ضمان أمن أوكرانيا في ظل السياق الأوسع للاستقرار الأوروبي الأطلسي.

يظل وفد أوكرانيا، بقيادة أندريه يرماك، رئيس ديوان الرئيس زيلينسكي، ثابتًا على التزامه بالسلام، رغم النكسات اللوجستية.

أكد يرماك، إلى جانب وزير الخارجية أندريه سيبيا ووزير الدفاع رستم عمروف، أن أوكرانيا ستسعى لتحقيق السلام، رغم تصاعد العنف، بما في ذلك هجوم مميت بطائرة مسيرة في مارهانيتس، والذي أودى بحياة تسعة أشخاص قبل ساعات فقط من بدء المحادثات.

محادثات السلام البريطانية لأوكرانيا: التنازلات الروسية وقضية القرم

يأتي هذا التحول في المحادثات وسط تقارير تشير إلى أن روسيا قد تكون مستعدة لتقديم تنازلات كبيرة.

أشارت تقارير مسربة إلى أن موسكو قد تكون مستعدة للتخلي عن مطالبها الإقليمية في ثلاث مناطق أوكرانية تسيطر عليها جزئيًا، مقابل اعتراف الولايات المتحدة رسميًا بضم شبه جزيرة القرم – وهي قضية مثيرة للجدل للغاية.

هذه التقارير، وإن لم تؤكدها الولايات المتحدة أو روسيا رسميًا، أثارت قلقًا وتساؤلات حول تداعياتها المحتملة على المدى الطويل على أوكرانيا والنظام الدولي.

رفضت أوكرانيا رفضًا قاطعًا أي مقترح يتضمن الاعتراف بشبه جزيرة القرم كجزء من روسيا، مؤكدةً أن مثل هذا الاتفاق يتعارض مع دستور أوكرانيا.

أثارت إمكانية الاعتراف بشبه جزيرة القرم كأرض روسية، حتى في إطار اتفاق وقف إطلاق النار، جدلًا واسعًا. وأكد الرئيس الأوكراني زيلينسكي مجددًا أن أوكرانيا لا تستطيع الاعتراف قانونيًا باحتلال شبه جزيرة القرم، مما يشير إلى موقف متشدد يتماشى مع المصالح الوطنية لأوكرانيا وسيادتها.

اقرأ أيضا.. الصين تختبر قنبلة هيدروجينية جديدة.. ما تأثيرها ولماذا تثير مخاوف واشنطن؟

تباين وجهات النظر وعدم اليقين في الدبلوماسية

تشير التطورات الأخيرة إلى مشهد تفاوضي أكثر تعقيدًا وربما هشًا، قد يمثل اقتراح روسيا بتجميد الصراع على طول خطوط المواجهة الحالية خطوة تكتيكية تهدف إلى انتزاع المزيد من التنازلات من الغرب، وخاصة من الولايات المتحدة.

مع ذلك، لا تزال معارضة الكرملين لأي وجود أوروبي لحفظ السلام تشكل عقبة كبيرة. رفضت روسيا مرارًا اقتراحات المملكة المتحدة وفرنسا لقيادة قوة حفظ سلام مؤلفة من 30 دولة في أوكرانيا، وهي خطوة تعتبرها أوكرانيا البديل الوحيد القابل للتطبيق لعضوية الناتو لتأمين حدودها.

ردًا على ذلك، شدد المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، على “التفاصيل الدقيقة” التي تشوب المفاوضات، مشيرًا إلى أن موقف روسيا لا يزال متقلبًا.

بينما قد تبدو روسيا وكأنها تقدم تنازلات بشأن مطالبها الإقليمية، فإن مطالبها الأوسع – بما في ذلك إنهاء المساعدات العسكرية الغربية لأوكرانيا ومنع القوات الأجنبية من دخول البلاد – تشير إلى أن موسكو تسعى إلى تغيير أعمق في ميزان القوى.

تأثير المحادثات الثنائية الأمريكية الروسية

مع تعرض جهود المملكة المتحدة لانتكاسات، يتضح بشكل متزايد أن أهم المحادثات الدبلوماسية قد تجري على المستوى الثنائي بين الولايات المتحدة وروسيا.

تشير التسريبات الأخيرة إلى أن البلدين أحرزا تقدمًا في المحادثات التي قد تمهد الطريق لاتفاق لوقف إطلاق النار، مع احتمال استعداد روسيا للتخلي عن بعض مكاسبها الإقليمية في أوكرانيا مقابل الاعتراف الرسمي بضم شبه جزيرة القرم.

ألمح الرئيس دونالد ترامب إلى الكشف عن “التفاصيل الكاملة” لمقترحات السلام في الأيام المقبلة، إلا أن تعقيد المفاوضات يعني أن نتيجتها لا تزال غير مؤكدة. في الوقت الحالي، ينصب التركيز على قدرة الولايات المتحدة وروسيا على مواصلة محادثاتهما الثنائية دون عرقلة جهود السلام الدولية.