انقلاب أوروبي وغضب أمريكي..كيف خسرت إسرائيل دعم حلفائها بسبب حرب غزة؟

بدأت حكومة إسرائيل تفقد تدريجياً دعم أبرز حلفائها التقليديين، مع استمرار العمليات العسكرية المكثفة في قطاع غزة وتفاقم الأزمة الإنسانية.

وبعد أن حصلت إسرائيل على تفويض غير مسبوق عقب هجمات 7 أكتوبر، يشهد نتنياهو اليوم ما يشبه الانقلاب الدبلوماسي الأوروبي، إلى جانب غضب متصاعد داخل الولايات المتحدة، في وقت يزداد فيه الحديث عن عزلة إسرائيلية غير مسبوقة.

من الدعم غير المشروط إلى الغضب العلني

مع اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، سارع المجتمع الدولي، وخصوصاً الدول الغربية، إلى إعلان دعمها المطلق لإسرائيل، تحت شعار “حق الدفاع عن النفس”، غير أن هذا الدعم بدأ يتآكل تدريجياً مع تزايد أعداد الضحايا المدنيين في غزة، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية، ورفض الحكومة الإسرائيلية كل المبادرات الداعية لوقف إطلاق النار.

وبحسب تقرير لموقع “أكسيوس”، فإن ما وُصف سابقاً بـ”تفويض دولي لإسرائيل” تحوّل إلى “ضغط دبلوماسي غير مسبوق”، خصوصاً بعد فشل وقف إطلاق النار في مارس، ورفض تل أبيب للوساطات الدولية، وشنّها عملية عسكرية لإعادة احتلال القطاع.

موقف أوروبي غير مسبوق من إسرائيل بسبب غزة

في 19 مايو، أصدرت كل من فرنسا وبريطانيا وكندا بياناً مشتركاً جاء فيه: “لن نقف مكتوفي الأيدي بينما تواصل حكومة نتنياهو هذه الأفعال الفاضحة. إذا لم تتوقف إسرائيل عن هجومها العسكري وتفتح المجال للمساعدات الإنسانية، سنتخذ إجراءات ملموسة إضافية”.

وجاء هذا البيان بعد أيام من عملية عسكرية إسرائيلية جديدة داخل غزة ورفض صفقة كانت تتيح إنهاء القتال والإفراج عن الرهائن.

الرد الإسرائيلي كان حاداً، إذ اتهم نتنياهو القادة الثلاثة بـ”خدمة مصالح حركة حماس”، مضيفاً في بيان مصور:
“إذا شكركم القتلة والمغتصبون وخاطفو الأطفال، فأنتم تقفون في الجانب الخطأ من العدالة والإنسانية والتاريخ”.

إجراءات عقابية ضد إسرائيل بسبب حرب غزة

التصعيد الأوروبي لم يبقَ عند حدود البيانات، إذ أعلنت بريطانيا بعد أيام من البيان الثلاثي تعليق مفاوضات التجارة الحرة مع إسرائيل، وفرضت عقوبات جديدة على مستوطنين إسرائيليين متورطين في اعتداءات على الفلسطينيين.

كما اعترفت إسبانيا، إلى جانب النرويج وأيرلندا، بالدولة الفلسطينية رسمياً، وهو ما اعتبر رسالة سياسية واضحة برفض السياسات الإسرائيلية في غزة والضفة.

وفي تطور لافت، أبدى 17 وزير خارجية من أصل 27 في الاتحاد الأوروبي دعمهم لمبادرة هولندية تطالب بإعادة النظر في اتفاقية التعاون التجاري بين الاتحاد وإسرائيل، وهي خطوة تُنذر بإمكانية فرض قيود اقتصادية غير مسبوقة في حال استمرار العمليات العسكرية.

تصعيد أمريكي غير معتاد ضد إسرائيل

رغم ما يبدو من تمسّك الإدارة الأمريكية بدعم إسرائيل، فإن مؤشرات الغضب بدأت تظهر من واشنطن أيضاً. فقد تراجعت إدارة الرئيس دونالد ترامب عن دعمها المعلن لخطة “الترحيل الطوعي” لسكان غزة، ووجّهت تحذيرات مبطّنة لتل أبيب بعدم المضي قدماً في خططها الخاصة بتغيير الواقع الديموغرافي في القطاع.

وكانت تصريحات رسمية أمريكية قد أكدت أن استمرار العمليات العسكرية بهذا الشكل “يضعف فرص التوصل إلى تسوية دائمة”، فيما أبدى مشرّعون جمهوريون وديمقراطيون قلقهم من تحوّل الدعم الأمريكي إلى “شيك مفتوح لحرب لا أفق لها”، بحسب وصف النائب الجمهوري توماس ماسّي.

خلافات داخل حكومة نتنياهو

تشير تقارير مسرّبة من داخل الحكومة الإسرائيلية إلى وجود خلافات عميقة بين المسؤولين بشأن طريقة إدارة الحرب. ففي جلسة مغلقة بمجلس الأمن عقدت في مارس الماضي، حذر وزير الخارجية جدعون ساعر من أن “تشديد الحصار لن يضعف حماس، بل سيؤدي إلى فقدان الدعم الدولي”.

ونقل موقع “أكسيوس” عن مسؤول إسرائيلي رفيع أن قرار وقف دخول المساعدات إلى غزة “اتُخذ لأسباب سياسية داخلية وكان خطأً استراتيجياً كلّف إسرائيل كثيراً على الساحة الدولية”.

هل تعود إسرائيل إلى طاولة العزلة الدولية؟

بحسب تقارير فإن التحركات الأخيرة، من فرض عقوبات أوروبية، إلى تغير اللهجة الأمريكية، تشير إلى أن إسرائيل بدأت تدفع ثمناً دبلوماسياً باهظاً لاستمرار الحرب في غزة، ولرفضها التفاعل مع المبادرات الدولية.

كما تصاعدت الدعوات داخل الأمم المتحدة لإجراء تحقيقات أممية حول الانتهاكات المرتكبة في غزة، في وقت تتزايد فيه المطالب الشعبية في أوروبا والولايات المتحدة بوقف تزويد إسرائيل بالسلاح والمساعدات.

اقرا أيضا

تبدأ أعمالها اليوم.. آلية إسرائيلية جديدة لتوزيع المساعدات في غزة| ما أهدافها؟

زر الذهاب إلى الأعلى