انهيار الديمقراطية.. نهاية سيادة القانون في إسرائيل والولايات المتحدة

في عالمٍ تُختبر فيه قوة الديمقراطيات، أثارت الأحداث الأخيرة مخاوفَ جديةً بشأن ديمقراطية إسرائيل والولايات المتحدة وسيادة القانون.

طرح الكاتب الأمريكي توماس فريدمان، في مقاله بصحيفة نيويورك تايمز، سؤال مضمونه هل نشهد انهيارًا بطيئًا للمؤسسات الديمقراطية في اثنتين -حد وصفه- من أبرز ديمقراطيات العالم؟ في حين أنه من السابق لأوانه الإجابة بشكل قاطع، فإن الاتجاهات السياسية الحالية في كلا البلدين تشير إلى أن السؤال لم يعد نظريًا.

حالة إسرائيل: جهود نتنياهو للسيطرة على السلطة

في إسرائيل، أثارت تصرفات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تساؤلاتٍ حول سيادة القانون. يوم الأحد، أعلن نتنياهو عن نيته إقالة رونين بار، الرئيس لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، الذي يُعادل مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) في الولايات المتحدة.

هذه الخطوة غير مسبوقة – لم يسبق لرئيس وزراء إسرائيلي أن أقال رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، وخاصةً خلال حربٍ مستمرة، حيث لعب بار دورًا محوريًا في عمليات إنقاذ الرهائن والعمليات الأمنية.

كان مبرر نتنياهو للإقالة هو فقدانه الثقة ببار. ومع ذلك، يجادل المنتقدون بأن قرار نتنياهو جزء من استراتيجية أوسع لإضعاف القضاء الإسرائيلي وترسيخ سلطته. وهذا يتماشى مع تصرفات نتنياهو منذ توليه منصبه عام 2023، عندما سعى إلى تقويض استقلال القضاء الإسرائيلي لصالح مزيد من السيطرة التنفيذية.

اقرأ أيضًا: قتال الفصائل يدفع إثيوبيا لحافة الهاوية ويُنذر بحرب إقليمية.. سلام هش ينهار

فضيحة قطر-جيت: أزمة سياسية وقانونية

يثير توقيت قرار نتنياهو المزيد من الشكوك. قبل بضعة أسابيع، فتحت الشرطة الإسرائيلية، بمساعدة جهاز الأمن العام (الشاباك)، تحقيقًا مع المتحدثين باسم نتنياهو ومستشاريه بشأن مزاعم بوجود علاقات مالية مع قطر، وهي دولة معروفة بدعمها لجماعات مثل حماس.

هذه الفضيحة، التي أطلق عليها البعض “فضيحة قطر”، لديها القدرة على التصعيد إلى اتهامات بالخيانة، مما يهدد مستقبل نتنياهو السياسي. ومع ذلك، يبدو أن خطوة نتنياهو لإقالة بار هي محاولة لتهميش التحقيق واستعادة السيطرة.

تدخلت المدعية العامة المستقلة في إسرائيل، غالي بهاراف-ميارا، مشيرةً إلى أن نتنياهو يفتقر إلى السلطة القانونية لإقالة بار أثناء محاكمته بتهم الفساد. وقد أثار هذا القرار أزمة دستورية في إسرائيل، إذ يتحدى قدرة رئيس الوزراء على التأثير على سلطات إنفاذ القانون في وقت بالغ الحساسية.

ديمقراطية إسرائيل والولايات المتحدة

في غضون ذلك، وعلى الجانب الآخر من المحيط في الولايات المتحدة، تطفو على السطح مخاوف مماثلة بشأن تآكل سيادة القانون تحت تأثير الرئيس السابق دونالد ترامب.

في التقارير الأخيرة، وجدت إدارة ترامب نفسها على خلاف مع السلطة القضائية، كما يتضح في قضية المعتقلين الفنزويليين الذين نُقلوا جواً إلى السلفادور رغم أمر قاضٍ فيدرالي بإعادتهم إلى الولايات المتحدة. ويعكس هذا الاستخفاف بالسلطة القضائية الوضع في إسرائيل، حيث تُختبر تصرفات القيادة السياسية أسس الحكم الديمقراطي.

بينما تخوض إدارة ترامب معركةً مع السلطة القضائية، يخشى الكثيرون أن سيادة القانون في الولايات المتحدة مهددةٌ بالمثل. ففي كلا البلدين، يُعدّ تركيز السلطة في يد السلطة التنفيذية وتراجع استقلال القضاء مؤشرين على أزمةٍ أعمق قد تُقوّض المبادئ ذاتها التي بُنيت عليها هذه الديمقراطيات.

التداعيات على الديمقراطية: دعوةٌ للتحرك

يُشكّل التجاهل المتزايد للضوابط والتوازنات في إسرائيل والولايات المتحدة تهديدًا خطيرًا للديمقراطية. ففي كلا البلدين، تتجاوز القيادة حدودها الدستورية، مُضعفةً المؤسسات المُصمّمة للحفاظ على فصل السلطات. والعواقب المحتملة وخيمة – ليس فقط على الاستقرار السياسي في هذين البلدين، بل على المكانة العالمية للديمقراطيات عمومًا.

إذا استمرت هذه الاتجاهات دون رادع، فقد تُؤدي إلى تآكل الحريات المدنية، وإسكات المعارضة، وترسيخ السلطة الاستبدادية. وكما يُشير توماس فريدمان، من الأهمية بمكان أن ترسم الدولتان خطوطًا حمراء وتدافعا عنها. ويجب الحفاظ على سيادة القانون، وإلا فإن إسرائيل والولايات المتحدة قد تجدان نفسيهما على مسار خطير نحو إضعاف الحكم الديمقراطي.

زر الذهاب إلى الأعلى