بابا الفاتيكان طلب زيارتها.. دولة عربية مرشحة لتكون قبلة كاثوليك العالم.. ما القصة؟

كشفت تقارير صحفية أن بابا الفاتيكان الجديد ليو الرابع عشر وجه رسالة لأحد رؤساء الدول العربية خلال حفل تنصيبه يستأذن في زيارة تلك الدولة التي قد لا تخطر على بال الكثيرين عندما يُذكر التاريخ المسيحي أو مواقع الحج الكاثوليكي.
وبحسب وسائل إعلام فإن البابا طلب زيارة الجزائر، تلك البلد الواقع في شمال إفريقيا، والذي يضم إرثًا دينيًا مسيحيًا ضخمًا يعود إلى العصور الرومانية، حيث وُلد ونشأ فيه أحد أعمدة اللاهوت المسيحي في التاريخ، القديس أوغسطين.
خارجية الجزائر تكشف مفاجأة عن بابا الفاتيكان
ووفق بيان لوزارة الخارجية الجزائرية فقد وجه البابا ليو الرابع عشر رسالة “خاصة” إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، عبر له فيها عن “رغبته الصادقة” في زيارة الجزائر، وذلك بعد توليه منصب الحبر الأعظم في الفاتيكان مباشرة.
وبحسب البيان، فقد نقل الرسالة سفير الجزائر لدى الكرسي الرسولي، رشيد بلادهان، الذي حضر القداس لتهنئة البابا الجديد، بمناسبة انتخابه لمنصب “بابا الكنيسة الكاثوليكية، ورئيس دولة الفاتيكان”.
الطلب البابوي المفاجئ زاد من الترقب في الأوساط الكنسية والإعلامية، إذ إن زيارة بابا الفاتيكان لدولة مثل الجزائر قد تحمل في طياتها أبعادًا دينية، ثقافية، وسياسية، وتُعيد إلى الأذهان أهمية هذه الدولة في خارطة المسيحية الأولى، عندما كانت مدن مثل هيبون (عنابة حاليًا) وقرطاج وقسنطينة مراكز إشعاع روحي ومعرفي في القرون الأولى للميلاد.
الجزائر وتاريخها المسيحي المنسي
رغم أن الجزائر تُعرف اليوم بأنها بلد ذو أغلبية مسلمة، إلا أن أراضيها كانت في القرون الأولى مركزًا مهمًا للكنيسة الغربية. ويكفي أنها كانت موطن القديس أوغسطين، أحد أبرز المفكرين في التاريخ المسيحي، والذي لا تزال كتاباته تُدرّس في جامعات العالم حتى اليوم.
وقد كان لمدينته “هيبون” مكانة عظيمة في العالم المسيحي آنذاك، ولا تزال أطلال كنيسته ومكتبته تشهد على عظمة تلك الحقبة.
بالإضافة إلى أوغسطين، كانت الجزائر تحتضن عشرات الأساقفة، وقد استمرت الكنيسة في نشاطها حتى دخول الإسلام إلى شمال إفريقيا في القرن السابع.
ومع مرور الزمن، تراجع الحضور المسيحي في الجزائر، إلا أن آثاره المعمارية والثقافية لا تزال حاضرة، ما يجعلها مؤهلة لأن تلعب دورًا جديدًا في الحراك الكاثوليكي العالمي.
لماذا يريد بابا الفاتيكان زيارة الجزائر اليوم؟
أشارت رسالة البابا بوضوح إلى دوافع رغبته في زيارة الجزائر، وإلى علاقته الشخصية بها؛ حيث ذكر في حديثه مع السفير الجزائري أنه يرغب في رؤية مسقط رأس القديس أوغسطين، أبرز أعلام الفكر المسيحي، وأعظم الآباء اللاتين في الكنيسة الكاثوليكية، بعد بولس الرسول.
وعرّف الحبر الأعظم نفسه، في خطاب تنصيبه، بأنه “ابن القديس أوغسطين”، قائلاً إنه يفتخر باتباع فكره ومنهجه في الدين والحياة. ولا شك في أن هذه الرابطة الروحية، دفعته إلى التعبير عن رغبته في زيارة الأرض التي أنجبت معلمه في الفكر وقدوته في العقيدة.
هل تصبح الجزائر وجهة حج جديدة لكاثوليك العالم بعد زيارة بابا الفاتيكان؟
إذا تمت الزيارة البابوية، فقد تتحول الجزائر إلى وجهة جديدة للحج الكاثوليكي، حيث من المتوقع أن يتزايد اهتمام المؤمنين الكاثوليك بزيارة المواقع الدينية والتاريخية المرتبطة بالقديس أوغسطين وغيره من رموز الكنيسة الأولى.
وستكون مدينة عنابة على وجه الخصوص في قلب هذا الحراك، لما تحتضنه من كنيسة سانت أوغسطين، التي تم ترميمها مؤخرًا.
ويرى خبراء في السياحة الدينية أن الجزائر تمتلك مؤهلات كبيرة لتكون قبلة دينية وسياحية في آنٍ معًا، إذا ما تم الترويج لهذا الجانب بالشكل المناسب، مع تطوير البنية التحتية وتسهيل الإجراءات أمام الزوار الأجانب.
الجزائر قد تتحول لمنارة روحية للعالم
وإذا تمت زيارة البابا فرنسيس إلى الجزائر فعلًا، فإنها ستكون زيارة رمزية من الطراز الرفيع، تحمل رسائل تتجاوز البعد الديني إلى آفاق ثقافية وإنسانية واسعة.
كما أنها قد تفتح بابًا جديدًا أمام الجزائر لتعزيز حضورها على الساحة الروحية العالمية، ليس فقط كموقع تاريخي، بل كحاضنة لحوار حضاري عميق بين الإسلام والمسيحية. فهل تتحول الجزائر من جديد إلى منارة روحية للعالم؟ الأيام القادمة قد تحمل الإجابة.
اقرأ أيضا
يراها حربًا أبدية.. كيف يؤثر تعيين رئيس الشاباك الجديد على مستقبل الوضع في غزة؟