باكستان أول دولة إسلامية تمتلك الردع الشامل.. كيف أصبحت سابع أكبر قوة نووية في العالم؟

تُعد باكستان سابع أكبر قوة نووية في العالم، ويُقدّر حجم ترسانتها النووية حتى عام 2025 بحوالي 170 رأسًا نوويًا، وتتمتع البلاد ببنية تحتية نووية متقدمة، تتيح لها مواصلة تخصيب اليورانيوم، إلى جانب امتلاكها لعدد من المفاعلات القادرة على إنتاج البلوتونيوم، فضلاً عن امتلاكها منظومة متطورة ومتعددة الوسائط لإطلاق الأسلحة النووية.
باكستان أول دولة إسلامية تدخل النادي النووي
باكستان هي واحدة من عدة دول تمتلك السلاح النووي على مستوى العالم، كما أنها تُعد أول دولة إسلامية تدخل النادي النووي، وهو ما جعل بعض الخطابات الدعائية تشير إلى ترسانتها بأنها “القنبلة الإسلامية”.
وقد انضمت رسميًا إلى قائمة القوى النووية عقب تنفيذها سلسلة من التجارب النووية الناجحة في عام 1998.
ورغم الضغوط الدولية، التي شملت تدقيقات أممية صارمة وعقوبات اقتصادية وعسكرية متنوعة، فقد تمسكت باكستان بحقها في الاحتفاظ بترسانتها النووية وتطويرها، استنادًا إلى ما تُسميه “الحد الأدنى من الردع”.

تطور المفهوم النووي لـ “الردع الشامل”
لكن مع تعاظم التهديدات، خصوصًا من جانب الهند، العدو النووي التقليدي، تطور هذا المفهوم لاحقًا إلى ما يُعرف بـ”الردع الشامل”، والذي يهدف إلى مواجهة أي خطر استراتيجي يهدد الأراضي الباكستانية، وخاصة في ظل النزاع المستمر حول إقليم كشمير.
وفي عام 2015، أعلنت باكستان عن تطويرها أسلحة نووية تكتيكية، يمكن استخدامها ميدانيًا في أرض المعركة، وهو ما عدّ تحولًا في استراتيجيتها الدفاعية.
كما وسعت لاحقًا من قدراتها البحرية في مجال الردع النووي، حيث أجرت تجربة صاروخية من منصة بحرية تحت سطح الماء عام 2017، لتعزز بذلك عنصر التنوع في منصات الإطلاق.
باكستان تسعى لتوسيع خياراتها النووية
أدركت القيادة الباكستانية أن قواتها المسلحة التقليدية أقل تفوقًا مقارنةً بنظيرتها الهندية، ما دفع المسؤولين إلى التشديد على ضرورة الانتقال إلى مبدأ الردع الشامل، وهو ما يتطلب امتلاك ترسانة نووية أكبر، وأكثر تنوعًا من حيث أنواع الرؤوس الحربية ومنظومات الإطلاق، إضافة إلى مستويات أعلى من الجاهزية العملياتية.
وتنفيذاً لهذه العقيدة، حرصت إسلام آباد على تطوير ثلاثة أنواع من الأسلحة النووية:
الأسلحة الإستراتيجية لضرب العمق الهندي.
الأسلحة العملياتية لاستخدامها ضد قواعد وتمركزات عسكرية
الأسلحة التكتيكية لاستخدامها في أرض المعركة.
وتتمتع هذه الأسلحة بقدرة تغطية واسعة تصل إلى 2750 كيلومترًا، وهو ما يسمح لها بتغطية كامل الأراضي الهندية، والاحتفاظ بخيار توجيه ضربة انتقامية شاملة مضادة، تُعادل على الأقل شدة الضربة التي قد تتلقاها، بما يشمل أهداف القيمة والقوة وساحة المعركة.
اقرأ أيضاً.. سمعة رافال على المحك.. هل تعيد الإمارات وإندونيسيا حساباتهما بشأن صفقات المقاتلة الفرنسية؟
منظومة توصيل متعددة المجالات: براً وجواً وبحراً
عملت باكستان على تطوير شبكة توصيل متكاملة للرؤوس النووية، تشمل أنظمة إطلاق برية وجوية، مع تقدم مستمر في المجال البحري.
المنصات البرية:
إسلام آباد تمتلك ترسانة من الصواريخ الباليستية المحمولة برًا، القادرة على حمل رؤوس نووية بأنواع مختلفة:
حتف-2 (عبدلي): مدى 180 كم
حتف-3 (غزنوي): مدى بين 250 و290 كم
حتف-4 (شاهين): مدى 750 كم
حتف-5 (غوري): مدى 1250 كم
حتف-6 (شاهين-2): مدى يصل إلى 2000 كم
شاهين-1 آي: مدى 900 كم
شاهين-3: مدى 2750 كم
أبابيل: صاروخ متقدم يبلغ مداه 2200 كم
سيناريو الحرب النووية: دراسة تحاكي الكابوس
نشرت “نشرة علماء الذرة” (The Bulletin of the Atomic Scientists) في عام 2019 دراسة افتراضية تحاكي اندلاع نزاع نووي شامل بين الهند وباكستان في عام 2025.
ورغم طابعها النظري، فإن هذه الدراسة تستند إلى عناصر واقعية، تعكس هشاشة الردع النووي في منطقة جنوب آسيا، خصوصًا مع تصاعد التوترات المستمرة بين البلدين.
السيناريو يبدأ بوقوع هجوم إرهابي يستهدف البرلمان الهندي، يُسفر عن مقتل عدد من كبار القادة السياسيين، ويُحدث صدمة سياسية كبرى. في هذا المناخ المضطرب، تتولى المؤسسة العسكرية الهندية زمام المبادرة، وتقرر الرد بعملية برية كبيرة داخل الأراضي الباكستانية، خاصة في منطقة كشمير.
وتواجه القيادة العسكرية الباكستانية هذا التطور بخيارات محدودة نظرًا للتفوق الهندي التقليدي، ما يدفعها لتفعيل عقيدتها الخاصة بـ”الاستخدام الأول” للسلاح النووي، وتلجأ إلى استخدام أسلحة نووية تكتيكية لوقف الهجوم.
مستقبل غامض وتاريخ من الحروب
صحيح أن هذا السيناريو لا يزال ضمن الاحتمالات النظرية، إلا أن احتمال تحققه يثير قلقًا عالميًا بالغًا .. فقد خاضت الهند وباكستان أربع حروب تقليدية:
الأولى عام 1947
الثانية عام 1965
الثالثة عام 1971
الرابعة عام 1999
إضافة إلى عشرات الاشتباكات والمناوشات الحدودية، التي خلفت خسائر جسيمة في الأرواح، مما يعكس مدى هشاشة الاستقرار في هذه المنطقة.
وفي ظل هذا الإرث من العداء، يبقى احتمال الانزلاق إلى التصعيد النووي قائمًا، لا سيما في حال سيطرت القرارات الانفعالية على القادة السياسيين.
مقارنة مع الهند: توازن دقيق في سباق التسلح النووي
وفقًا لتقرير معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي (SIPRI) لعام 2024، تمتلك الهند حوالي 170 رأسًا نوويًا، كما تمتلك باكستان نحو 170 رأسًا نوويًا أيضاً .. مما يجعل الكفة متقاربة من حيث العدد، لكن النوعية، والمنصات، والعقيدة العسكرية تبقى عوامل حاسمة في هذا السباق الخطير نحو الردع.
اقرأ أيضاً.. تعمل بالذكاء الاصطناعي.. بولندا تُعزّز قدراتها الدفاعية بـ10 الآف طائرة وارميت انتحارية