بحر المانش يشتعل باللاجئين.. هل تنجح قمة باريس – لندن في وقف قوارب الهجرة؟
تزامناً مع انطلاق القمة الفرنسية البريطانية التي تُخصص جزءاً من أعمالها لمكافحة الهجرة غير الشرعية، يشهد بحر المانش تصاعداً دراماتيكياً في أعداد القوارب الصغيرة التي تحاول عبور القناة من فرنسا إلى المملكة المتحدة، ما يضع رؤساء البلديات الساحلية في مواجهة مباشرة مع ظاهرة باتت تؤرق السكان المحليين وتُهدد بتداعيات أمنية وإنسانية خطيرة.
وبحسب وسائل إعلام فعلى بعد مئات الأمتار من شاطئ “غرافلينز”، وتحديداً في حديقة بودلر، لا تزال آثار المهاجرين واضحة للعيان. بطانيات نجاة ذهبية، ومخلفات متفرقة، تشي بمرور مجموعات سعت إلى العبور ليلاً.
ويؤكد نائب رئيس البلدية لشؤون الأمن أن الأيام المشمسة تشهد ما بين أربع إلى خمس محاولات عبور يومياً، خصوصاً في المنطقة الممتدة من دانكيرك إلى غرافلين.
ورغم أن هذه المنطقة لم تكن ضمن نقاط العبور قبل عام 2022، فإنها تحولت منذ ذلك الحين إلى إحدى أبرز محطات الانطلاق، حيث يختبئ المهاجرون في الكثبان الرملية أو الغابات بانتظار الضوء الأخضر من المهربين.
أرقام مقلقة حول معاناة اللاجئين
منذ بداية العام الحالي، تمكن أكثر من 20 ألف مهاجر من عبور القناة عبر قوارب مطاطية، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 48% عن عام 2024، و75% عن عام 2023، في مؤشر خطير على تعقّد الوضع وعدم فاعلية الحلول الحالية.
تضم غرافلين نحو 11 ألف نسمة فقط، لكن النشاط الكثيف للمهاجرين أثار استياءً متزايداً بين السكان. بعضهم أفاد باندلاع حرائق في حدائق منازلهم، وآخرون تحدثوا عن سماع طلقات نارية يُعتقد أنها نتيجة لتصفيات بين المهربين.
ويحذّر آلان بونيفاس، نائب رئيس البلدية، من أن الوضع ينذر بمزيد من التصعيد، مؤكداً على وجود آثار لمعسكرات ليلية في الغابات المحيطة بالبلدة.
اقتصاد مزدهر يواجه التهديد
تعرف غرافلين بمحطة توليد الطاقة التي تُعد الأكبر في أوروبا الغربية، ما خلق ديناميكية اقتصادية جذبت العديد من الشركات. غير أن العمدة يؤكد أن “التوترات الأمنية الحالية قد تُعطل هذه التنمية”.
وأضاف “كل شركة تؤسس فرعاً في دانكيرك تؤسس فرعاً في غرافلين أيضاً، لكن استمرار هذه الفوضى الأمنية سيضر بالاستثمارات”.
ضغط بريطاني لمواجهة قوارب المهاجرين
البريطانيون يطالبون السلطات الفرنسية بتكثيف التدخل الأمني وسن قوانين جديدة تتيح للشرطة والجيش الفرنسيين التحرك حتى مسافة 300 متر داخل البحر. ويُفترض أن يشمل هذا القانون حوالي 1200 عنصر أمني يعملون تحت إشراف ضابط بحري.
وفي سابقة لافتة، أظهر تحقيق أجرته شبكة “بي بي سي” قيام رجال شرطة فرنسيين بثقب أحد القوارب المطاطية في البحر لمنعه من الانطلاق. وللمرة الأولى، دافعت السلطات الفرنسية علناً عن هذه الإجراءات، رغم الجدل الواسع الذي أثارته.
جمعيات إنسانية تحذر من كوارث جديدة
لكن هذه الأساليب تثير قلقاً متزايداً لدى جمعيات مساعدة المهاجرين، إضافة إلى ضباط في الشرطة أنفسهم، خصوصاً مع مصرع 15 مهاجراً في المنطقة الساحلية البريطانية منذ بداية العام.
ويقول مارك موسيول، المسؤول في وحدة شرطة الحدود، إن المعدات التي يحملها رجال الشرطة تزن 10 كيلوغرامات، ما يجعل دخولهم إلى المياه في غاية الصعوبة.
بدوره، طالب نائب مسؤول الأمن في غرافلين بإنشاء “منطقة خالية من المخيمات” على الساحل الفرنسي، لتقليل فرص انطلاق القوارب.
المهاجرون يدفعون حياتهم ثمناً
ينتشر المهاجرون حالياً في مخيمات رئيسية في لون بلاج وكاليه، إضافة إلى مساكن عشوائية عديدة على امتداد الساحل الفرنسي. في كاليه وحدها، يعيش أكثر من 200 مهاجر، معظمهم من السودانيين، في مستودع متهالك مخصص للإخلاء في سبتمبر المقبل.
صباح كل يوم، تصطف عشرات الوجوه أمام شاحنة جمعية “سلام” للحصول على وجبة بسيطة: خبز، ماء، موز، وكعك. تقول يولين، وهي متطوعة تبلغ من العمر 66 عاماً، إن “المهاجرين غالباً ما يحملون طعاماً إضافياً للاختباء في الكثبان الرملية لأيام قبل العبور”.
اقرأ أيضا
ميليشيات تلاحق اللاجئين على الحدود.. ماذا يحدث بين بولندا وألمانيا؟