بدفعة استثمارية ضخمة.. السعودية في طريقها لتصبح عاصمة الجولف بالخليج

تعزز المملكة العربية السعودية طموحاتها لتصبح عاصمة الجولف في الخليج والوجهة الرائدة للرياضة في المنطقة، معلنةً عن شراكة مع جيم بالسيلي، المؤسس المشارك لشركة بلاك بيري، بهدف إحداث نقلة نوعية في مشهد الجولف المتواضع في المملكة.

وفقا لتقرير فاينانشال تايمز، تهدف هذه المبادرة، التي تبلغ قيمتها 100 مليون دولار على مدى خمس سنوات، إلى تطوير منتجعات جولف فاخرة في جميع أنحاء البلاد وجذب الزوار الدوليين والمواطنين السعوديين إلى هذه الرياضة.

من المناطق الوعرة إلى الخضراء: خطة سياحية استراتيجية

تتخلف المملكة العربية السعودية حاليًا عن جيرانها الإقليميين مثل الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان من حيث عدد ملاعب الجولف ومكانتها المرموقة. ومع ذلك، وفي ظل خطة التنويع الاقتصادي لرؤية 2030، تُعطي المملكة الأولوية لمشاريع السياحة وأسلوب الحياة الراقية – وأصبحت رياضة الجولف الآن في صدارة الاهتمامات.

صرّح جيم بالسيلي، مالك شركة “جولف نورث”، أكبر مشغل لملاعب الجولف في كندا، لصحيفة “فاينانشيال تايمز” بأن المزيج الفريد الذي تتميز به المملكة العربية السعودية من تاريخ وجمال طبيعي وكرم ضيافة يُمثل فرصةً قيّمةً. قال: “انضموا إلينا للاستمتاع بالتاريخ والجمال الطبيعي وكرم الضيافة الأسطوري. ابقوا معنا للاستمتاع بالجولف وأسلوب الحياة العصري.”

يخطط بالسيلي لإنشاء ما يصل إلى 100 ملعب جولف على المدى الطويل، مع العلم أن الهدف المباشر هو تطوير سبعة إلى عشرة مواقع فاخرة، ومن المتوقع أن يبدأ العمل في أولها بالقرب من ساحل جدة على البحر الأحمر في وادي عسلة – وهو مكب سابق لمياه الصرف الصحي يُعاد تصميمه الآن كوجهة رئيسية.

الحجاج المسلمون وأسواق الغولف الجديدة

تتجاوز الاستراتيجية مجرد السياحة النخبوية: يهدف بالسيلي إلى الاستفادة من ملايين الحجاج المسلمين الذين يزورون مكة المكرمة سنويًا، وتشجيعهم على تمديد إقامتهم لتجربة غولف عالمية المستوى. وقال: “الأمر يتعلق بتقديم شيء جديد وعصري لسوق يقصدها بالفعل لأسباب روحية”.

تُموّل شركة بالسيلي وشريكها المحلي “سمو جلوبال للاستثمار” هذه المشاريع، على أمل جذب مستثمرين دوليين إضافيين. والجدير بالذكر أن المشروع لا يعتمد حاليًا على التمويل الحكومي أو الإعفاءات الضريبية، وهي نقطة يرى بالسيلي أنها قد تتغير مع نمو القطاع.

رياضة صاعدة

شهدت رياضة الجولف في المملكة العربية السعودية ارتفاعًا ملحوظًا منذ عام 2017، عندما أصبح ياسر الرميان، لاعب الجولف الشغوف ومحافظ صندوق الاستثمارات العامة، رئيسًا لاتحاد الجولف في المملكة. وتلا ذلك جهود شعبية واسعة، حيث قدّم دروسًا وتدريبًا مجانيًا لجميع السعوديين، بغض النظر عن خبراتهم.

يُنسب عبد الرحمن حركاتي، المدير التنفيذي في الرياض، الفضل لهذه الجهود في إثارة موجة جديدة من الاهتمام المحلي: “لقد استقدموا مدربين أجانب ورحّبوا بالرجال والنساء والأطفال. والآن، يلعب العديد من السعوديين الجولف في نهاية كل أسبوع”.

كما أحدث دعم صندوق الاستثمارات العامة، البالغ 3.9 مليار دولار أمريكي، لجولة LIV للجولف نقلة نوعية في هذه الرياضة العالمية، حيث استقطب أفضل المواهب الدولية ورفع من مكانة المملكة، ويجري حاليًا تطوير العديد من الملاعب المرموقة، بما في ذلك مشروع مميز لجاك نيكلاوس بالقرب من الرياض.

أقرا أيضا.. إجراءات “هيجسيث” تثير الجدل.. قيود صارمة على الصحافة بالبنتاجون لمواجهة التسريبات

الاستدامة والتحديات

على الرغم من النمو السريع، يُشكل مناخ المملكة العربية السعودية القاسي ومواردها المائية المحدودة تحديات فريدة لتطوير ملاعب الجولف.

يؤكد مشغلو الملاعب التزامهم بالممارسات المستدامة، بما في ذلك إعادة تدوير المياه، وغرس الأشجار، واستخدام الطاقة المتجددة. ومع اعتماد المملكة على تحلية مياه البحر، هناك ضغوط لضمان ألا يتعارض النمو “الأخضر” مع الحفاظ على البيئة.

التنافس على دولار السياحة الفاخرة

يأتي هذا التوجه السعودي في الوقت الذي يُقدم فيه المنافسون الإقليميون خططهم الخاصة: إذ تخطط منظمة ترامب لإنشاء منتجع جولف بقيمة 500 مليون دولار في عُمان، ولا تزال الإمارات العربية المتحدة وجهة رائدة للجولف.

يتساءل بالسيلي نفسه: “لماذا لم يُنفَّذ هذا النوع من المشاريع قبل 10 أو 20 عامًا، عندما كانت عُمان والإمارات العربية المتحدة تقومان بالشيء نفسه؟”

في حين ركّزت الحكومة على الإسكان بأسعار معقولة، فإن مشاريع التطوير الجديدة التي تُعنى بـ”نمط الحياة” والمُوجّهة نحو رياضة الجولف تستهدف بوضوح الطبقة المتوسطة العليا والسياح الأثرياء، مما يُعزّز هدف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في تعزيز ملكية المنازل وترسيخ مكانة المملكة العربية السعودية كوجهة جذب للزوار العالميين.

قال بالسيلي: “يتماشى هذا النوع من التطوير مع سعي المملكة نحو المزيد من السياحة والسكن – والجولف هو الرابط الوثيق بين كل ذلك”.