برلين تتخلى عن كييف.. ألمانيا ترفض تزويد أوكرانيا بصواريخ “توروس” بعيدة المدى

أعلن وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس في كييف ليؤكد أن برلين لن تُرسل صواريخ “توروس” بعيدة المدى إلى أوكرانيا رغم الدعوات المتكررة من كييف.
وبدلاً من ذلك أعلنت ألمانيا عن حزمة تمويل إضافية بقيمة 1.9 مليار يورو تُضاف إلى 7 مليارات تعهدت بها سابقًا لدعم القطاع الدفاعي الأوكراني.
“توروس”: صاروخ يُثير الجدل السياسي
يُعد صاروخ “توروس” KEPD 350 من أكثر الأسلحة إثارة للجدل في سياق الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا.
فالصاروخ، الذي يتجاوز مداه 500 كيلومتر، يتمتع بقدرات اختراق دقيقة ومتفوقة تسمح له باستهداف منشآت روسية حساسة خلف الخطوط الأمامية.
غير أن الحكومة الألمانية لطالما تعاملت بحذر مع تزويد كييف بهذا النوع من السلاح، مخافة التصعيد المباشر مع موسكو.
ورغم أن صواريخ بريطانية وفرنسية مشابهة مثل “ستورم شادو” و”سكالب” قد نُقلت فعلياً لأوكرانيا، فإن “توروس” يتفوق من حيث المدى وقوة الرأس الحربي، ما جعله مطلباً حيوياً للقادة العسكريين الأوكرانيين.
الموقف الألماني: دعم مالي مشروط وتحفظ استراتيجي
يعود الحذر الألماني إلى عدة عوامل: أبرزها الاعتبارات الأمنية المرتبطة باستخدام الصواريخ ضد أهداف داخل الأراضي الروسية، خاصة بعد تسريب مكالمة عسكرية ألمانية في 2024 تضمنت سيناريوهات محتملة لاستهداف جسر كيرتش.
كما أظهرت استطلاعات رأي محلية أن أغلبية الألمان يعارضون تسليم صواريخ “توروس”، في ظل استمرار حساسية الرأي العام تجاه التصعيد العسكري.
ويبدو أن هذا التوجه لا يزال حاكماً حتى في عهد المستشار الجديد فريدريش ميرز، الذي خفف من مواقفه الداعية لتسليم الصواريخ بعد توليه السلطة.
- صاروخ توروس الألماني فائق السرعة
رد أوكراني محبط ومُغطّى بالدبلوماسية
في المؤتمر الصحفي المشترك، رحّب الرئيس فولوديمير زيلينسكي بالمساعدات المالية، لكنه أعاد تأكيد حاجة بلاده إلى الأسلحة الدقيقة بعيدة المدى، مشيراً إلى أن التمويل لا يمكن أن يُعوّض الأثر الحاسم الذي توفره صواريخ مثل “توروس” في مواجهة الهجوم الروسي، خصوصاً في جبهات مثل دونيتسك.
وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف أكد بدوره أن المال يعزز الإنتاج المحلي، لكنه لا يُغير توازن اللقوى ميدانياً.
وقد عبّرت منشورات عديدة على منصات التواصل الأوكرانية عن إحباط واضح، منتقدة الموقف الألماني بوصفه “تضامناً منقوصاً”.
دعم بديل: صناعة محلية وتسليح غير فتاك
الحزمة المالية الألمانية الأخيرة ستُوجه لتمويل مشاريع إنتاج مشترك بين شركات ألمانية وصناعات دفاعية أوكرانية، بالإضافة إلى تزويد كييف بأنظمة دفاع جوي مثل Iris-T وذخائر مدفعية.
وتهدف هذه المبادرات إلى تحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي العسكري لأوكرانيا على المدى البعيد.
لكن الخبراء يُحذّرون من أن هذا الدعم، رغم أهميته، لا يُعالج الحاجة الملحة لسد الفجوة في القدرات الهجومية الدقيقة طويلة المدى التي تُمكّن من ضرب العمق الروسي.
بين الواقعية السياسية والضغوط العسكرية
يبدو أن الموقف الألماني يُجسّد محاولة للموازنة بين دعم الحلفاء وتجنب الانجرار إلى تصعيد شامل مع روسيا.
ومع أن ألمانيا تبقى ثاني أكبر مزوّد عسكري لأوكرانيا بعد الولايات المتحدة، فإن إحجامها عن تزويد كييف بـ”توروس” لا يزال يُثير استياء داخل بعض دوائر الناتو، خاصة أن واشنطن ولندن وباريس اتخذت مواقف أكثر انفتاحاً تجاه تسليم أسلحة طويلة المدى.
وفي حين تُواصِل موسكو هجماتها في دونيتسك، تعتمد أوكرانيا على طائرات بدون طيار محلية أو صواريخ أقل مدى، في غياب “توروس”، ما يُضعف قدرتها على تعطيل خطوط الإمداد الروسية الحيوية.
اقرأ أيضًا.. تصعيد روسي جديد بعد خسائر فادحة في أسطول Tu-95 .. الكرملين يدفع بـ”البجعة البيضاء” إلى سماء أوكرانيا