برنامج الفضاء الإيراني ينمو بقوة رغم العقوبات الأمريكية

القاهرة (خاص عن مصر)- يُحرز برنامج الفضاء الإيراني تقدمًا ملحوظًا رغم العقوبات الأمريكية المستمرة، مما يُثير مخاوف الغرب بشأن تطبيقاته العسكرية المحتملة، وبمساعدة روسيا، تُطوّر إيران تكنولوجيا الفضاء والصواريخ، وتُنشئ بنية تحتية متينة لإطلاق الأقمار الصناعية والصواريخ.

يُنظر إلى هذا التوسع كخطوة استراتيجية لتعزيز القدرات الدفاعية للبلاد، مع مواجهة الضغوط الاقتصادية الناجمة عن العقوبات. ومع تنامي طموحات إيران الفضائية، تتزايد المخاوف الدولية بشأن التداخل بين تكنولوجيا الإطلاق الفضائي وتطوير الصواريخ الباليستية.

إعلان

تشابهار: مركز الفضاء الإيراني الجديد

وفقا لبلومبرج، تشهد مدينة تشابهار الساحلية جنوب شرق إيران، الواقعة بالقرب من خليج عُمان، تحولًا إلى مركز فضائي حيوي. صُمم هذا الميناء الفضائي، المقرر افتتاحه في وقت لاحق من هذا العام، لدعم طموحات إيران الفضائية المتنامية، على غرار دور كيب كانافيرال في الولايات المتحدة.

يوفر موقع تشابهار الأقرب إلى خط الاستواء ميزة استراتيجية لإطلاق الصواريخ، إذ يسمح باستغلال أفضل لدوران الأرض لزيادة كفاءة الصواريخ.

بمجرد اكتماله، سيُشكل ميناء تشابهار الفضائي محور برنامج الفضاء الإيراني الطموح، والذي يشمل تطوير شبكات الأقمار الصناعية وتقنيات فضائية أخرى. وبينما يتماشى هذا التطوير مع الأهداف الاقتصادية لإيران، إلا أن له أيضًا آثارًا عسكرية، نظرًا للطبيعة المزدوجة لاستخدام تقنيات الفضاء – سواءً للتطبيقات المدنية أو لتطوير الصواريخ.

العقوبات الأمريكية وتحدي إيران

على الرغم من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة، والتي استهدفت وكالة الفضاء الإيرانية بسبب مخاوف من إمكانية استخدام تكنولوجيا الإطلاق الفضائي لديها لتطوير الصواريخ الباليستية، فقد تمكنت إيران من مواصلة تطوير برنامجها الفضائي.

تهدف العقوبات الأمريكية إلى منع إيران من تطوير تكنولوجيا قد تُختصر المدة الزمنية لإنتاج الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، وهو مصدر قلق أعرب عنه مسؤولون أمريكيون، مثل الجنرال أنتوني كوتون من القيادة الاستراتيجية الأمريكية.

يرتبط برنامج الفضاء الإيراني ارتباطًا وثيقًا بتطوير الصواريخ، حيث تتمتع صواريخ مثل حاملة الأقمار الصناعية “سيمرغ” ثنائية المرحلتين بإمكانية استخدامها في تطوير الصواريخ بعيدة المدى.

يثير هذا التداخل في التكنولوجيا قلق الولايات المتحدة وحلفائها، الذين يخشون أن يتحول التقدم في استكشاف الفضاء إلى تهديدات عسكرية في شكل صواريخ باليستية عابرة للقارات.

دور روسيا في التوسع الفضائي الإيراني

حظي برنامج الفضاء الإيراني بدعم كبير من روسيا، التي دأبت على توفير الخبرة والتكنولوجيا لمساعدة طهران على تطوير قدراتها.

في عام 2024، أطلق صاروخ روسي بنجاح أول قمرين صناعيين إيرانيين مطورين محليًا إلى مدارهما. يعكس هذا التعاون الشراكة الاستراتيجية المتنامية بين البلدين، لا سيما في مجال التكنولوجيا العسكرية والفضائية.

كانت الخبرة الروسية الواسعة في استكشاف الفضاء لا تُقدر بثمن لإيران، حيث مكّنت الجمهورية الإسلامية من تسريع تقدمها في تكنولوجيا الفضاء. ويُنظر إلى المساعدة الروسية على أنها عامل حاسم في قدرة إيران على تطوير أنظمة فضائية وصاروخية أكثر تطورًا، والتي من شأنها تعزيز قدراتها العسكرية.

اقرأ أيضا.. ثغرات العمود الفقري المالي الأمريكي.. كيف ستتطور أزمة الدولار؟ 

التطبيقات العسكرية الإيرانية والمخاوف الاستراتيجية

لا تُعدّ قدرة إيران المتنامية على إطلاق الأقمار الصناعية إنجازًا علميًا فحسب، بل عسكريًا أيضًا. فبفضل قدراتها في مجال الأقمار الصناعية، يُمكن لإيران تعزيز دقة ضرباتها الصاروخية، مما يُحسّن قدرتها على توجيه الأسلحة الهجومية بدقة أكبر.

يُعتبر هذا التطور خطوةً مهمةً لإيران في تعزيز قوتها العسكرية، لا سيما في سعيها لاستعادة نفوذها في المنطقة بعد خسارتها بعض قواتها بالوكالة بسبب النزاعات في غزة ولبنان.

علاوةً على ذلك، يُمثّل إطلاق الأقمار الصناعية والتقدم المُحرز في استكشاف الفضاء أهميةً استراتيجيةً لإيران، إذ يُعزز قدرة البلاد على إبراز قوتها، حتى في ظلّ مواجهتها انتكاساتٍ في مناطق نفوذ أخرى.

تنظر الحكومة الإيرانية إلى تكنولوجيا الفضاء على أنها رمزٌ للصمود ووسيلةٌ لتعزيز قدرتها العسكرية، لا سيما في ظلّ مواجهتها للضغوط الدولية والتحديات الاقتصادية.

ردود الفعل الدولية والعقوبات

أعرب المجتمع الدولي، وخاصةً الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل، عن قلقه المتزايد إزاء التطورات الفضائية الإيرانية، مُخشىً من إمكانية تكييف التقنيات نفسها المُستخدمة في إطلاق الأقمار الصناعية لأنظمة الصواريخ.

ردت الحكومات الغربية، بما في ذلك المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، بفرض عقوبات على مسؤولين إيرانيين رئيسيين ووكالة الفضاء الإيرانية.

على سبيل المثال، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على العميد علي جعفر آبادي، رئيس قسم الفضاء في القوة الجوفضائية للحرس الثوري الإسلامي، في عام 2024، مشيرًا إلى دوره في تطوير حاملات الأقمار الصناعية، والتي من شأنها أن تُسهم في تطوير تكنولوجيا الصواريخ بعيدة المدى.

صنفت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني، المنخرط بقوة في برامج الفضاء والصواريخ، منظمة إرهابية، مما زاد من تعقيد علاقات إيران مع الغرب.

مستقبل برنامج الفضاء والصواريخ الإيراني

على الرغم من التحديات، من المتوقع أن يواصل برنامج الفضاء الإيراني نموه. وقد وضعت البلاد نصب عينيها مشاريع أكثر طموحًا، مثل تطوير كبسولات متطورة قادرة على إرسال البشر إلى الفضاء.

مع ذلك، فإن نجاح هذه المشاريع يعتمد بشكل كبير على نتائج المفاوضات الجارية مع الولايات المتحدة والعقوبات الدولية، التي لا تزال تُشكل عقبات كبيرة.

بينما تُصرّ إيران على أن مساعيها الفضائية مُخصصة للأغراض السلمية فقط، لا يزال المجتمع الدولي مُتشككًا، نظرًا للطبيعة المزدوجة لاستخدام تكنولوجيا الفضاء. ومع استمرار تصاعد التوترات، فمن المرجح أن يظل برنامج الفضاء الإيراني نقطة خلاف رئيسية في تعاملاتها الجيوسياسية.

إعلان
زر الذهاب إلى الأعلى