بريطانيا تحارب تهريب المهاجرين بقانون غير مسبوق.. هل تنجح في وقف قوارب الموت؟

أعلنت الحكومة في بريطانيا، إطلاق نظام عقوبات جديد يُعد الأول من نوعه عالمياً، يهدف إلى التصدي لشبكات تهريب المهاجرين غير الشرعيين والعناصر التي تسهّل تحركاتهم.

الإجراء الذي وصفته لندن بـ”الخطوة الرائدة”، يمنح السلطات صلاحيات واسعة لتجميد الأصول ومنع الدخول إلى المملكة المتحدة، وفرض حظر على التعاملات المالية دون الحاجة إلى أدلة جنائية أو تطبيق قوانين مكافحة الإرهاب.

إجراءات غير مسبوقة ضد المهاجرين في بريطانيا

وفق تقارير فإن النظام الجديد، الذي يدخل حيّز التنفيذ هذا الأسبوع، يتيح للسلطات البريطانية فرض عقوبات على الأفراد والجهات المتورطة في تسهيل الهجرة غير النظامية، سواء من خلال توفير القوارب، أو الوثائق المزورة، أو الخدمات المالية التي تُستخدم في تسهيل عمليات التهريب.

وأكد وزير الخارجية ديفيد لامي أن هذه الخطوة تستهدف مباشرة العصابات التي تستغل حاجة الفارين والفقراء لتحقيق مكاسب غير مشروعة، مشيراً إلى أن بريطانيا ستكون أول دولة تستخدم نظاماً عقابياً مخصصاً لهذا النوع من الجرائم.

وأوضح أن القواعد الجديدة تسمح بمصادرة أصول الأفراد والكيانات المخالفة داخل المملكة المتحدة، وحرمانهم من استخدام النظام المصرفي البريطاني، ومنع دخولهم إلى البلاد. ومن المقرر الإعلان عن أول دفعة من العقوبات بموجب هذه الصلاحيات يوم الأربعاء.

البرلمان يعود في سبتمبر

ووفق ما نقلته وكالة “أسوشيتد برس”، فإن العقوبات الجديدة تستند إلى التشريعات القائمة المتعلقة بالجزاءات، لكن لن يُتاح للبرلمان مناقشتها إلا بعد انتهاء العطلة الصيفية في سبتمبر المقبل.

يأتي ذلك في إطار حزمة أوسع من السياسات تهدف إلى كبح تدفق المهاجرين غير الشرعيين، وتعزيز ضبط الحدود البحرية لبريطانيا، التي تواجه ضغوطاً متزايدة بسبب ارتفاع عدد العابرين عبر قناة المانش.

تمويل إضافي لمواجهة المهاجرين غير الشرعيين في بريطانيا

بالتزامن مع تطبيق العقوبات، خصصت الحكومة تمويلاً إضافياً لتعزيز جهود مكافحة الهجرة غير القانونية، بينما تمضي قدماً في تنفيذ عمليات ترحيل هي الأكبر منذ سنوات، في محاولة للحد من أعداد المهاجرين الذين يصلون إلى البلاد بطرق غير شرعية.

وكانت الحكومة قد أعلنت عن الاتفاق على ترتيبات تعاون جديدة مع كل من فرنسا وألمانيا، لتعزيز التنسيق الأمني ووقف تدفق المهاجرين من الضفة الأوروبية للقناة.

تحديات التطبيق وفعالية محدودة

ورغم قوة الرسائل السياسية التي توجهها هذه الإجراءات، إلا أن مدى فعاليتها لا يزال محل جدل. فالعقوبات تقتصر على الأصول والمصالح الموجودة داخل المملكة المتحدة، في حين يتمركز معظم المهربين خارج البلاد، لا سيما في دول شرق أوروبا وشمال أفريقيا.

وتعتبر هذه الخطوة جزءاً من استراتيجية أوسع تشمل تعزيز التنسيق الاستخباراتي وتكثيف الرقابة البحرية وزيادة التعاون مع دول الجوار الأوروبي.

أرقام صادمة وضغوط على الحكومة

ورغم جميع الخطوات السابقة، لا تزال الأرقام في تصاعد. فقد عبر أكثر من 37 ألف مهاجر قناة المانش خلال عام 2024، فيما تجاوز عدد العابرين منذ بداية عام 2025 حتى الآن 22 ألفاً، بزيادة تقارب 50% عن الفترة ذاتها من العام الماضي.

وتشير التقارير إلى مصرع العشرات خلال هذه الرحلات، التي تُعد من أخطر المسارات البحرية في العالم.

الخطوة تأتي أيضاً في ظل تصاعد الضغوط على حكومة حزب العمال بقيادة كير ستارمر، التي تسعى للوفاء بتعهداتها بوقف تدفق القوارب، في مواجهة صعود حزب الإصلاح البريطاني اليميني بزعامة نايجل فاراج، الذي يستثمر في ملف الهجرة لتحقيق مكاسب سياسية.

وكان ستارمر قد صرّح بأن عصابات التهريب “تشكل تهديداً حقيقياً للأمن العالمي” ويجب التعامل معها “كمنظمات إرهابية”، في إشارة إلى جدية الحكومة في التصدي لهذه الشبكات.

اقرأ أيضا

انتخابات العراق.. هل يخطط الصدر لعودة غير متوقعة تُربك حسابات الإطار التنسيقي؟

زر الذهاب إلى الأعلى