بريطانيا تستعد لبيع 40 طائرة يوروفايتر تايفون لتركيا.. بعد موافقة ألمانيا
اقتربت بريطانيا وتركيا خطوة أخرى من إتمام اتفاقية بمليارات الجنيهات لبيع طائرات يوروفايتر تايفون إلى أنقرة، وذلك عقب تحول كبير في سياسة ألمانيا.
أكد مسؤولون بريطانيون أن “جميع الدول الشريكة في يوروفايتر تدعم الصفقة، بما في ذلك ألمانيا”، مما يُمهد الطريق لتركيا للحصول على ما يصل إلى 40 طائرة مقاتلة متطورة.
ووقع وزيرا دفاع البلدين مذكرة تفاهم في لندن يوم الأربعاء، في ما وصفه وزير الدفاع التركي يشار غولر بأنه “خطوة إيجابية” نحو صفقة نهائية شاملة.
رفع الحصار السابق بشأن قضايا حقوق الإنسان
كانت الصفقة، التي قد تُعيد تشكيل سلاح الجو التركي قريبًا، قد أُوقفت منذ عام 2022 من قِبل الحكومة الألمانية السابقة – ائتلاف يضم حزب الخضر – بسبب مخاوف بشأن سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان.
لا تزال هذه المخاوف حادة: ففي هذا الشهر فقط، حكمت محكمة تركية على أكرم إمام أوغلو، المنافس السياسي الرئيسي للرئيس رجب طيب أردوغان، رئيس بلدية إسطنبول، بالسجن لأكثر من عام ونصف (بانتظار الاستئناف)، بينما يقبع العشرات من مسؤولي المعارضة خلف القضبان أيضًا.
على الرغم من هذه القضايا، أبدت الحكومة الألمانية الجديدة بقيادة المستشار فريدريش ميرز استعدادها للمضي قدمًا، عقب محادثات رفيعة المستوى أُجريت مؤخرًا مع رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر.
رفض متحدث باسم الحكومة الألمانية تأكيد التقارير التي تفيد بأن مجلس الأمن القومي الألماني قد وافق رسميًا على الصفقة، التي لا تزال قيد التصديق النهائي من قِبل الدول الأربع المنتجة – المملكة المتحدة وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا.
تعزيز صناعة الدفاع الأوروبية في ظل التحولات الجيوسياسية
تُعدّ طائرة يوروفايتر تايفون مشروعًا رائدًا في التعاون الدفاعي الأوروبي. ومع حثّ الغزو الروسي لأوكرانيا دول الناتو على تعزيز صناعاتها الدفاعية وتقليل اعتمادها على الولايات المتحدة، تُعتبر الصفقة البريطانية التركية مؤشرًا رئيسيًا على تعاون أوروبي أوثق.
تأتي الاتفاقية عقب تعهدات مشتركة من المملكة المتحدة وألمانيا بالسعي إلى “حملات تصدير مشتركة للمعدات المُنتجة بشكل مشترك”.
تحتاج تركيا، العضو في حلف الناتو، بشكل عاجل إلى تحديث قوتها الجوية نظرًا لتقادم أسطولها من طائرات إف-16 الأمريكية الصنع، واستمرار حظر حصولها على طائرات إف-35 الأمريكية بسبب العقوبات الأمريكية – المفروضة بعد شراء أنقرة أنظمة صواريخ إس-400 الروسية عام 2020.
ومن غير المتوقع أن تكون مقاتلة الجيل التالي التركية، “كان” المصنعة محليًا، جاهزة قبل منتصف ثلاثينيات القرن الحالي.
أقرا أيضا.. أوكرانيا تُسرّع إنتاج الأسلحة محليًا وتحث حلفاءها الغربيين على الدعم المالي
الأمن الإقليمي والتوازن العسكري على المحك
من المتوقع أن يعزز اقتناء ما يصل إلى 40 طائرة تايفون من الفئة الرابعة القدرات الجوية التركية، ولكنه سيتطلب أيضًا استثمارات كبيرة في التدريب والبنية التحتية، نظرًا لقلة خبرة الطيارين الأتراك في استخدام هذا الطراز.
مع تصاعد التوترات الإقليمية – والتي أبرزتها الغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة في سوريا والنزاعات المستمرة مع اليونان المجاورة، التي تشتري طائراتها من طراز إف-35 ورافال – تعتبر القيادة العسكرية التركية شراء طائرات تايفون إجراءً مؤقتًا حيويًا لسد الفجوة.
يحذر المحللون من أنه بدون صفقة يوروفايتر، قد تواجه تركيا فجوة عسكرية متزايدة في وقت يُعتبر فيه التفوق الجوي أمرًا أساسيًا للأمن الإقليمي.
في العام الماضي، قلصت أنقرة خطة بقيمة 23 مليار دولار لتحديث أسطولها من طائرات إف-16 وسط استمرار حالة عدم اليقين بشأن موافقة الولايات المتحدة.
مع ذلك، هناك تفاؤل حذر بين المسؤولين الأتراك بأن الكونغرس الأمريكي قد يتحرك لرفع العقوبات في وقت لاحق من هذا العام، وفقًا لتوم باراك، السفير الأمريكي في أنقرة.
الدفاع والدبلوماسية وحقوق الإنسان
في حين تُبرز صفقة طائرات تايفون تجدد العلاقات الدفاعية بين المملكة المتحدة وتركيا، والتعديلات الاستراتيجية الجارية في أوروبا، فإنها تُعيد أيضًا إشعال النقاش حول مخاطر تعزيز التعاون العسكري مع حكومة متهمة بالقمع السياسي.
تؤكد مصادر في قطاع الدفاع إمكانية إبرام اتفاق نهائي “في أقرب وقت ممكن”، ولكن في الوقت الحالي، تُبرز هذه الخطوة تقاطع سياسات الدفاع والاستراتيجية الدبلوماسية ومخاوف حقوق الإنسان في ظل مشهد دولي متغير.