بريطانيا تعاني ضعفًا شديدًا.. صنداي تايمز: أنظمة الدفاع الصاروخي ضرورة وطنية
القاهرة (خاص عن مصر)- كشف تحقيق أجرته صحيفة صنداي تايمز، أن بريطانيا لم تعُد مُحصَّنة ضد الخطر المتزايد لهجمات الصواريخ الباليستية. وحث حلف شمال الأطلسي البلاد على تعزيز أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي، محذرًا من أن البنية التحتية الحيوية والمراكز السكانية في بريطانيا تظل غير محمية إلى حد كبير.
وفقًا لافتتاحية صنداي تايمز، كان العالم لمدة ثلاث سنوات يراقب كيف أحدثت الصواريخ الروسية دمارًا هائلاً في جميع أنحاء أوكرانيا، مستهدفة البنية التحتية المدنية ومسببة خسائر فادحة في الأرواح.
وأشارت الافتتاحية إلى أن تدمير مبنى سكني في كريفي ريه عشية عيد الميلاد، والذي أسفر عن مقتل شخص وإصابة 17 آخرين، كان تذكير قاتم بقوة ومدى الصواريخ الباليستية الحديثة.
قد تبدو مثل هذه الأحداث بعيدة بالنسبة للعديد من الأشخاص في بريطانيا، حيث تستحضر ذكريات هجمات هتلر الصاروخية V2 في عام 1945، وهي المرة الأخيرة التي واجهت فيها الأمة تهديدًا مماثلاً. لكن بحسب صحيفة صنداي تايمز، فإن المملكة المتحدة لم تعد محصنة ضد الخطر.
الدفاع الصاروخي المعيب في المملكة المتحدة
على النقيض من الدول الأوروبية الأخرى التي عززت دفاعاتها رداً على العدوان الروسي، تأخرت المملكة المتحدة بشكل كبير. على سبيل المثال، تعهدت ألمانيا بمبلغ 3 مليارات جنيه إسترليني لشراء نظام Arrow 3 الإسرائيلي، المصمم لاعتراض الصواريخ الباليستية خارج الغلاف الجوي للأرض.
هذا الاستثمار هو جزء من مبادرة الدرع السماوية الأوروبية (ESSI)، وهي جهد جماعي لحماية القارة من التهديدات الصاروخية.
على النقيض من ذلك، تفتقر المملكة المتحدة إلى أنظمة دفاع جوي برية قادرة على الحماية ضد الصواريخ الباليستية. لقد فشلت الحكومات المتعاقبة، التي أعطت الأولوية للادخار قصير الأجل على الأمن الطويل الأجل، في معالجة هذه الثغرة.
لقد ترك إرث الحرب الباردة – عندما ثبط الإيمان بالتدمير المتبادل المؤكد الهجمات الصاروخية – بريطانيا غير مستعدة للتهديدات المتطورة بسرعة اليوم.
اقرأ أيضًا: 101 عام منذ اكتشاف تابوت الملك توت.. قرن من الإثارة
التهديدات الناشئة وتحذيرات الخبراء
لقد تغير العالم بشكل كبير. إن الحملات الصاروخية الروسية في أوكرانيا وترسانة إيران التي تضم 3000 صاروخ باليستي قادرة على سرعات تصل إلى 4600 ميل في الساعة هي مؤشرات واضحة على المخاطر. وخلال زيارة حديثة لقاعدة أكروتيري الجوية الملكية في قبرص، شهد وزير الدفاع جون هيلي القوة النارية الصاروخية الإيرانية مباشرة عندما تم إطلاق 200 صاروخ على إسرائيل.
كان نظام القبة الحديدية الإسرائيلي حيويا في حماية مواطنيها، حيث قدم نموذجا للدفاع الصاروخي الفعال. ويحذر الخبراء من أنه في غضون 15 عاما فقط، قد تواجه بريطانيا تهديدات الصواريخ الباليستية من أي مكان في العالم. وكما أشار أحد خبراء الدفاع، فإن الأمة “عاجزة حرفيا” ضد مثل هذه الهجمات.
الإنفاق الدفاعي: نقاش حاسم
تخصص المملكة المتحدة حاليا 2.3% من ناتجها المحلي الإجمالي للدفاع، وهو ما يبتعد كثيرا عن 5% التي طالب بها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أو 3% التي قد يقبل بها من أعضاء الناتو. إن الإنفاق الدفاعي البريطاني تاريخيا تقلص ــ فهو ينفق الآن نصف النسبة المخصصة من الناتج المحلي الإجمالي في ثمانينيات القرن العشرين وثلث ما أنفق في خمسينيات القرن العشرين.
لقد أدى هذا الانخفاض في الإنفاق إلى جعل الأمة تعتمد بشكل مفرط على أنظمة الدفاع الأمريكية في حين أهملت أنظمتها الدفاعية الخاصة. ومع ذلك، وكما تزعم صحيفة صنداي تايمز، فإن الدفاع ليس مجرد لعبة أرقام. وكثيرا ما أعطت الحكومات الأولوية لنفقات أخرى، ولكن سلامة وأمن المواطنين لابد أن تظل المسؤولية الأساسية لأي إدارة.
دعوة إلى العمل: بناء نظام دفاعي قوي
إن تاريخ وزارة الدفاع من عدم كفاءة المشتريات يضيف تعقيدا إلى التحدي. ومع ذلك، يؤكد الخبراء أن التخطيط المستقبلي لابد أن يتضمن تقنيات حديثة، مثل الطائرات بدون طيار، لضمان حلول دفاع صاروخية فعالة من حيث التكلفة وقادرة. والاستثمار في مثل هذه الأنظمة لم يعد اختياريا بل ضروريا.
إن الأحداث التي تتكشف في أوكرانيا بمثابة تذكير مروع بأن تهديدات الصواريخ الباليستية لم تعد مقتصرة على الصراعات البعيدة. وبالنسبة للمملكة المتحدة، فإن الوقت قد حان للعمل الآن. إن تعزيز الدفاع الصاروخي ليس مجرد مسألة استراتيجية بعيدة المدى، بل هو ضرورة لضمان أمن الأمة في عالم يتزايد عدم الاستقرار فيه.