بريطانيا تُجهّز طائراتها بقنابل نووية.. أكبر تحول دفاعي منذ الحرب الباردة

تقترب بريطانيا من تحول جذري في استراتيجيتها للردع النووي، حيث تجري الحكومة محادثات متقدمة لشراء طائرات مقاتلة أمريكية الصنع قادرة على حمل أسلحة نووية تكتيكية.

بحسب تحليل صنداي تايمز، من المتوقع أن تُمثل هذه الخطوة غير المسبوقة أكبر توسع للقدرات النووية البريطانية منذ نهاية الحرب الباردة، في استجابة واضحة للمخاوف المتزايدة بشأن الطموحات العسكرية الروسية والوضع الأمني ​​العالمي المتقلب بشكل متزايد.

طائرات بريطانية بقنابل نووية.. ستارمر والردع النووي

يقود رئيس الوزراء السير كير ستارمر ووزير الدفاع جون هيلي مناقشات حساسة مع الولايات المتحدة لشراء طائرات متطورة، بما في ذلك طائرة الشبح المقاتلة F-35A Lightning من إنتاج شركة لوكهيد مارتن.

هذه الطائرات قادرة على نشر قنابل الجاذبية النووية الحرارية B61 منخفضة القوة، والتي تُعد عنصرًا أساسيًا في ترتيبات تقاسم الأسلحة النووية لحلف الناتو. في حال نجاحها، ستُرسي هذه المبادرة ركيزة ثانية للردع النووي البريطاني، مُكمِّلةً نظام الصواريخ المُطلق من الغواصات الحالي في البلاد.

أكد رئيس الوزراء، الذي من المقرر أن يُعلن عن مراجعة دفاعية استراتيجية واسعة النطاق من حوض بناء السفن في المملكة المتحدة، التزامًا مُتجددًا بتعزيز الموقف النووي البريطاني في أوروبا.

توصي المراجعة بتعزيز دور المملكة المتحدة في إطار الردع المُشترك لحلف الناتو، ورغم أنها لم تُؤكد علنًا بعد القدرات النووية المُطلقة جوًا، إلا أنها تُشير إلى تحول جذري في العقيدة العسكرية للبلاد.

طائرات بريطانية بقنابل نووية.. تهديدات مُتزايدة وتحذيرات

في حديثه مع صحيفة صنداي تايمز، أكد وزير الدفاع هيلي على خطورة العصر الجديد قائلاً: “العالم يزداد خطورة بالتأكيد، المخاطر النووية آخذة في التزايد. نواجه الآن، ولأول مرة منذ نهاية الحرب الباردة، مخاطر متزايدة بشكل خطير لاندلاع صراعات بين الدول”.

أكد القادة العسكريون، بمن فيهم الأدميرال السير توني راداكين، قائد القوات المسلحة، على أن امتلاك أسلحة نووية تُطلق جوًا أمرٌ ضروري لمواجهة التهديدات الناشئة.

شدد سيمون كيس، السكرتير السابق لمجلس الوزراء وخبير الردع، على ضرورة اتباع نهج ثنائي المنصات: “يعتمد الردع على تأكد خصمك من قدرتك على إلحاق ضرر حقيقي… برأيي، لا يمكن الاعتماد على نظام واحد لأي شيء، ناهيك عن الردع النووي”.

تعزيز الترسانة: أبرز ما جاء في مراجعة الدفاع

وتعتبر مراجعة الدفاع الاستراتيجية القادمة تتجاوز مجرد تحديث نووي، فهي تُحدد تدابير واسعة النطاق لإعداد بريطانيا للصراعات المستقبلية، بما في ذلك:

  • استثمار 6 مليارات جنيه إسترليني لتجديد الذخائر وبناء ستة مصانع جديدة، مما يدعم 1000 وظيفة.
  • دروع دفاعية جديدة ضد الصواريخ الباليستية.
  • إحياء الحرس الوطني المدني لحماية البنية التحتية الوطنية.
  • حملة بناء سفن ضخمة، تهدف إلى زيادة عدد المدمرات والفرقاطات التابعة للبحرية الملكية البريطانية من 14 إلى 25.
  • إطلاق برنامج “أتلانتيك باستيون”، وهو برنامج مراقبة تحت الماء لحماية الكابلات وخطوط الأنابيب البحرية من التخريب الروسي.
  • التركيز على حل أزمة التجنيد في القوات المسلحة، ووضع هدف طويل المدى لزيادة عدد أفراد الجيش من 72500 إلى 76000 جندي متفرغ.

تعزيز موقف الناتو وضرورة التنويع

توفر طائرات بريطانيا بقنابل نووية الجديدة، مثل F-35A، مدى عملياتيًا أطول والقدرة على حمل قنبلة B61، التي يتراوح مداها بين 0.3 و340 كيلوطن.

يعتقد الخبراء أن هذه القدرة حيوية لردع الاستخدام الروسي المحتمل للأسلحة النووية التكتيكية في أوكرانيا أو على طول الجبهة الشرقية لحلف الناتو.

كما أن خطوة بريطانيا تُقرّبها من القوى النووية الأخرى: فبينما تحتفظ الولايات المتحدة بثالوث نووي (منصات إطلاق برية وجوية وبحرية)، وتمتلك فرنسا خيارات جوية وبحرية، اعتمدت المملكة المتحدة كليًا على الصواريخ التي تُطلق من الغواصات منذ نهاية الحرب الباردة.

يوضح التقرير أن وجود رادع مزدوج المستوى – خيارات الإطلاق من الغواصات والجو – من شأنه أن يسمح بردٍّ أكثر اعتدالًا على أي عدوان نووي محدود، مما يُقلل من خطر التصعيد إلى حرب نووية شاملة.

اقرأ أيضا.. معركة ما بعد البنادق.. معاهدة مياه نهر السند الهشة تشعل الصراع بين الهند وباكستان

إحياء صناعة الدفاع والاستراتيجية الاقتصادية

يُعدّ إحياء صناعة الأسلحة البريطانية، التي عانت من استنزاف مواردها بسبب توريد الأسلحة إلى أوكرانيا، ركيزةً أساسيةً في المراجعة. يرى هيلي أن الدفاع بالغ الأهمية للنمو الاقتصادي ووسيلة لإعادة الرخاء إلى معاقل المملكة المتحدة الصناعية.

من المُخطط استثمار مبالغ كبيرة في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار وألعاب الحرب الصناعية، مما يضمن قدرة سلسلة التوريد العسكرية البريطانية على تحمّل الصراعات شديدة الحدة.

وتعهد هيلي أيضًا بمعالجة تحديات التجنيد والاحتفاظ طويلة الأمد في جميع أنحاء القوات المسلحة، مع التركيز على توسيع الرتب بدوام كامل والاحتياط وتوفير قدر أكبر من المرونة لأفراد الخدمة.

الدعم السياسي والنقاش

رحّب حزب المحافظين المعارض، بقيادة وزير الدفاع في حكومة الظل جيمس كارتليدج، بفكرة طائرات بريطانية بقنابل نووية، وبالالتزام بتنويع أنظمة إيصال الأسلحة النووية، لكنهم أعربوا عن مخاوفهم بشأن التمويل وأهمية الحفاظ على رادع غواصات قوي.

يمتد النقاش أيضًا إلى أهداف الإنفاق الدفاعي، مع دعوات لزيادة الاستثمار إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2034.

زر الذهاب إلى الأعلى