بعد إعلان ترامب رفعها.. كل ما تريد معرفته عن العقوبات الأمريكية على سوريا؟

أثار إعلان الرئيس دونالد ترامب عن رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا جدلاً واسعاً وتساؤلات بشأن طبيعة هذه العقوبات وتاريخها الطويل، ومدى واقعية رفعها في ظل التعقيدات القانونية والتشريعية المحيطة بها.

في هذا التقرير، نستعرض أبرز محطات العقوبات الأمريكية على سوريا، من تصنيفها كدولة راعية للإرهاب في السبعينات، إلى العقوبات الشاملة بموجب “قانون قيصر”، وصولاً إلى الجدل الراهن بشأن مستقبل هذه الإجراءات.

إعلان

سوريا على قائمة الإرهاب منذ 1979

بدأت الولايات المتحدة فرض قيود على سوريا منذ أن أدرجتها عام 1979 في قائمة الدول الراعية للإرهاب. وجاء هذا التصنيف نتيجة ما وصفته واشنطن حينها بدعم النظام السوري لجماعات كـ”حزب الله” و”حماس”.

أدى التصنيف إلى فرض قيود صارمة شملت حظر بيع الأسلحة، وتقييد المساعدات الاقتصادية والعسكرية، إضافة إلى قيود على التعاملات المالية والدبلوماسية.

قانون محاسبة سوريا (2003)

في عام 2003، ومع تصاعد التوتر الأمريكي-السوري، أقر الكونجرس قانون “محاسبة سوريا واستعادة سيادة لبنان”، والذي شكّل منعطفاً في العلاقة بين البلدين.

وألزم القانون الإدارة الأمريكية بفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية، ما لم تتوقف سوريا عن دعم الجماعات المصنفة إرهابية، وتنسحب من لبنان، وتوقف برامج الأسلحة المحظورة.

وفي 11 مايو 2004، أصدر الرئيس الأمريكي حينها الأمر التنفيذي 13338 لتفعيل القانون، معلناً “حالة طوارئ وطنية” في العلاقات مع سوريا.

 أوامر تنفيذية بـ عقوبات أمريكية على سوريا

توالت الأوامر التنفيذية في السنوات التالية، أبرزها:

الأمر التنفيذي 13399 (2005): عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، استهدفت العقوبات شخصيات سورية ضالعة في زعزعة استقرار لبنان.

الأمر 13460 (2008): ركز على معاقبة المتورطين في الفساد الداعم للنظام السوري.

الأوامر 13572، 13573، 13582 (2011): جاءت استجابة لقمع النظام السوري للاحتجاجات الشعبية. تم بموجبها تجميد أصول مسؤولين، على رأسهم بشار الأسد، وفرض حظر واسع على التعاملات الاقتصادية.

ثورة 2011 والعقوبات الأمريكية على سوريا

مع اندلاع الثورة السورية في مارس 2011، اتخذت الولايات المتحدة موقفاً أكثر تشدداً، مع توالي العقوبات التي استهدفت الحكومة، الجيش، وقطاعات النفط والمال.

في أغسطس 2011، صدر الأمر التنفيذي 13582، والذي يُعتبر من أوسع العقوبات حتى الآن. نص على تجميد أصول الدولة السورية، ومنع الأمريكيين من الاستثمار في سوريا أو تصدير الخدمات إليها، وفرض حظر كامل على واردات النفط السوري.

قانون قيصر والعقوبات الأمريكية على سوريا

في ديسمبر 2019، أقر الكونجرس الأمريكي “قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا” كجزء من موازنة الدفاع، ودخل حيّز التنفيذ في يونيو 2020.

وسّع القانون نطاق العقوبات ليشمل أطرافاً أجنبية تتعامل مع النظام السوري، خصوصاً في قطاعات النفط والجيش وإعادة الإعمار.

من أبرز ما يفرضه القانون:

معاقبة أي شخص أو كيان يقدم دعماً تقنياً أو مالياً للحكومة السورية.

تجميد الأصول ومنع الدخول إلى الأراضي الأمريكية.

فرض عقوبات على مشاريع الإعمار التي يستفيد منها النظام.

القانون سُمِّيَ تيمناً بالمصور العسكري السوري المنشق “قيصر”، الذي وثّق بآلاف الصور جرائم تعذيب في سجون النظام، وأصبح رمزاً لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب في سوريا.

الأطر القانونية المعتمدة في العقوبات الأمريكية على سوريا

تستند العقوبات إلى مزيج من التشريعات والأوامر التنفيذية، أبرزها:

قانون السلطات الاقتصادية في حالات الطوارئ الدولية (IEEPA)

قانون الطوارئ الوطنية (NEA)

قانون مراقبة تصدير الأسلحة وقانون المساعدات الخارجية

قوانين مكافحة انتشار الأسلحة ودعم الإرهاب

هذا الإطار المعقد يجعل من العقوبات الأمريكية على سوريا من أكثر برامج العقوبات شمولاً في العالم.

أنواع العقوبات الأمريكية على سوريا

تنقسم العقوبات إلى ثلاث فئات رئيسية:

1. العقوبات الاقتصادية

وتشمل حظر شامل على تصدير السلع والخدمات الأمريكية (باستثناء الإنسانية).تجميد أصول الدولة السورية. منع أي استثمار أمريكي داخل سوريا.

بجانب حظر على استيراد النفط والمنتجات النفطية السورية، فضلا عن عزل سوريا عن النظام المالي العالمي عبر الضغط على البنوك الدولية.

2. العقوبات الدبلوماسية

تعليق العلاقات الدبلوماسية منذ عام 2012 وتشمل  منع منح التأشيرات للمسؤولين السوريين. إدراج سوريا في برامج حظر السفر والهجرة.

بجانب استخدام حق النقض الأمريكي ضد أي مساعدات مالية دولية لسوريا.

3. العقوبات الفردية والكيانية

وتشمل إدراج مئات الشخصيات السورية (بمن فيهم الأسد وأسرته) على قوائم العقوبات، ومعاقبة كيانات اقتصادية وعسكرية، مثل مصرف سوريا المركزي، ووزارة النفط، وشركات خاصة وعامة.

بجانب فرض عقوبات على داعمين أجانب للنظام، من إيران وروسيا والصين.

هل يمكن رفع العقوبات الأمريكية فعلاً؟

رغم تصريحات ترامب، فإن رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا يتطلب إجراءات معقدة، تشمل إلغاء أوامر تنفيذية، وتعديل قوانين أقرتها مؤسسات تشريعية.

على سبيل المثال، قانون قيصر لا يُمكن رفعه إلا بقرار من الكونجرس.

كما أن بعض الأوامر التنفيذية تجدد تلقائياً ما لم يصدر قرار رئاسي صريح بإنهائها، ما يجعل أي حديث عن “رفع العقوبات” دون إجراءات قانونية موثّقة مجرد خطوة رمزية أو دعائية.

اقرأ أيضا

رفع العقوبات وقمة تاريخية مع الشرع.. كيف استفادت سوريا من زيارة ترامب للسعودية؟

إعلان
زر الذهاب إلى الأعلى