بعد اغتيال قياداته.. هل تُعيد الانتخابات البلدية حزب الله إلى المشهد في لبنان؟

في ظل الضغوط التي يواجهها حزب الله في لبنان والدعوات الدولية والداخلية لنزع سلاحه، يراهن الحزب على الانتخابات البلدية في جنوب لبنان كمحطة أساسية لإثبات أنه لا يزال لاعباً سياسياً قوياً.

يأتي ذلك رغم الخسائر الكبيرة التي مني بها خلال العام الماضي، من اغتيالات طالت قياداته إلى انهيار جانب كبير من نفوذه العسكري.

الحرب الإسرائيلية على حزب الله

وخلال الشهور الماضية، واجه الحزب تحديات ضخمة، حيث صعدت إسرائيل من حربها في الجنوب اللبناني وشنت بسلسلة من الضربات الإسرائيلية القاتلة ضد مواقع الحزب وقياداته ما أسفر عن اغتيال عدد كبير من قيادات الصف الأول على رأسهم الأمين العام حسن نصر الله .

وبحسب تقارير فإن الآلاف من مقاتلي حزب الله سقطوا، وأن البنية التحتية العسكرية في الجنوب باتت شبه منهارة.

في موازاة ذلك، تشكلت حكومة لبنانية جديدة أعلنت بشكل صريح نيتها وضع السلاح حصراً بيد الدولة، في خطوة تعبّر عن تحوّل داخلي جذري طالما تحاشته الحكومات السابقة.

أهمية الانتخابات البلدية في لبنان لحزب الله

وفق تقارير فإن الانتخابات البلدية هذه السنة تأخذ أهمية مضاعفة بالنسبة لحزب الله، ليس فقط لكونها استحقاقاً ديمقراطياً، بل لأنها أصبحت ساحة لتثبيت الشرعية الشعبية، في وقت يتعرض فيه الحزب لهزات سياسية وأمنية غير مسبوقة.

وبحسب  وسائل إعلام لبنانية فإن معظم الدوائر الانتخابية في الجنوب تشهد تقدماً مريحاً للحزب وحلفائه، مع غياب شبه كامل للمعارضة، ما يمنحه انتصارات مبكرة تبدو رمزية بقدر ما هي سياسية.

تضييق خارجي على حزب الله

رغم الظروف القاسية، لا تزال شعبية الحزب قائمة في أوساط الشيعة، بحسب محللين، ويبدو أن المعاناة عززت من شعور هذه القاعدة بأن مصيرها مرتبط بمصير الحزب.

لكن على المستوى السياسي، يواجه حزب الله عزلة متزايدة، فوزير الخارجية يوسف راجي أكد أن الدول المانحة اشترطت صراحةً عدم تقديم أي دعم مالي لإعادة الإعمار ما لم يُنزع سلاح الحزب.

إعادة الإعمار مؤجلة

الدمار الهائل في الجنوب لم يُقابله حتى الآن أي جهد حقيقي لإعادة الإعمار  وتحمّل الحكومة المسؤولية للحزب، فيما يلقي الحزب باللوم على السلطات الرسمية بسبب ما يصفه بالتقاعس و”منع وصول الأموال الإيرانية”.

المشهد مختلف تماماً عن مرحلة ما بعد حرب 2006، حين تدفقت المساعدات من إيران ودول الخليج. آنذاك، وتولّى الحزب إعمار المنازل ودفع تعويضات لآلاف العائلات.

أما اليوم، فإيران نفسها تعاني من أزمة مالية بسبب العقوبات الأمريكية، والخليج أوقف الدعم منذ تصنيفه الحزب كمنظمة إرهابية عام 2016.

حزب الله والانتخابات البلدية في لبنان

في ضوء هذا الواقع، تبدو الانتخابات البلدية بمثابة فرصة أخيرة للحزب لاستعادة شيء من توازنه، أو على الأقل لإعادة تثبيت حضوره في مناطقه التقليدية.

لكن التحديات أكبر من مجرد صناديق اقتراع، في ظل تراجع الدعم الإقليمي، وضغوط داخلية لإعادة رسم العلاقة بين الدولة والسلاح، ورفض دولي قاطع لاستمرار وضع “دولة داخل الدولة”.

هل تكفي البلديات لإنقاذ نفوذ حزب الله؟

وفق تقارير فإن حزب الله يدرك أن المشهد اللبناني يتغير ولم تعد الإمكانيات الإيرانية كالسابق، ولا المزاج الإقليمي والدولي يسمح بتكرار تجربة ما بعد 2006. وحتى في الداخل، تتزايد الأصوات التي تطالب بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار ونزع السلاح.

لكن رغم ذلك، يبقى الحزب وفق مراقبون  قادراً – ولو جزئياً – على تحريك قواعده، وإثبات حضوره المحلي، كما في هذه الانتخابات.

فهل تكفي هذه النتائج لتجديد شرعيته السياسية؟ أم أن ما يجري مجرد جولة دفاعية في مسار تراجعي طويل؟ تبقى الإجابة مرهونة بالتطورات الإقليمية، وموقف الدولة اللبنانية، وقدرة الحزب على التكيف مع واقع بدأ يتشكل خارج إرادته.

اقرا أيضا

يراها حربًا أبدية.. كيف يؤثر تعيين رئيس الشاباك الجديد على مستقبل الوضع في غزة؟

زر الذهاب إلى الأعلى