بعد التناغم بينهما.. توترات تطفو على السطح بين ترامب ونتنياهو

في الأشهر التي تلت علاقتهما التي بدت منسجمة، بدأت تطفو على السطح توترات بين ترامب ونتنياهو، وبينما يستعد ترامب لأول رحلة خارجية رئيسية له في ولايته الثانية، برز تحول في استراتيجياتهما التي كانت متقاربة في السابق، لا سيما بشأن قضايا رئيسية مثل العمل العسكري ضد إيران والصراع الدائر في غزة.
السنوات الأولى: رابطة مصالح
وفقا لتقرير نيويورك تايمز، عندما التقى ترامب ونتنياهو لأول مرة في فبراير 2025، بدا توافقهما سلسًا. فقد تقاسما أهدافًا مشتركة، لا سيما معارضتهما الشديدة لطموحات إيران النووية ودعمهما المتبادل لموقف متشدد من القضايا الفلسطينية. حتى أن ترامب طرح أفكارًا مثيرة للجدل، مثل احتمال تهجير الفلسطينيين من غزة، والتي أشاد بها نتنياهو.
في ذلك الوقت، أشاد نتنياهو بترامب لقوله أشياءً لم يجرؤ الآخرون على قولها، مشيرًا إلى أنه بعد الصدمة الأولية، سيدرك الناس أن ترامب كان على حق. ومع ذلك، ومع مرور الوقت، بدأت شراكتهما الوثيقة تُظهر علامات توتر، لا سيما مع استمرار تصاعد المخاطر في المنطقة.
توترات بين ترامب ونتنياهو: تباين بشأن إيران
كان النهج تجاه إيران من أبرز جوانب الخلاف. لطالما دعا نتنياهو إلى اتخاذ إجراءات أكثر حزماً لكبح القدرات النووية الإيرانية، بما في ذلك العمل العسكري المحتمل. إلا أن ترامب غيّر موقفه. فبينما يدفع نتنياهو باتجاه ضربة عسكرية مشتركة لشلّ البرنامج النووي الإيراني، اختار ترامب الدبلوماسية.
تجلت التوترات بين ترامب ونتنياهو عندما أعلن ترامب مؤخراً عن اتفاق مع الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، والذي شكّل مفاجأة للمسؤولين الإسرائيليين. هذا الاتفاق، الذي أوقف الغارات الجوية الأمريكية مقابل وقف إطلاق النار من جانب الحوثيين، يتعارض بشكل مباشر مع تحذيرات نتنياهو من تنامي نفوذ إيران وضرورة التدخل العسكري.
يتناقض نهج ترامب الدبلوماسي مع إلحاح نتنياهو. حذّر رئيس الوزراء مرارًا وتكرارًا من أن “الاتفاق السيئ” مع إيران أسوأ من عدم التوصل إلى اتفاق على الإطلاق، وهو شعور يعكس عدم ثقته الراسخ بالمفاوضات الإيرانية.
في جلسات خاصة، أعرب نتنياهو عن إحباطه من تعامل ترامب مع القضية الإيرانية، لا سيما فيما يتعلق بمنح إيران فرصة التفاوض على اتفاق نووي يعتقد نتنياهو أنه سيُمكّن طهران فقط.
الإحباط المتزايد بشأن غزة
ومن مصادر التوتر الأخرى الحرب في غزة. فبينما أعرب ترامب عن دعمه لأفعال إسرائيل، بل وأيّد سلوك نتنياهو العسكري، سعت إدارته أيضًا إلى مسار دبلوماسي لحل الصراع. وشارك مبعوثو ترامب في محادثات لإنهاء الحرب، حتى مع استمرار نتنياهو في المضي قدمًا في تصعيد العمليات العسكرية.
جاء التطور الأخير عندما أعلن نتنياهو عن خطط لتصعيد الصراع، مما يشير إلى تناقض صارخ مع رغبة ترامب في وقف إطلاق النار.
امتنع ترامب إلى حد كبير عن انتقاد أفعال إسرائيل في غزة علنًا، وهو ما يمثل خروجًا عن موقف الرئيس جو بايدن الأكثر صراحةً بشأن الحرب. ومع ذلك، وبينما يواصل نتنياهو الضغط من أجل حل عسكري، يعمل فريق ترامب الدبلوماسي خلف الكواليس، باحثًا عن طريق للسلام. ويؤكد هذا التباين في الأولويات على تنامي الخلاف بين الزعيمين.
أقرا أيضا.. جولة جديدة من مباحثات أمريكا وإيران في سلطنة عمان.. هل تكون الأخيرة؟
الحسابات السياسية والإحباطات الشخصية
لطالما ارتكزت العلاقة بين نتنياهو وترامب على المصالح السياسية. فبالنسبة لنتنياهو، كان التحالف مع ترامب خطوة استراتيجية لكسب دعم الرئيس الأمريكي، لا سيما في سياق الأمن الإسرائيلي.
أما بالنسبة لترامب، فقد لاقت علاقاته الوثيقة مع نتنياهو صدىً جيدًا لدى قاعدته الشعبية، وخاصةً الناخبين الإنجيليين الذين نظروا إلى القضية الإسرائيلية الفلسطينية من منظور ديني.
ومع ذلك، خلف المظاهر العلنية للرفقة، كانت هناك توترات شخصية وسياسية كبيرة. فلم يسامح ترامب نتنياهو على تهنئته لجو بايدن بفوزه في انتخابات 2020، وهي خطوة اعتبرها ترامب خيانة. من جانبه، أعرب نتنياهو سرًا عن استيائه من تناقض ترامب، لا سيما فيما يتعلق بإيران.
بلغت خلافاتهما ذروتها خلال اجتماع عُقد في أبريل بالبيت الأبيض، حيث جلس نتنياهو صامتًا لأكثر من نصف ساعة بينما كان ترامب يناقش مواضيع غير ذات صلة. كان الصمت بين الرجلين خلال ذلك الاجتماع تناقضًا صارخًا مع التوافق الذي كان بينهما سابقًا.
الزيارة القادمة إلى الشرق الأوسط
في الوقت الذي يستعد فيه ترامب لرحلته إلى الشرق الأوسط، يبقى مستقبل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية والأمن الإقليمي الأوسع على المحك.
يُبرز تردد ترامب في زيارة إسرائيل خلال هذه الرحلة فتور العلاقة التي كانت قوية في السابق بين الزعيمين. ويُشير قراره بعدم إعطاء إسرائيل الأولوية في زيارته – على عكس ولايته الأولى، حيث شملت أولى رحلاته الخارجية زيارة إسرائيل – إلى تحول ديناميكيات شراكتهما.
من المرجح أن يكون الخلاف حول إيران وغزة في صدارة المناقشات خلال لقاء ترامب بقادة المنطقة، بمن فيهم نتنياهو. ومع تطور المشهد الجيوسياسي، سيكون لكيفية تعامل هاتين الشخصيتين المؤثرتين مع خلافاتهما آثار عميقة على أمن الشرق الأوسط والمجتمع الدولي الأوسع.