بعد السمسمية والحناء.. نهلة إمام: نستعد لتوثيق الكشري كأكلة تراثية في 2025| خاص

تُعد آلة السمسمية واحدة من أهم الرموز الموسيقية النابضة بروح التراث الشعبي، وعلى أوتارها الرنانة يحكي عازفوها قصصًا عتيقة عن أفراح الناس وأحزانهم وعن قصص البحر والبحَّارة التي ترتبط بهم ارتباطًا وثيقًا يُعبِّر عن هويتهم وتاريخهم.

تجد السمسمية موطنها بين أيدي أهل مدن القناة سواء في بورسعيد، والإسماعيلية، والسويس وسواحل البحر الأحمر وسيناء؛ حيث تصدح أنغامها في كل مناسبة اجتماعية واحتفال شعبي، وكأنها جسر يعبر بين الماضي والحاضر، ويربط الأجيال بسحر الألحان وعبق التراث.

وفي خاص عن مصر سنبحر خلال السطور التالية في رحلة لاستكشاف تاريخ هذه الآلة العريقة، وأهميتها الثقافية، ودورها المستمر في الحفاظ على التراث الموسيقي.

توثيق السمسمية.. رمز المقاومة الشعبية

نجحت مصر في تحقيق إنجاز جديد بتسجيل عنصر آلة السمسمية، سواء بالعزف عليها أو تصنيعها، في قائمة التراث الثقافي غير المادي بمنظمة اليونسكو، وذلك بالتعاون المثمر بين وزارتي الثقافة والخارجية؛ وذلك خلال اجتماع اللجنة الحكومية الدولية لاتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي والذي تم عقده مؤخرًا في باراجواي.

وفي هذا الإطار، تواصل خاص عن مصر مع د. نهلة إمام، مستشارة وزير الثقافة للتراث الثقافي غير المادي، ورئيسة الوفد المصري المُشارك في اجتماعات لجنة يونسكو في باراجواي، والتي أكدت لنا جهود مصر النشطة والمستمرة في الحفاظ على تراثها خلال الـ8 سنوات الماضية وحتى اليوم ولعل آخرها هو تسجيل آلة السمسمية كتراث غير مادي مصري.

الأردن واليمن تلحقان بمصر والسعودية

وأضافت إمام خلال حديثها، أن عنصر آلة السمسمية موجود على ساحل البحر الأحمر في مصر والسعودية؛ ولهذا تم تسجيلها بتعاون مشترك بين الدولتين، مشيرة إلى أن تسجيل العناصر المشتركة ليس صك ملكية إنما هي توثيق لوجودها داخل مصر.

وتابعت في حديثها، أن الأردن واليمن قد قاما بتقديم طلب على التسجيل في ملف السمسمية، والملف سيزداد بعدد الدول الممارسة للآلة والتي قد تُطالب بتسجيل السمسمية كتراث شعبي لدولتها؛ ولهذا صعب احتكاره كعنصر مصري خالص.

تسجيل 10 عناصر باليونسكو على مدار 8 سنوات

وأكدت مستشارة وزير الثقافة للتراث الثقافي غير المادي، أنه منذ بداية 2016 ومصر بدأت تسجيل عناصرها التراثية غير مادية بشكل مستمر ووصلت إلى 10 عناصر في 2024، بعد أن كان لدى مصر عنصر واحد فقط.

العناصر التي تم تسجيلها حتى الآن هي:

السيرة الهلالية

التحطيب

الأراجوز

النخلة

الخط العربي

النقش علي المعادن

احتفالات رحلة العائلة المقدسة

النسيج اليدوي

الحنة

آلة السمسمية

الكشري أكلة مصرية وطنية للتراث غير مادي باليونسكو

ونوهت إمام، إلى أن مصر تسجل كل عام تراث غير مادي مشترك في منظمة اليونسكو، فالعام الماضي قمنا بتسجيل النقش على المعادن كملف مشترك مع 16 دولة عربية، وهذا العام سجلت مصر الحناء والسمسمية مع دول عربية أخرى.

وكشفت، أن تسجيل ملف منفرد لأي دولة يتكرر كل عامين؛ ولهذا فإن مصر لديها ملف وطني العام المقبل، خاصة أننا لم نُسجل هذا العام، وسجلنا في مارس الماضي ملف الكشري كأكلة مصرية شعبية، وجاري توثيقه بحلول عام 2025م ضمن قائمة التراث الإنساني اللامادي.

ويعد الكشري من الأكلات المصرية الشعبية الأصيلة، وهي أكلة الشعب يأكلها الفقير والغني على حد سواء، وتتكون من العديد من العناصر لإعدادها وهي أكلة تعبر عن مصر وشعبها لذلك يجب الاحتفاظ بحقها في التسجيل بمنظمة اليونسكو.

اقرأ أيضًا: مدبولي يتفقد القرية التراثية بالخارجة ومعرض “أيادي مصر” للحرف اليدوية والتراثية

جهود مصر لتسجيل المزيد من العناصر التراثية باليونسكو

وكشفت الدكتورة نهلة إمام، إلى سعي مصر المستمر في تسجيل عناصر تراثية مصرية وحتى إن كانت متواجدة في دول أخرى، وذلك لأن مصر لا تترك مجالا حتى تُسجل في المزيد من العناصر والتي تثبت لمصر أحقيتها في الاحتفاظ بعناصر التراثية سواء كانت منفردة أو مشتركة.

وأشارت إلى أن هناك مفاوضات مع دول حوض البحر الأبيض المتوسط مثل اليونان وإسبانيا وإيطاليا لتسجيل عناصر مشتركة، مؤكدة إلى وجود ترحيب كبير من قبل منظمة اليونسكو بتسجيل مصر لتراثها غير المادي خاصة في الملفات المشتركة وأكدت على أولوية أحقيتها، وذلك لأنها ترسي روح الاتفاقية، وهو الاحترام والتعاون المتبادل بين الشعوب.

وأضافت أن التراث بطبعه إنساني والذي قد يكون متاخمًا مع دولة أخرى مثل القبالة (الداية) والتي سجلتها ألمانيا ولوكسمبورغ مع دولة من أفريقيا ودول من آسيا، فإذن هي  عنصر موجود في دول مختلفة، والانسان بطبيعته يمكن أن ينتج تراث متشابه طالما البيئة متشابهة.

ترشيح الزيتون كعنصر تراث غير مادي

وأكدت الدكتورة نهلة إمام، أن مصر تبذل جهودًا كبيرة في تسجيل تراثها، ولا تترك أي دورة من دورات اليونسكو دون أن يكون هناك لمصر ملف.

وأشارت إلى حديثها مع مندوبة اليونان ورغبتهم في تسجيل الخروب كعنصر تراثي غير مادي بمصر، وذلك بعد تذوقها له وأعجبها بشدة في مصر، لافتة إلى ترشيحها لعنصر الزيتون خاصة أن الملف سيكون كبيرا، وسيشمل العديد من الدول مثل فلسطين ولبنان وسوريا.

يُعد غصن الزيتون رمزًا خالدًا يُجسد تاريخ الشعوب وذكريات الأجيال في مصر وفلسطين ولبنان وسوريا وغيرها من الدول، التي تتواجد على أرضها أشجار الزيتون العريقة، ويعتبر هذا الترشيح تأكيدًا ترسيخ شجرة الزيتون شاهدة على وحدة الشعوب وترابط ثقافاتها، والتي تحمل أغصانها رسائل سلام وتراث لكل العالم.