بعد رفض العرض النووي.. إيران تطرح طموحاتها النووية على وزراء خارجية أوروبا
القاهرة (خاص عن مصر)- من المقرر أن يلتقي نائب وزير الخارجية الإيراني، مجيد تخت روانجي، نُظراءَه الأوروبيين في جنيف يوم الجمعة في أعقاب انهيار صفقة نووية محتملة كانت لتسمح لإيران بالحد من تخصيب اليورانيوم إلى نقاء 60%، بحسب تقرير للجارديان.
تأتي المناقشات وسط مخاوف متصاعدة من أن التوترات الأوسع في الشرق الأوسط قد تدفع طهران إلى تسريع سعيها للحصول على أسلحة نووية، ووضع مثل هذه القدرات على أنها ضرورية للدفاع عن النفس الوطني.
انهيار الصفقة والتوترات المتزايدة
اعتبرت إيران الصفقة الفاشلة الأخيرة خطوة نحو إعادة بناء الثقة مع الغرب، وإعادة تأكيد موقفها بشأن الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي. اقترحت إيران الحد من تخصيب اليورانيوم إلى ما يقل قليلاً عن الحد المطلوب لإنتاج أسلحة نووية.
مع ذلك، رفض الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة العرض، مما زاد من تعقيد العلاقات الدبلوماسية. وقد أدى انهيار هذه المحادثات إلى تضخيم المخاوف من أن إيران قد تكثف طموحاتها النووية، مما قد يؤدي إلى إشعال فتيل دورة خطيرة من التصعيد في المنطقة.
الاجتماع القادم في جنيف، والذي سيختتم فترة توقف دامت عامين في المفاوضات، سيشهد حضور ممثلين من الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة.
من اللافت للنظر أن الصين وروسيا والولايات المتحدة – الموقعين الرئيسيين على الاتفاق النووي لعام 2015 – ستغيب عن المناقشات. ويبدو أن إيران تولي أهمية أكبر للاجتماع مقارنة بنظيراتها الأوروبية، مما يغذي الشكوك حول إمكانية تحقيق تقدم ذي مغزى.
اقرأ أيضًا: ميليشيا إبادة جماعية تسعى إلى الشرعية.. قوات الدعم السريع السودانية تبحث عن السلام
توبيخ الوكالة الدولية للطاقة الذرية ورد إيران
قبل أيام قليلة من هذه الجلسة الدبلوماسية الحاسمة، رفض الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة عرض إيران بالحد من تخصيب اليورانيوم. وفي خطوة حاسمة، حصلت هذه القوى على اقتراح توبيخ ضد إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.
أدان القرار طهران لفشلها في التعاون الكامل مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في انتهاك لالتزاماتها بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي. وكان تصويت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأغلبية 19 صوتاً مقابل ثلاثة لصالح القرار دلالة على تزايد الضغوط الدولية على إيران.
ورداً على ذلك، تعهدت طهران بتسريع برنامجها النووي، وهو القرار الذي أكده تفعيل أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، والتي من شأنها أن تعزز قدراتها على تخصيب اليورانيوم. وأكد رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف أن نحو 5000 جهاز طرد مركزي من الجيل الجديد يجري تشغيلها.
تمثل هذه الخطوة تصعيداً كبيراً، لأنها توضح نية إيران مواصلة أنشطتها النووية على الرغم من التوبيخ الدولي المتزايد.
الإحباطات الدبلوماسية وآفاق المحادثات المستقبلية
رفض وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووصفه بأنه ذو دوافع سياسية، واتهم القوى الأوروبية بمحاولة استخدام الوكالة لتعزيز مصالحها الجيوسياسية.
على الرغم من هذه التوترات، اقترح عراقجي أن الحوار الدبلوماسي مع أوروبا لم يصل إلى طريق مسدود بالكامل. وأقر بأن الاستعادة الكاملة للاتفاق النووي لعام 2015 قد تكون غير مرجحة، لكنه أشار إلى أن المفاوضات المستقبلية قد تركز على اتفاق أكثر محدودية.
كان خيبة أمل إيران إزاء إحجام أوروبا عن الانفصال عن الولايات المتحدة والسعي إلى رفع العقوبات الاقتصادية موضوعًا متكررًا في السنوات الأخيرة. وفي حين تم إحراز تقدم كبير في المحادثات في فيينا في عام 2022، فإن المشهد السياسي لا يزال شديد السيولة، وخاصة مع حالة عدم اليقين المحيطة بالانتخابات الرئاسية الأمريكية.
السياق الجيوسياسي الأوسع
أدى التعاون المتزايد بين إيران وروسيا، وخاصة في سياق الصراع في أوكرانيا، إلى تعقيد الجهود الرامية إلى عزل القضية النووية عن أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار الأوسع في الشرق الأوسط. لقد جعل ما يسمى “محور المقاومة”، الذي يشمل تورط إيران في صراعات إقليمية مختلفة، من الصعب على الدبلوماسيين الأوروبيين أن يزعموا أن طموحات إيران النووية يمكن فصلها عن أفعالها الاستراتيجية الأوسع.
لقد أعرب البيان المشترك الذي أصدرته المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة في أعقاب تصويت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن قلقها البالغ إزاء توسع البرنامج النووي الإيراني.
شددت القوى على أن تصرفات إيران، بما في ذلك خططها لمزيد من تخصيب اليورانيوم، تفتقر إلى أي مبرر سلمي موثوق، مشيرة إلى المخاطر المتزايدة التي تشكلها مساعي طهران النووية.
مفترق طرق للدبلوماسية
تمثل محادثات جنيف المقبلة لحظة حاسمة في الصراع المستمر لإدارة طموحات إيران النووية. وفي حين يقترب الجانب الأوروبي من المفاوضات بتوقعات حذرة، فإن تصرفات إيران تشير إلى أن سعيها إلى الحصول على القدرات النووية من غير المرجح أن يتباطأ.
مع تصاعد التوترات الجيوسياسية وتفكك الاتفاق النووي، يظل مستقبل الدبلوماسية المحيطة بالبرنامج النووي الإيراني غير مؤكد. وسوف تلعب استجابة المجتمع الدولي، وخاصة في ضوء التحدي الإيراني المستمر، دوراً حاسماً في تشكيل مسار هذه المفاوضات عالية المخاطر.