بعد صعود المسيحي الديمقراطي والبديل المتطرف.. ماذا يعني فوز اليمين في ألمانيا؟

انتهت تجربة الحكومة اليسارية في ألمانيا بعد ثلاث سنوات، لتعود البلاد إلى حكم اليمين المحافظ مع فوز الحزب المسيحي الديمقراطي بقيادة فريدريش ميرتس بالانتخابات بنسبة 29 بالمائة وفق النتائج الأولية.
ورغم هذا الانتصار، لم يتمكن الحزب من تحقيق الأغلبية المطلقة، ما يفتح الباب أمام مفاوضات معقدة لتشكيل حكومة ائتلافية قد تستغرق شهورًا.
فوز اليمين وصعود البديل المتطرف في ألمانيا
شهدت الانتخابات تقدماً كبيراً لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف الذي حصل على 19.5 بالمائة من الأصوات، متجاوزاً الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم الذي تراجع إلى 16 بالمائة، بينما حصل حزب الخضر على 13.5 بالمائة. وسجلت نسبة المشاركة رقماً قياسياً بلغ 84 بالمائة.
ورغم آمال حزب البديل من أجل ألمانيا بتحقيق 25 بالمائة من الأصوات ليحصل على ربع مقاعد البرلمان ويصبح قوة معطلة للحكومة، لم يتمكن من تجاوز 20 بالمائة.
ورغم حلوله في المرتبة الثانية، فإن فرصه في المشاركة بالحكومة غير واردة بعدما استبعد ميرتس والأحزاب الأخرى أي تحالف معه، رغم الضغوط الأمريكية التي تدفع باتجاه ذلك.
وقد أثارت تصريحات نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، الذي دعا الأحزاب الألمانية للتحالف مع البديل من أجل ألمانيا، ردود فعل غاضبة في برلين، حيث أكدت الأحزاب رفضها التدخل الخارجي في السياسة الداخلية الألمانية، مشددة على التزامها بمقاطعة الأحزاب اليمينية المتطرفة.
السياسات المتوقعة بعد فوز اليمين في ألمانيا
من المتوقع أن تسعى الحكومة الجديدة بقيادة ميرتس إلى تشديد قوانين الهجرة واللجوء، وهو الملف الذي هيمن على الحملة الانتخابية وكان من أبرز اهتمامات الناخبين.
وتعهد ميرتس خلال حملته بفرض قيود صارمة على الهجرة غير الشرعية، وتسريع عمليات الترحيل، وحتى اقتراح إغلاق الحدود مع دول منطقة الشنغن، وهو ما يتعارض مع قوانين الاتحاد الأوروبي.
وسيكون ملف اللاجئين السوريين من بين القضايا الشائكة التي ستواجه الحكومة المقبلة، خاصة مع قرار مكتب الهجرة واللجوء تعليق النظر في طلبات اللجوء السورية عقب التغيرات السياسية في دمشق.
ومن المتوقع أن تعيد الحكومة تقييم الوضع في سوريا قبل اتخاذ قرار نهائي بشأن مستقبل اللاجئين.
ورغم توجهات ميرتس المتشددة، قد يضطر إلى تعديل مواقفه بناءً على طبيعة الائتلاف الحكومي الذي سيشكله، لا سيما أن حزب الخضر، المتوقع أن يكون شريكاً في الحكومة، يعارض بشدة أي سياسات قد تنتهك القوانين الدولية والإنسانية المتعلقة باللاجئين.
علاقة متوترة مع إدارة ترامب
عودة اليمين إلى السلطة في ألمانيا قد تؤدي إلى توترات مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خاصة في ظل رفض ميرتس التحالف مع حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي يحظى بدعم شخصيات أمريكية نافذة مثل فانس وإيلون ماسك.
وتداولت وسائل إعلام ألمانية أن إدارة ترامب قد ترد على هذا الرفض بسحب جزء من القوات الأمريكية المتمركزة في ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية.
أما فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط، فمن المتوقع أن تتبنى الحكومة الألمانية الجديدة نهجاً أكثر انسجاماً مع السياسات الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بإسرائيل وإيران. ومن المعروف أن ميرتس من أبرز الداعمين لإسرائيل، ومن المرجح أن يعزز التعاون العسكري والاقتصادي معها، مع تبني مواقف أكثر تشدداً تجاه طهران، خاصة في ملف البرنامج النووي.
ألمانيا والقضية الفلسطينية
أما فيما يخص الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فمن غير المتوقع أن تخرج برلين عن سياستها التقليدية الداعمة لحل الدولتين، لكن قد تشهد السياسة الألمانية انحيازاً أكبر لإسرائيل، خاصة إذا تبنى ميرتس موقفاً أكثر تحفظاً تجاه دعم المؤسسات الفلسطينية.
دعم أوكرانيا
وفيما يخص الحرب في أوكرانيا، من المرجح أن تكون ألمانيا في عهد ميرتس أكثر دعماً لكييف، بخلاف الحكومة السابقة التي كانت تتردد في إرسال أسلحة متطورة.
وقد يفتح ذلك الباب أمام خلافات محتملة مع واشنطن، خصوصاً إذا سعت إدارة ترامب إلى إعادة صياغة موقفها من الحرب.
مرحلة سياسية جديدة في ألمانيا
بحسب تقارير فإن عودة اليمين المحافظ إلى الحكم في ألمانيا تعني دخول البلاد مرحلة سياسية جديدة تحمل تحديات داخلية وخارجية، من المفاوضات الصعبة لتشكيل الحكومة إلى الملفات الساخنة المتعلقة بالهجرة والعلاقات الدولية.
وفي ظل التغيرات الجيوسياسية العالمية، ستواجه الحكومة الألمانية المقبلة اختبارات معقدة تتعلق بعلاقاتها مع الحلفاء الأوروبيين والولايات المتحدة، إلى جانب ملفات الشرق الأوسط التي قد تشهد تغيرات في مواقف برلين بناءً على التوازنات السياسية الجديدة.
اقرأ أيضًا: تشمل البنوك والطاقة.. تفاصيل قرارات الاتحاد الأوروبي بتخفيف العقوبات على سوريا