بعد غياب 8 سنوات.. الكويت تفتح أبواب الاقتراض العالمي بـ6 مليارات دولار

في خطوة تُعد الأكبر منذ 8 سنوات، بدأت الكويت رسميا التواصل مع بنوك عالمية استعدادا لطرح سندات دولية بقيمة تُقارب 6 مليارات دولار. وتأتي هذه الخطوة في إطار مساع حكومية حثيثة للعودة إلى أسواق الدين الدولية، بعد سنوات من الجمود التشريعي.

إصدار دولاري للعام المالي 2025/2026

ووفقًا لوكالة “بلومبرج”، أكد مسؤولون في وزارة المالية، رفضوا الكشف عن أسمائهم، أن الكويت بدأت بالفعل إرسال طلبات تقديم عروض إلى عدد من البنوك، فيما لا تزال في طور استكمال التواصل مع مؤسسات مالية أخرى.

ووفق التصريحات، فإن الإصدار المُنتظر سيكون مقوّما بالدولار، وسيمتد للعام المالي الجاري الذي ينتهي في 31 مارس 2026.

ويأتي هذا التحرك ضمن خطة أُعلنت في مايو الماضي، تهدف إلى جمع ما يصل إلى 6 مليارات دينار كويتي (نحو 20 مليار دولار) خلال السنة المالية 2025/2026، من خلال مزيج من الإصدارات المحلية والدولية.

إطار قانوني جديد بعد انتظار طويل

ويمثّل هذا الإصدار عودة الكويت إلى سوق الدين العالمي لأول مرة منذ عام 2017، حين أصدرت البلاد سندات بقيمة 8 مليارات دولار.

وقد أصبح هذا الطرح ممكنا بعد أن أقرت الحكومة الكويتية في مارس الماضي قانونا طال انتظاره، يسمح بإصدار ديون تصل إلى 30 مليار دينار على مدى 50 عاما، ما أزال عقبة تشريعية حالت دون الاقتراض الخارجي لسنوات.

ويشير هذا التغيير التشريعي إلى توجّه حكومي جديد نحو تنويع أدوات التمويل، وتقليل الاعتماد على الموارد النفطية التي تشكّل العصب الرئيسي لاقتصاد الدولة.

تمويل مشاريع تنموية ضمن خطة خمسية

وبحسب المصادر الرسمية، فإن عائدات السندات ستُوظّف في تمويل مشاريع التنمية التي تقع ضمن خطة استراتيجية تمتد لخمس سنوات. وتعد هذه الخطوة محورية في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي، خصوصا في ظل محاولات الدولة للتقليل من الاعتماد على صندوق الاحتياطي العام، الذي تقلصت موارده نتيجة العجز المتكرر في الميزانية.

وكانت الحكومة قد اضطرت في وقت سابق إلى بيع أصول من الصندوق لصالح “صندوق الأجيال القادمة”، الذي يُدار معا من قبل الهيئة العامة للاستثمار (KIA)، وذلك لسد فجوات الإنفاق الحكومي.

خلفية اقتصادية ومالية داعمة

وتظل الكويت واحدة من الدول القليلة ذات التصنيف الائتماني المرتفع في المنطقة؛ فقد منحت وكالة “ستاندرد آند بورز” الكويت تصنيف “A1″، وهو نفس التصنيف الذي تحظى به دول كبرى مثل الصين واليابان.

كما أن الكويت تتمتع بديون خارجية منخفضة، ولديها صندوق سيادي يُقدر بأكثر من تريليون دولار، مما يجعل قدرتها على سداد الديون قوية ومستقرة.

ويُذكر أن إصدار 2017 تم تنظيمه من قبل بنوك عالمية كبرى مثل “سيتي جروب”، و”جيه بي مورجان”، و”إتش إس بي سي”، و”ستاندرد تشارترد”، ما يعكس ثقة الأسواق المالية الدولية بالاقتصاد الكويتي.

اقرأ أيضًا.. الخلاف يحتدم بين البيت الأبيض والاستخبارات بشأن فعالية ضربات إيران.. وترامب يصعّد ويهاجم بقوة

عودة محسوبة إلى الأسواق الدولية

وتُعد عودة الكويت إلى أسواق الدين الدولية خطوة جريئة ومحسوبة، تهدف إلى تعزيز الإنفاق على التنمية دون استنزاف الاحتياطيات السيادية، مستفيدة من التصنيف الائتماني القوي والموارد المالية المستقرة. وإذا تم تنفيذ الخطة بنجاح، فقد تشكل نموذجا لدول المنطقة في كيفية توظيف أدوات التمويل الحديثة لدعم الرؤى التنموية الوطنية.

زر الذهاب إلى الأعلى