بعد مقتل 13 علويًا بحماة ودمشق.. هل تتكرر أحداث الساحل الطائفية في سوريا؟

أثار مقتل 13 مدنياً من أبناء الطائفة العلوية في حادثتين منفصلتين بمحافظتي حماة ودمشق، المخاوف من تكرار أحداث الساحل مجددًا وسط مخاوف من انزلاق سوريا إلى دوامة جديدة من العنف الطائفي.
وأعادت هذه الجرائم التذكير بأحداث الساحل السوري التي وقعت قبل أشهر فقط، وراح ضحيتها أكثر من 1700 شخص، معظمهم من العلويين، وفقاً لتقارير حقوقية.
وفي وقت تعهّدت فيه الحكومة السورية الجديدة، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، بحماية جميع المكونات الطائفية والدينية، يبدو أن الواقع الميداني ينذر بعكس ذلك، مع تكرار مشاهد “الإعدام الميداني”، وظهور خطاب مناطقي وطائفي في بعض المناطق، وتزايد شعور العلويين بأنهم مستهدفون في مرحلة “ما بعد الأسد”.
أحدث الساحل في سوريا
ما جرى في ريف حماة ودمشق خلال الأيام الماضية يعيد إلى الأذهان مشاهد الاقتحامات التي شهدتها قرى وبلدات الساحل السوري في مارس الماضي، حين تعرّضت عائلات بأكملها للقتل على أساس طائفي بعد أن سُئل الضحايا عن انتمائهم، وفق شهادات ناجين.
ووصف المرصد السوري لحقوق الإنسان وصف حادثة حماة بـ”الإعدام الميداني لثمانية مدنيين علويين، بينهم نساء”، بينما أُعلن العثور على جثث خمسة شبان علويين في دمشق، بعد احتجازهم لدى حاجز أمني، ما يُثير أسئلة مقلقة: من يسيطر فعليًا على الأرض؟ وهل لدى الدولة سيطرة حقيقية على الفصائل والأجهزة الأمنية؟
هل تستهدف الحكومة الجديدة العلويين؟
رغم أن السلطات السورية تنفي أي نوايا لاستهداف طائفة بعينها، إلا أن تكرار هذه الحوادث، وغياب الشفافية بشأن مرتكبيها، يفتح الباب أمام تأويلات خطيرة. الطائفة العلوية، التي ارتبطت لعقود بالنظام السابق، تجد نفسها اليوم في موقع هش، وسط تراجع نفوذها السياسي والأمني، وغياب ضمانات واضحة لحمايتها.
ويرى مراقبون أن هذه الحوادث قد تكون نتيجة صراعات مراكز قوى داخل النظام الجديد نفسه، أو محاولات لتصفية حسابات قديمة، أو حتى رسائل موجهة لإعادة ترتيب موازين النفوذ في المناطق الحساسة.
المجتمع الدولي يُراقب
بحسب تقارير فإن المجتمع الدولي، الذي لا يزال يضع ملف الأقليات في صدارة مطالبه من الحكومة السورية الجديدة، طالب مراراً بتوفير ضمانات أمنية حقيقية لجميع الطوائف.
لكن الصمت الرسمي حيال مجزرتي حماة ودمشق يزيد الشكوك، ويضع الحكومة تحت ضغط متزايد لفتح تحقيق شفاف ومحاسبة الجناة.
الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية طالبت سابقًا بالكشف عن نتائج لجنة التحقيق في مجازر الساحل، لكن التأخير في إعلان نتائجها يعمّق الانطباع بأن هناك محاولة لطمس الحقائق أو حماية الجناة، ما يهدد بعودة دوامة العنف والانتقام.
هل تتكرر أحداث الساحل في سوريا؟
الوضع الميداني في سوريا اليوم يحمل ملامح هشّة مشابهة لتلك التي سبقت مجازر الساحل. هناك فراغات أمنية، وأسلحة بأيدي فصائل محلية، وتوترات طائفية لم تُعالج، وغياب عدالة انتقالية.
كل ذلك يجعل من سيناريو تكرار العنف الطائفي أمرًا واردًا، خصوصًا إذا استمر الصمت الرسمي، وتجاهلت الدولة مخاوف أبناء الطائفة العلوية، كما فعلت سابقًا مع الطائفة الدرزية.
ومع كل انتهاك جديد، تضعف الثقة في قدرة الحكومة على إدارة المرحلة الانتقالية بإنصاف، بل ويخشى البعض من تحوّل العنف إلى نمط انتقامي منظم يهدد وحدة البلاد.
متى تتحرك حكومة الشرع ؟
يري مراقبون أن حادثتا حماة ودمشق ليستا مجرد حوادث معزولة، بل مؤشرات خطيرة على أن العنف الطائفي قد يعود ليتصدر المشهد السوري مجددًا. السؤال لم يعد “هل” تتكرر أحداث الساحل، بل “متى” و”أين”، ما لم تتحرك الحكومة السورية الجديدة بجدية لوقف الانزلاق، وإرسال رسالة واضحة أن لا مكان للانتقام الطائفي في سوريا ما بعد الأسد.
الكرة الآن في ملعب الرئيس أحمد الشرع، فإما أن يُثبت أن عهده مختلف، أو أن يكتب التاريخ أن ما بعد الأسد كان امتدادًا أكثر دموية لعهد ما قبله.
اقرأ أيضا
تفجير مرقد الخميني.. كيف أجهضت إيران مخطط داعش لاستهداف ذكرى “روح الله”؟