بعد وقف إطلاق النار.. هل انتهت فرص الحرب بين الهند وباكستان؟

الاشتباك الأخير الذي استمر أربعة أيام بين الهند وباكستان جعل الدولتين النوويتين تدقان ناقوس الخطر مجدداً بشأن الوضع المتقلب بين البلدين.
ووفقا لتحليل صنداي تايمز، رغم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، لا تزال التوترات الكامنة دون حل، حيث تزيد التقنيات العسكرية الحديثة والنزعة القومية المتجذرة لدى الجانبين من احتمال نشوب صراع مستقبلي، وبينما تواجه الدولتان تداعيات هذا التصعيد الخطير، يبقى مستقبل المنطقة على المحك.
تصعيد جديد: طائرات بدون طيار وصواريخ على خطوط المواجهة
شهد الصراع، الذي اندلع إثر هجوم إرهابي في كشمير أسفر عن مقتل 26 مدنياً، تصعيداً حاداً في استخدام التكنولوجيا العسكرية المتقدمة. ونشرت الدولتان موجات من الغارات الجوية، وابلاً من الصواريخ المضادة للطائرات، وطائرات بدون طيار مسلحة لأول مرة، مما زاد من حدة المواجهة الجوية.
تجاوزت هذه الطائرات بدون طيار، القادرة على العمل دون تعريض حياة الطيارين للخطر، المناطق الحدودية، وضربت في عمق أراضي كل دولة، واستهدفت قواعد جوية ومنشآت دفاعية رئيسية.
شكّل التزايد السريع في تطور هذه الأسلحة مرحلةً جديدةً في الصراع الهندي الباكستاني، مرحلةً امتلك فيها كلا الجانبين القدرة على ضرب مواقع عسكرية واستراتيجية حساسة.
مع استمرار ضربات الصواريخ والطائرات المسيرة في ضرب أهداف داخل البلدين، تصاعدت التوترات إلى أعلى مستوياتها، ليُصبح البلدان على شفا حرب شاملة.
شبكة أمان أضعف للسلام
جاء الرد الدبلوماسي الدولي في اللحظة الأخيرة، مع تصاعد الضغوط لمنع المزيد من التصعيد. تاريخيًا، لعب التدخل الخارجي دورًا حاسمًا في إبعاد الهند وباكستان عن شفا حرب شاملة، ولكن في هذه الحالة، بدت شبكة الأمان للسلام أضعف من أي وقت مضى.
أشار سريناث راغافان، المؤرخ العسكري والمحلل الاستراتيجي، إلى أنه في حين يعتمد كلا البلدين على إمدادات الأسلحة الخارجية، إلا أن المواقف هذه المرة بدت أكثر تطرفًا، حيث رفض أي من الجانبين السماح للآخر بأن يكون له اليد العليا.
بدت الهند، على وجه الخصوص، عازمةً على تحقيق نتيجة حاسمة، ربما سعيًا منها إلى الخروج من الطبيعة الدورية للصراعات السابقة.
القومية المتجذرة والواقع السياسي
تكمن جذور هذه الأزمة في القومية الدينية المتجذرة لدى كلا الجانبين. ففي باكستان، لا تزال المؤسسة العسكرية مهيمنة، بقيادة جنرال متشدد، بينما في الهند، أعاد صعود القومية الهندوسية بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي تشكيل نهج البلاد تجاه باكستان. وقد صعّب هذا المناخ السياسي المتنامي على أيٍّ من الجانبين التراجع عن المواجهة.
لطالما ركزت باكستان، بقيادة جيشها، على إبقاء الهند تحت السيطرة، بينما أصبحت القيادة الهندية، مدفوعةً بالمشاعر القومية الهندوسية، أكثر تشددًا في موقفها تجاه باكستان. وبينما يسعى مودي إلى تأكيد قوة الهند على الساحة العالمية، فإنه يواجه أيضًا ضغوطًا داخلية ناجمة عن القومية الدينية التي تتطلب موقفًا متشددًا تجاه باكستان.
أقرا أيضا.. جولة جديدة من مباحثات أمريكا وإيران في سلطنة عمان.. هل تكون الأخيرة؟
الطريق إلى هدنة هشة
انتهت الجولة الأخيرة من الصراع بوقف إطلاق النار، ولكن ليس قبل أن يُلحق كلا الجانبين أضرارًا جسيمة بالآخر. اعتُبرت الغارات الجوية الهندية، التي استهدفت عمق الأراضي الباكستانية أكثر من السنوات السابقة، بمثابة تأكيد قوي على القوة العسكرية.
مع ذلك، تساءل المحللون عما إذا كان هذا التصعيد قد حسّن بالفعل الوضع العملياتي والاستراتيجي للهند. ورغم إعلانها النصر، تبدو المكاسب العملياتية للهند محدودة، حيث تحول الصراع إلى تبادل تقليدي للنيران المدفعية استمر في تصعيد حصيلة القتلى.
جاء اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه بمشاركة قوى دولية، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، قبيل تفاقم الوضع. ومع ذلك، فقد أشارت الهند بالفعل إلى أن أي هجوم إرهابي مستقبلي على أراضيها سيُقابل بقوة عسكرية مماثلة، مما يضيق المجال أمام الحل الدبلوماسي.
التهديد النووي والطريق إلى الأمام
مع استمرار البلدين في استعراض قوتهما العسكرية، يظل شبح الصراع النووي حاضرًا دائمًا. ومع امتلاك كل منهما للأسلحة النووية، فإن أي خطأ في الحسابات أو مزيد من التصعيد قد يكون له عواقب وخيمة على المنطقة والعالم.
يُسلّط الصراع الدائر الضوء على هشاشة السلام بين الهند وباكستان، حيث يواصل البلدان الاستعداد لمواجهات مستقبلية، مدفوعةً بالعداوات العميقة الجذور وتأثير الحركات القومية القوية.
وبينما يواصل المجتمع الدولي مراقبة الوضع، يبقى السؤال مطروحًا: هل تستطيع الهند وباكستان إيجاد سبيل لتهدئة هذا الصراع، أم أن المنطقة على شفا اشتباكات أكثر تواترًا وعنفًا، مع احتمال نشوب مواجهة نووية مدمرة؟