بعد 30 عاما من الغياب.. البنك الدولي يعود إلى سوريا بمنحة تاريخية

في تطور جديد يُنظر إليه على أنه تحول نوعي في مسار العلاقة بين المؤسسات الدولية وسوريا، بدأت الحكومة السورية، اليوم الأحد، مناقشات رسمية مع وفد من البنك الدولي حول منحة بقيمة 146 مليون دولار، مخصصة لإصلاح خطوط نقل الكهرباء مع الأردن وتركيا.

وتُعد هذه المنحة أول دعم مباشر من مجموعة البنك الدولي لسوريا منذ نحو ثلاثة عقود، وهو ما يعكس – وفق الخبراء – تغيراً تدريجياً في النظرة الدولية للملف السوري، خاصة على الصعيد الاقتصادي، وفقا لـ “سي إن إن الاقتصادية”

منحة البنك الدولي: خطوة أولى نحو إعادة الإعمار

أكد وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، أن الاجتماعات الفنية الخاصة بالمنحة انطلقت بحضور ممثلين عن وزارتي المالية والطاقة، ومصرف سوريا المركزي، إضافة إلى خبراء دوليين من البنك، بينهم مختصون في القانون والمالية والطاقة.

كما شملت النقاشات مشاركة فاعلة عن بُعد من باريس وواشنطن، في دلالة على اهتمام دولي ملحوظ بالملف السوري.

وبحسب برنية، فإن الهدف هو إنهاء الترتيبات الكاملة للاتفاقية خلال اليومين المقبلين، تمهيداً لعرض المشروع على مجلس إدارة البنك الدولي في 23 يونيو المقبل لاعتماده رسمياً.

وأعرب الوزير عن أمل الحكومة في نجاح تنفيذ المشروع، مما قد يمهد لمنحة إضافية في السنة المالية المقبلة، والتي تبدأ في يوليو 2025.

منحة البنك الدولي.. دعم تاريخي يعكس تحوّلاً في المواقف

وتكتسب هذه المنحة أهمية مضاعفة لكونها تمثل أول دعم مباشر منذ ما يقارب 30 عاماً، ما يعكس – بحسب مراقبين – بداية انفتاح حذر من جانب المجتمع الدولي تجاه دعم الاقتصاد السوري، بعد سنوات طويلة من العزلة والعقوبات الاقتصادية.

ويرى مراقبون أن البنية التحتية السورية المتضررة بشدة، خصوصاً في قطاع الطاقة، تحتاج إلى دعم خارجي كبير، وهذه الخطوة قد تكون مدخلاً لشراكات أوسع في المستقبل.

وفي منشور له عبر “لينكد إن”، دعا برنية السوريين إلى التفاؤل، واصفا هذه المبادرة بأنها بداية انفتاح اقتصادي يمكن أن يسهم في تحسين معيشة المواطنين وإعادة بناء الخدمات الأساسية.

السعودية وقطر في قلب المشهد.. دعم مباشر وسداد للديون

وفي سياق متصل، أعلنت المملكة العربية السعودية ودولة قطر سداد الديون السورية المستحقة لصالح البنك الدولي والبالغة نحو 15 مليون دولار، مما أتاح لدمشق التأهل مجددا للحصول على منح تنموية جديدة.

ويرى محللون أن هذه الخطوة تجسد التزاما خليجيا متصاعدا بدعم استقرار سوريا، ليس فقط سياسيا، بل أيضا اقتصاديا، في إطار إعادة تموضع استراتيجي في المنطقة.

وكان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان قد زار دمشق بالأمس، في زيارة وصفت بـ”التاريخية”، حيث أكد التزام الرياض بدعم سوريا في مرحلة إعادة الإعمار، معلنا عن دعم مالي مباشر للعاملين في القطاع العام السوري لمدة ثلاثة أشهر، بالتعاون مع قطر.

دمشق ترحب بـ”الدور السعودي” وتثمّن رفع العقوبات

ومن جانبه، أثنى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني على الدور السعودي في تخفيف العقوبات، معتبرا أن هذه المبادرة ساهمت في تهيئة مناخ مناسب للتعاون الإقليمي والدولي في ملف إعادة الإعمار.

وأكد الشيباني أن الشراكة الاقتصادية المرتقبة مع المملكة ستسهم في تحريك عجلة الاقتصاد السوري وخلق فرص عمل في قطاعات حيوية مثل الطاقة والزراعة والبنية التحتية.

 

اقرأ أيضا: طي صفحة الماضي.. السعودية وقطر تقدمان دعمًا ماليًا كبيرًا لتعافي سوريا

المجتمع الدولي يعيد حساباته

وبحسب بيان البنك الدولي، فإن تسوية متأخرات سوريا أعادت تأهيلها للاستفادة من برامج الدعم التنموي، وأعربت المؤسسة عن استعدادها للتعاون مع شركاء دوليين لحشد التمويل اللازم لتطوير البنية التحتية والخدمات في البلاد.

الطريق إلى التعافي: دعم دولي واستحقاقات داخلية

مع تزايد الإشارات الدولية الإيجابية، يبدو أن سوريا تدخل مرحلة جديدة عنوانها “التحول التدريجي نحو التعافي”.

والمنحة الأخيرة، إلى جانب الدعم الخليجي، يفتحان نافذة أمل أمام اقتصاد أنهكته الحرب على مدى 14 عاما. لكن، كما يشير الخبراء، فإن استدامة هذا التعافي تتطلب إصلاحات داخلية شاملة، وضمانات للشفافية، وشراكات تنموية فاعلة.

زر الذهاب إلى الأعلى