بعد COP28.. الإمارات تستكشف تقنية المفاعلات النووية المصغّرة مع “جنرال إلكتريك”

على هامش مؤتمر المرافق العالمي الذي استضافته العاصمة الإماراتية أبوظبي، أعلنت شركة الإمارات للطاقة النووية (ENEC) عن توقيع اتفاقية تعاون محورية مع شركة “جنرال إلكتريك فيرنوفا هيتاشي للطاقة النووية” لتقييم جدوى وفُرص استخدام تقنية المفاعلات النووية المصغّرة من طراز BWRX-300  في الإمارات وخارجها.

الإمارات تستخدم الطاقة النووية لتحديث البنية التحتية للطاقة

يُعد هذا التعاون امتدادًا لاتفاقية أولى وُقّعت في عام 2023 خلال فعاليات مؤتمر الأطراف COP28، ويأتي ضمن جهود “البرنامج المتقدم لتقنيات الطاقة النووية” الذي أطلقته شركة الإمارات للطاقة النووية لتحديث البنية التحتية للطاقة، والبحث عن حلول مبتكرة مستدامة منخفضة الكربون.

التكنولوجيا النووية حل سحري لأزمات الطاقة العالمية

تُعد تقنية المفاعلات النووية المصغّرة من طراز BWRX-300 من أحدث التطورات في مجال الطاقة النووية السلمية.

وتتميز هذه المفاعلات بمرونتها العالية وكفاءتها التشغيلية وتكلفتها المنخفضة مقارنة بالمفاعلات التقليدية، ما يجعلها مثالية لمواجهة التحديات المتزايدة في مجال توليد الطاقة النظيفة.

ويأتي هذا التوجه في وقت يشهد فيه العالم طفرة متسارعة في الطلب على الطاقة، مدفوعًا بالنمو الهائل في مراكز البيانات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، مما يجعل الحاجة ماسة إلى مصادر موثوقة ومستدامة لتوليد الكهرباء دون انبعاثات كربونية.

اتفاقية شاملة وخطة استراتيجية طموحة

وقع الاتفاقية كلٌ من محمد الحمادي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة الإمارات للطاقة النووية، ومافي زينغوني، الرئيس التنفيذي لقطاع الطاقة في شركة “جنرال إلكتريك فيرنوفا”، حيث تم الاتفاق على تطوير خطة متكاملة تتضمن:

تقييم مواقع محتملة لنشر المفاعلات المصغّرة.

وضع مسارات واضحة للحصول على التراخيص التنظيمية.

تحديد استراتيجيات الاستثمار والتمويل.

تعزيز سلسلة التوريد اللازمة لدعم المشروع.

دراسة فرص التوسع الإقليمي والعالمي باستخدام هذه التقنية.

وأكد الحمادي أن الاتفاقية تمثل “مرحلة جديدة من التعاون لتسريع نشر تقنيات المفاعلات النووية المتقدمة الجديدة، سواءً في الدولة أو في مختلف أنحاء العالم”، موضحًا أن الخطة ستستند إلى أعلى معايير الجودة والسلامة لتقديم مشاريع طاقة نووية آمنة وفعالة.

من جانبها، قالت زينغوني إن المفاعلات المصغّرة تمثل “جزءًا مهمًا من مستقبل آمن ومستدام للطاقة”، معربة عن اعتزازها بالشراكة مع الإمارات لتعزيز الابتكار في قطاع الطاقة النووية.

شراكة نووية الإمارات
مراسم توقيع العقد بين العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة الإمارات للطاقة النووية والرئيس التنفيذي لقطاع الطاقة في شركة “جنرال إلكتريك فيرنوفا”

الريادة الإماراتية في تشغيل المفاعلات النووية

تتمتع شركة الإمارات للطاقة النووية بسجل حافل في تشغيل وتطوير المفاعلات النووية، حيث نجحت في بناء وتشغيل محطات براكة الأربع في منطقة الظفرة، والتي توفر نحو 25% من احتياجات الدولة من الكهرباء بشكل نظيف ومنخفض الانبعاثات الكربونية.

وتُعد محطات براكة نموذجًا عالميًا في سرعة الإنجاز وكفاءة التشغيل، وقد حصلت الشركة على عضوية مركز أتلانتا التابع للمنظمة الدولية للمشغلين النوويين (WANO)، ما يعكس التزامها بتطبيق معايير السلامة والشفافية الدولية المعتمدة في الولايات المتحدة.

اقرأ أيضا: ابتكار غير مسبوق| الصين تحول قذائف المدفعية إلى قنابل جوية.. تكلفة أقل ودقة أعلى

المفاعلات المصغّرة: نقلة نوعية في مستقبل الطاقة

المفاعل BWRX-300، الذي تطوره شركتا “جنرال إلكتريك” و”هيتاشي”، هو تصميم نووي متقدم ينتمي إلى فئة المفاعلات المائية الخفيفة (Boiling Water Reactor)، ويمثل أحدث جيل من المفاعلات المصغّرة، إذ يتميز بكفاءة تشغيل عالية، وحجم صغير، وانخفاض تكاليف البناء والتشغيل.

وقد بدأت تقنية BWRX-300 بالفعل في الدخول إلى مرحلة التنفيذ التجاري، حيث وافقت مقاطعة أونتاريو الكندية وشركة أونتاريو لتوليد الطاقة في مايو 2025 على إنشاء أول مفاعل من هذا الطراز في الغرب، مما يمثل علامة فارقة في تاريخ تطوير الطاقة النووية السلمية.

الاستخدام السلمي للطاقة النووية والتزام إماراتي دولي

منذ إطلاق برنامجها النووي السلمي، حرصت دولة الإمارات على الالتزام الكامل بالمعايير الدولية، حيث كانت من أوائل الدول العربية التي وقّعت وصادقت على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) عام 1995، وأكدت مرارًا على أن مشروعها النووي يهدف فقط إلى الاستخدامات السلمية للطاقة.

كما أبرمت الإمارات اتفاقية التعاون النووي السلمي مع الولايات المتحدة والمعروفة باسم “اتفاقية 123″، التي تنص على أعلى درجات الشفافية، بما يشمل عدم تخصيب اليورانيوم أو إعادة معالجته داخل الدولة، مما يُعد نموذجًا يُحتذى به في التزام الدول بالاستخدام السلمي للتقنيات النووية.

وسيتم توظيف مفاعلات BWRX-300 في الإمارات لدعم استقرار الشبكة الكهربائية، وتوفير طاقة أساسية منخفضة الكربون لتلبية احتياجات القطاعات المتنامية مثل الذكاء الاصطناعي والصناعة والخدمات اللوجستية، بما يسهم في تحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

نحو مستقبل نظيف وآمن للطاقة

يمثل توقيع هذه الاتفاقية نقلة نوعية في مسيرة الإمارات نحو تعزيز أمن الطاقة وتنويع مصادرها. ومن خلال الجمع بين الابتكار التكنولوجي والخبرة التشغيلية، تؤكد الإمارات مجددًا ريادتها في تطوير الطاقة النووية السلمية على المستوى الإقليمي والعالمي، في إطار رؤية استراتيجية تستهدف الاستدامة والتفوق التكنولوجي في القرن الحادي والعشرين.

الإمارات أول دولة تمتلك طاقة نووية في العالم العربي

بدأت الإمارات العربية المتحدة بتشغيل أول مفاعل للطاقة النووية في العالم العربي، على ساحل الخليج، وذلك في أغسطس عام 2020.

وقد بدأت عملية الاندماج النووي في واحد من المفاعلات الأربعة في محطة “براكة”، التي تستخدم تقنية كورية جنوبية .. وكان يتوقع افتتاح المحطة في العام 2017 ولكن البدء في التشغيل تأجل عدة مرات بسبب مشاكل مختلفة تتعلق بالسلامة.

وتلبي محطة “براكة” رُبع احتياجات الإمارات من الطاقة.

اقرأ أيضًا: جاكرتا تُغير بوصلتها التسليحية| هل تودع “رافال” وتتجه نحو المقاتلات الصينية والروسية؟

زر الذهاب إلى الأعلى