بكين تستعرض قوتها الجوية.. قاذفات “H-6” تصل بحر الصين الجنوبي قُبيل حوار “شانغريلا”

أظهرت صور أقمار صناعية حديثة، التُقطت في مايو الجاري، قيام الصين بنشر قاذفتين من طراز H-6، الأحدث ضمن أسطولها الاستراتيجي، في جزيرة وودي المتنازع عليها ضمن أرخبيل باراسيل في بحر الصين الجنوبي.

ويمثل هذا الظهور الأول لهذه القاذفات في الجزيرة منذ عام 2020، ويعكس تصعيدًا محسوبًا في استراتيجية بكين لفرض سيطرتها في هذه المنطقة المتنازع عليها، التي تشملها نزاعات مع الفلبين وفيتنام وتايوان ودول أخرى.

قاذفات الصين رسالة تهديد لأمريكا بالتزامن مع “حوار شانغريلا”

يتزامن الانتشار مع اقتراب انعقاد “حوار شانغريلا” الدفاعي الإقليمي في سنغافورة، الذي يشارك فيه كبار قادة الدفاع حول العالم، بمن فيهم وزير الدفاع الأمريكي.. وذلك في رسالة تهديد واضحة للولايات المتحدة.

تشهد نسخة هذا العام من “حوار شانغريلا”، التي ينظمها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، مشاركة 47 دولة، مع 40 مندوباً على مستوى الوزراء، و20 مندوباً على مستوى رؤساء قوات الدفاع، وأكثر من 20 مسؤولاً دفاعياً كبيراً، فضلاً عن أكاديميين بارزين.

ومن الواضح أن بكين توجه عبر هذا التمركز رسالة استراتيجية مزدوجة: استعراض قوة أمام الخصوم الإقليميين، وردع واشنطن عن أي تحرك يعارض سياساتها الإقليمية.

قاذفات القنابل الصينية
قاذفة القنابل الصينية H-6K

جزيرة وودي: نقطة ارتكاز عسكرية متقدمة

تُعد جزيرة وودي، أو يونغشينغ كما تسميها الصين، القاعدة الجوية الأكثر تطورًا لبكين في بحر الصين الجنوبي، وتضم مدرجًا بطول 3000 متر، حظائر طائرات محصنة، وبنية تحتية تتيح دعم العمليات الجوية المتقدمة.

وقد تم رصد وجود طائرة إنذار مبكر من طراز KJ-500 وطائرة نقل ثقيل من طراز Y-20، في تأكيد على الطبيعة المنسقة للعملية العسكرية.

H-6 .. من إرث الحرب الباردة إلى سلاح ردع معاصر

القاذفة H-6 هي نسخة مطوّرة من القاذفة السوفيتية Tu-16، وقد خضعت لترقيات عميقة جعلتها اليوم إحدى أبرز منصات الضربات بعيدة المدى في ترسانة الصين.

النسخة H-6K، التي دخلت الخدمة في 2009، مزودة بإلكترونيات طيران رقمية، محركات توربوفان Soloviev D-30KP-2، وقدرة على حمل صواريخ كروز من طراز CJ-10A وصواريخ YJ-12 المضادة للسفن.

أما النسخة الأحدث H-6N، فهي مزوّدة بمسبار للتزود بالوقود جوًا، ويمكنها حمل صواريخ باليستية أو طائرات مسيرة تطلق من الجو، ما يعزز مرونتها في العمليات المتعددة، بما يشمل الردع النووي والضربات البحرية والبرية الدقيقة.

اقرأ أيضًا: الذكاء الاصطناعي سلاح المستقبل في أعين الجنود| نظارة “Meta Quest” تدخل مجال الحروب

حزم تسليحية قادرة على تغيير قواعد اللعبة

YJ-12 .. صاروخ مضاد للسفن تفوق سرعته سرعة الصوت ويصل مداه إلى 250 ميلًا، قادر على تهديد حاملات الطائرات والمنصات البحرية الغربية.

CJ-10A .. صاروخ كروز جو-أرض بدقة توجيه عالية ومدى يتجاوز 900 ميل.

CH-AS-X-13 .. صاروخ باليستي يُحتمل أن يكون نووي الرأس، يُطلق من الجو ويُستخدم ضد الأهداف البحرية عالية القيمة.

تشير التقديرات إلى أن فوجًا من 18 قاذفة H-6K قادر على إطلاق أكثر من 100 صاروخ في هجوم منسق، ما يمثل تحديًا كبيرًا لأي درع دفاعي بحري.

التكامل مع المنظومة الشبكية الصينية

يُعد نشر طائرة KJ-500 للإنذار المبكر عنصرًا حاسمًا في إدارة المعركة، بفضل قدرتها على توفير وعي ظرفي لحظي وتوجيه الضربات الدقيقة.

أما طائرة النقل Y-20، فتتيح نشرًا سريعًا للأفراد والمعدات، وتعزز القدرة على دعم العمليات اللوجستية في الجزر النائية.

دلالات النشر المؤقت: ردع أم اختبار حدود؟

بين 17 و23 مايو، رُصدت القاذفات H-6 في جزيرة وودي، لكن محللين مثل بن لويس من PLATracker يشيرون إلى أن التمركز طويل الأمد مستبعد نظرًا لانكشاف الجزيرة أمام الاستهداف.

رغم ذلك، فإن القدرة على تحريك أصول استراتيجية نحو مواقع أمامية تعكس تصعيدًا مرنًا ورسالة ردع مستترة.

نمط متكرر من التصعيد المدروس

تكرار استخدام قاذفات H-6 في جزر متنازع عليها ليس جديدًا. في 2018، أجرت الصين تدريبات لهبوط القاذفات في الجزيرة ذاتها، وفي 2020 حلقت فوق جزر سبراتلي، فيما نفذت في 2024 دوريات جوية مشتركة مع قاذفات روسية قرب تايوان واليابان، ما يعكس طابعًا تصاعديًا ومستمرًا في استعراض القوة.

بين الردع الأمريكي والتصعيد الصيني

رغم رفض الصين لحكم محكمة لاهاي عام 2016 الذي نفى شرعية مطالبها البحرية، تواصل بكين تحويل الجزر المتنازع عليها إلى قواعد عسكرية، مجهزة بمدارج وصواريخ وأنظمة رادار.

في المقابل، تواصل واشنطن تعزيز وجودها العسكري، مع نشر قاذفات B-52 في غوام، وأجنحة مقاتلة في اليابان، وحاملة طائرات في غرب المحيط الهادئ.

اقرأ أيضاً: HK416 الألمانية.. سلاح النخبة بمواصفات استثنائية وأفضل بندقية هجومية في العالم لعام 2025

زر الذهاب إلى الأعلى