“بلاك هوك”| مروحية المهام الصعبة.. التفوق الأمريكي في سماء الخطر

منذ أن أقلعت لأول مرة أواخر سبعينيات القرن الماضي، باتت المروحية الأمريكية “بلاك هوك” واحدة من أكثر المروحيات العسكرية شهرةً واعتمادًا في العالم.
ليست مجرد ناقلة جنود، بل منصة مرنة ومتعددة الاستخدامات، أثبتت فعاليتها في مختلف السيناريوهات، من العمليات الخاصة إلى الإخلاء الطبي والإنزال الجوي.
بلاك هوك الأمريكية رمزاً للسرعة والقوة
في ساحة المعركة الحديثة، تعتبر بلاك هوك رمزًا للسرعة والموثوقية والقوة، وقد أصبحت حجر الأساس في العديد من أسلحة الجو، وعلى رأسها سلاح الجو الإسرائيلي الذي يشغلها منذ ثمانينيات القرن العشرين.
سيكورسكى أصبحت جزءاً من لوكهيد مارتن
تُنتج مروحية بلاك هوك شركة Sikorsky Aircraft الأمريكية، والتي أصبحت لاحقًا جزءًا من شركة لوكهيد مارتن. وقد بدأ إنتاج المروحية منذ عام 1979، وتطورت بشكل مستمر لتواكب التحديات الحديثة من خلال نسخ مثل UH-60M وHH-60W.
قدرات فنية كبيرة للمروحية الأمريكية
تعتمد بلاك هوك في نسخها UH-60A وUH-60L على تصميم متين يتميز بمرونة كبيرة في المهام، حيث يبلغ طولها حوالي خمسين قدمًا، ويصل قطر دوارها إلى أكثر من ثلاثة وخمسين قدمًا.
تعمل بمحركين من طراز T700-GE-701C من إنتاج شركة “جنرال إلكتريك”، يوفر كل منهما قوة تصل إلى 1890 حصانًا، مما يمنحها قدرة دفع عالية وسرعة قصوى تبلغ نحو 159 عقدة، أي ما يعادل قرابة 294 كيلومترًا في الساعة.
تمتد قدرة الطيران لديها إلى حوالي 320 ميلًا بحريًا، وهو مدى يجعلها مناسبة للعمليات داخل العمق، خاصة إذا دعمت بخزانات وقود إضافية. ويُمكنها نقل ما يصل إلى 11 جنديًا مجهزين بالكامل، أو تحميل معدات ومؤن خارجية تزن حتى 9 آلاف رطل، ما يجعلها مثالية للدعم اللوجستي السريع.
- A US Army (USA) UH-60L Black hawk Helicopter flies a low-level mission over Iraq during Operation IRAQI FREEDOM.
الاستخدامات العملياتية لبلاك هوك
ما يجعل بلاك هوك مميزة عن غيرها هو تنوع مهامها .. فهي مروحية “متعددة الأدوار” بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
يمكن تهيئتها للنقل التكتيكي للقوات، أو كمروحية إخلاء طبي مزودة بمعدات دعم حياة، أو حتى للبحث والإنقاذ في ظروف قتالية.
في بعض القوات، جُهزت بأنظمة اتصالات متقدمة ومعدات استطلاع، لتكون منصة للقيادة والسيطرة المحمولة جوًا .. كما يُمكن تسليحها عند الحاجة لتتحول إلى منصة دعم ناري مباشر، كما هو الحال في نسخة MH-60L DAP المخصصة للعمليات الخاصة.
تسليح برشاشات ثقيلة وصواريخ موجهة
على الرغم من أن النسخ الأساسية غير مزودة بتسليح ثقيل، إلا أن بلاك هوك قادرة على حمل رشاشات ثقيلة مثل M240 أو Minigun سداسية السبطانة مثبتة على النوافذ الجانبية.
كما يمكن تجهيزها بأنظمة صواريخ موجهة أو غير موجهة في نسخ خاصة، إضافة إلى تجهيزها بأنظمة تشويش إلكتروني وشراك خداعية لمواجهة الصواريخ الحرارية.
المروحية الأكثر انتشاراً في 30 دولة حول العالم
تُعد بلاك هوك أحد أكثر المروحيات انتشارًا في العالم. إلى جانب الولايات المتحدة التي تُعد المشغل الأكبر لها في جميع فروع الجيش، تستخدمها أكثر من ثلاثين دولة حول العالم، من بينها إسرائيل، السعودية، الإمارات، كوريا الجنوبية، تركيا، اليابان، تايلاند، الفلبين، كولومبيا، بولندا، السويد، والمكسيك.
في إسرائيل تحديدًا، تلعب دورًا محوريًا في نقل القوات الخاصة، والمشاركة في مهام الإنقاذ والإخلاء، وقد اكتسبت سمعة جيدة في ظروف العمليات المعقدة.
اقرأ أيضًا: الصين تتحدى الهيمنة البحرية الأمريكية عبر حاملة الطائرات فوجيان
السعر والتكلفة .. تصل لـ30 مليون دولار
يتراوح سعر المروحية بلاك هوك الواحدة (في النسخة UH-60M الأحدث) بين 21 إلى 30 مليون دولار أمريكي، اعتمادًا على التجهيزات الإلكترونية والتسليحية المرافقة.
ورغم أن تكلفة تشغيلها سنويًا ليست منخفضة، إلا أن اعتمادها على نطاق واسع وخبرة التشغيل الطويلة لها جعلتها خيارًا اقتصاديًا استراتيجيًا مقارنة بمروحيات هجومية ثقيلة.
لا تتفوق في السرعة أو الحمولة ولكن تتميز بالتكامل مع أنظمة القيادة
عند مقارنتها بمروحيات أخرى مثل الروسية Mi-17، أو الأوروبية NH90، أو الإيطالية AW149، نجد أن بلاك هوك ربما لا تتفوق في الحمولة أو السرعة، لكنها تتفوق في عنصر المرونة والموثوقية والتكامل مع أنظمة القيادة الغربية.
كذلك، توفر بنية الدعم الفني والتحديث المستمر لها ميزات يصعب منافستها، خاصة في بيئات الناتو والدول المتحالفة مع واشنطن.
النجاح الكبير الذي حققته بلاك هوك لا يعود فقط إلى هندستها الجيدة، بل أيضًا إلى فلسفة تصميمها القائمة على القابلية للتحديث، وسهولة الصيانة، والاعتمادية العالية في ظروف التشغيل القاسية.
لقد أثبتت نفسها في حروب متنوعة، من العراق وأفغانستان إلى مهمات الإغاثة في هاييتي وتركيا.
تطوير متواصل يجعلها تستمر لعقود قادمة
كما أن تطورها المستمر، خاصة مع ظهور النسخ الجديدة مثل HH-60W القتالية الخاصة بالإنقاذ، أو النسخة المستقبلية ضمن برنامج Future Long Range Assault Aircraft (FLRAA)، يؤكد أن بلاك هوك ليست مجرد مروحية تقليدية، بل منصة مرنة تخضع لتحديثات مستمرة لتبقى في قلب المعركة لعقود قادمة.
في عالم يتغير بسرعة، تظل “بلاك هوك” ثابتة على قمة قائمة المروحيات العسكرية متعددة الأدوار، بفضل مزيج من القوة والاعتمادية والتكيف مع المهام. وبينما تواصل جيوش العالم تحديث أساطيلها، من المؤكد أن بلاك هوك ستبقى حاضرة بقوة في مسرح العمليات العالمي، كرمز أمريكي للتفوق الجوي القتالي.
اقرأ أيضًا: عين مصر على “لوكلير”| ما الذي يميز الدبابة الفرنسية وهل تناسب الاحتياجات المصرية؟