بلدنا القطرية تختار مصر مركزا استراتيجيا لدعم توسعاتها.. وتعلن استثمارا ضخما غير مسبوق في سوريا

في خطوة لافتة تعكس اتساع رؤيتها الإقليمية، أعلنت شركة بلدنا القطرية، إحدى أبرز شركات تصنيع الألبان والمشروبات في المنطقة، عن موافقة مجلس إدارتها بالإجماع على إطلاق مشروع صناعي متكامل في سوريا، باستثمار ضخم يصل إلى 250 مليون دولار، بالتوازي مع خطوة استراتيجية لتوسيع انتشارها الإقليمي عبر تأسيس شركة تابعة جديدة في مصر.

مشروع صناعي متكامل: رهان على سوريا ما بعد الأزمة

بحسب بيان رسمي صادر عن الشركة لبورصة قطر، فإن المشروع المرتقب في سوريا يشمل تطوير مجمع صناعي متكامل يشمل مصنع لإنتاج الألبان، منشأة لمعالجة العصائر، وحدة لتصنيع العبوات البلاستيكية، ومحطة لمعالجة المياه.

وتمثل هذه الخطوة أول دخول مباشر لشركة غذائية قطرية إلى السوق السوري بهذا الحجم منذ أكثر من عقد، كما تشير إلى تحوّل استراتيجي في تموضع الاستثمارات الخليجية تجاه سوريا، في ظل حالة من الانفتاح السياسي المحدود والتسهيلات المتزايدة للمستثمرين الأجانب.

مصر.. محور تشغيلي جديد في خارطة بلدنا

بالتوازي مع هذا التوسع الصناعي، وافق مجلس الإدارة أيضا على تأسيس شركة تابعة في مصر، ستكون مسؤولة عن تقديم خدمات الدعم الخلفية (Back-office support) مثل الموارد البشرية، الشؤون القانونية، والمحاسبة.

ويمثل اختيار مصر خطوة ذكية محسوبة تستند إلى وفرة الكفاءات، وتكاليف التشغيل التنافسية، وموقعها المحوري بين أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا.

ووفق رؤية الشركة، فإن هذا الكيان سيكون جزءا من هيكل داعم لتوسع “بلدنا” خارج حدود السوق القطري، وسيسهم في تعزيز الأداء التشغيلي وتسهيل إدارة عملياتها المتنامية.

أداء مالي قوي يدعم التوسع

وكانت الشركة القطرية قد حققت نتائج مالية إيجابية في الربع الأول من عام 2025، إذ سجلت نموا في الأرباح بنسبة 20% ليصل صافي الربح إلى 58.2 مليون ريال قطري، متجاوزا التوقعات.

وعزّز هذا النمو ارتفاع الدخل التشغيلي بنسبة 24% ليبلغ 77.7 مليون ريال، إضافة إلى أرباح من استثمارات مالية بلغت 11.3 مليون ريال. إلا أن ارتفاع تكاليف التمويل والمصروفات البنكية، إلى جانب انخفاض التعويضات الحكومية بنسبة 22%، شكّل بعض الضغط على ربحية السهم التي استقرت عند 0.030 ريال.

خبراء: بلدنا تؤسس لنموذج استثمار خليجي جديد في سوريا

ويرى خبراء اقتصاديون أن الخطوة التي اتخذتها بلدنا تعبّر عن ثقة محسوبة في السوق السوري، مع استغلال فرصة الدخول المبكر في قطاعات ذات طلب مرتفع مثل الصناعات الغذائية والبنية التحتية المرتبطة بها.

ويعلق د. خالد المدني، خبير الاقتصاد الإقليمي: “ما تقوم به بلدنا هو إعادة تموضع استراتيجي، يوازن بين الاستفادة من بيئة ما بعد الأزمة في سوريا، وبين تعزيز فعالية التشغيل من خلال مصر”.

اقرأ أيضا.. كيف أصبحت المعادن النادرة السلاح التجاري الأبرز للصين ونقطة الضعف الأمريكية؟

وأضاف: “هذا التوجه قد يُلهم شركات أخرى خليجية للعودة بحذر إلى السوق السوري في قطاعات غير تقليدية.”

رؤية ممتدة نحو الإقليم

وبقراراتها الأخيرة، ترسل شركة بلدنا إشارات واضحة بأنها لا تسعى فقط للنمو المحلي، بل تسير نحو تموضع إقليمي أوسع يجعلها لاعبا رئيسيا في صناعة الأغذية والمشروبات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مستفيدة من التكامل التشغيلي، والتوسع الذكي، وتوقيت محسوب.

زر الذهاب إلى الأعلى