بمدى يتجاوز 2000 كم.. بريطانيا وألمانيا تطلقان مشروع سلاح المستقبل لتطوير الهجوم

في خطوة تعدّ تحولًا استراتيجيًا في مسار التعاون الدفاعي الأوروبي، أعلنت كلٌّ من المملكة المتحدة وألمانيا، أمس الخميس عزمهما تطوير نظام هجومي جديد بعيد المدى، بمدى يتجاوز 2000 كيلومتر، كجزء من اتفاقية الدفاع الثنائي الطموحة المعروفة باسم “ترينيتي هاوس”، التي تم توقيعها في أكتوبر الماضي في لندن.
سلاح المستقبل بمدى يتجاوز 2000 كم
ويمثل هذا الإعلان أول تأكيد رسمي من البلدين على التزامهما المشترك بتطوير قدرة هجومية دقيقة طويلة المدى، تُمكّنهما من تعزيز الردع الدفاعي لحلف شمال الأطلسي “الناتو”، ودعم الأمن الأوروبي في ظلّ التحديات الجيوسياسية المتزايدة في العالم.
السلاح الجديد الذي يعمل البلدان على تطويره، سيكون من بين أكثر الأنظمة تقدمًا في تاريخ المملكة المتحدة، حيث يجمع بين مدى يتجاوز 2000 كيلومتر ودقة عالية في التوجيه، ما يجعله أداة ردع فعالة ضد التهديدات الاستراتيجية، ويعزز أمن الشعب البريطاني، ويخدم أهداف الدفاع المشترك في أوروبا.
برنامج طوربيدات “ستينغ راي” المتقدمة
كما تتضمن المناقشات برنامجًا مشتركًا لتوريد طوربيدات “ستينغ راي” المتقدمة، لاستخدامها على طائرات الدوريات البحرية من طراز P-8 بوسيدون، التي تُستخدم في مواجهة التهديدات تحت سطح البحر، ما يمثل دفعة قوية لقدرات الدولتين على رصد وتحييد التهديدات البحرية، لاسيما مع النشاط الروسي المتزايد في المحيطات والمياه الأوروبية.
ومن بين المبادرات المعلنة أيضًا، التزام ألماني جديد بشراء جسور عسكرية بريطانية متطورة، وذلك في سياق دعم المملكة المتحدة لفرص العمل في المناطق الشمالية الغربية، ضمن خطة الحكومة لإحداث تغيير اقتصادي من خلال الصناعة الدفاعية.
وقال وزير الدفاع البريطاني جون هيلي في تصريح رسمي:
“لم تكن المملكة المتحدة وألمانيا أقرب من أي وقت مضى، واتفاقية ترينيتي هاوس تُحدث بالفعل تأثيرًا إيجابيًا على أمننا واقتصادنا. تُساعدنا هذه الشراكة على جعل الدفاع محركًا للنمو – من خلال خلق فرص العمل، وتعزيز المهارات، ودفع عجلة الاستثمار في جميع أنحاء المملكة المتحدة وألمانيا.”
وأضاف: “في عالمٍ يشهد تزايد التحديات وعدم اليقين، نقف متحدين مع شركائنا الأوروبيين. إلى جانب ألمانيا، نقود دعم أوكرانيا، ونعزز دفاعات الناتو، ونستثمر في تقنيات الجيل القادم.”
وأشار إلى أنه من خلال ترينيتي هاوس، اتفقنا على بدء العمل على نظام جديد لضربات دقيقة عميقة. وللمرة الأولى، نؤكد أننا نهدف إلى أن يتجاوز مدى هذا النظام 2000 كيلومتر، ونقود معًا برنامج عمل ضمن نهج الضربات بعيدة المدى الأوروبي.
اقرأ أيضًا: تعمل بالذكاء الاصطناعي.. بولندا تُعزّز قدراتها الدفاعية بـ10 الآف طائرة وارميت انتحارية
بريطانيا ترفع إنفاقها الدفاعي لـ 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي
ويأتي هذا التعاون في سياق التزام بريطانيا برفع إنفاقها الدفاعي ليبلغ 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي، في إطار إدراكها لأهمية الجاهزية العسكرية في عالم مضطرب.
ومنذ توقيع الاتفاقية، بدأت ملامح التعاون تتجلى على أرض الواقع، حيث شاركت أطقم ألمانية في رحلات استطلاع مشتركة على متن طائرات P-8 بوسيدون البريطانية، التي تُعد أداة استراتيجية في رصد وتعقب السفن الروسية بالقرب من المياه الإقليمية البريطانية.
كما سيعقد اليوم (الجمعة 16 مايو) اجتماع آخر لوزراء دفاع مجموعة الدول الخمس الأوروبية (E5)، بحضور وزراء دفاع إيطاليا، فرنسا، وبولندا، في العاصمة الإيطالية روما، لمناقشة تعزيز التعاون الدفاعي الأوروبي.
المملكة تتعهد بتقديم 23 مليار إسترليني دعم عسكري لأوكرانيا
وستستضيف المملكة المتحدة وألمانيا الاجتماع القادم لمجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية في يونيو، بحضور أكثر من 50 دولة وشريكًا، بعد أن تعهدت المملكة المتحدة بدعم عسكري يُقدّر بنحو 23 مليار جنيه إسترليني لأوكرانيا، منذ توليها رئاسة المجموعة.
تحالف دفاعي يغير قواعد اللعبة في أوروبا
تعد اتفاقية “ترينيتي هاوس” ليست مجرد اتفاقية رمزية، بل تشكل نموذجًا جديدًا للشراكة الدفاعية الأوروبية خارج إطار الاتحاد الأوروبي. يأتي هذا في وقت تُعيد فيه دول أوروبا تقييم استراتيجياتها الدفاعية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وتراجع النفوذ الأمريكي النسبي في بعض الملفات العالمية.
وتطوير سلاح بعيد المدى بمدى 2000 كيلومتر يمثل قفزة نوعية في قدرات الردع الأوروبية، كما يعكس رغبة لندن وبرلين في قيادة مشهد الدفاع الأوروبي، ليس فقط عسكريًا، بل أيضًا صناعيًا وتكنولوجيًا.
اقرأ أيضًا: بعد سقوط “رافال”.. حادث “باب الغواصة المفتوح” يعود للأذهان ويكشف أزمة تدريب داخل الجيش الهندي