بوتين يعرض الوساطة بين أمريكا وإيران.. هل ينجح القيصر فيما فشل فيه السلطان؟

في تطور لافت، أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبدى استعداده للتوسط بين أمريكا وإيران لحل الخلاف المتصاعد بشأن برنامج طهران النووي.
بحسب تقارير فإن هذا التحرك الروسي يضع موسكو في موقع لاعب محوري على رقعة الشطرنج الدولية، ويطرح تساؤلات حول ما إذا كان “القيصر” الروسي سينجح في ما فشل فيه سلطان عمان، الذي لطالما لعبت بلاده أدواراً خفية ومعلنة لتقريب وجهات النظر بين طهران وواشنطن.
موسكو تدخل على الخط بين أمريكا وإيران
الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف صرح بأن روسيا “تقيم شراكة وثيقة مع طهران”، وأن بوتين مستعد لتوظيف هذه العلاقة للمساعدة في تسوية الملف النووي الإيراني.
وأضاف أن الرئيس الروسي يرى في علاقات بلاده مع الطرفين فرصة فريدة لتقريب وجهات النظر.
من جهته، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن بوتين عرض المشاركة في المباحثات حول الملف النووي الإيراني خلال اتصال هاتفي جرى بينهما، في وقت تتسم فيه العلاقات بين موسكو وواشنطن بنوع من التهدئة النسبية بعد سنوات من التوتر بسبب الحرب في أوكرانيا.
فشل الوساطات السابقة بين أمريكا وإيران
على مدار الأعوام الماضية، حاولت عدة عواصم إقليمية ودولية لعب دور الوسيط بين طهران وواشنطن، أبرزها سلطنة عمان، التي احتضنت اجتماعات سرية ومحادثات غير معلنة ساهمت سابقاً في التوصل إلى اتفاق 2015. ومع ذلك، تعثرت جهودها في السنوات الأخيرة في ظل تصلب مواقف الجانبين وتزايد الضغوط الإقليمية والدولية.
اليوم، تراهن موسكو على وزنها السياسي والعسكري، وعلى علاقتها الاستراتيجية بطهران التي تعززت خلال الحرب الأوكرانية، حيث قدمت إيران دعماً عسكرياً مباشراً لروسيا شمل طائرات مسيّرة وذخائر دقيقة. هذا التحالف قد يمنح بوتين نفوذاً خاصاً على صانع القرار الإيراني، وهو ما يفتقر إليه وسطاء آخرون.
مأزق المفاوضات النووية بين أمريكا وإيران
منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018، دخلت المفاوضات بين واشنطن وطهران في نفق طويل من التعثر.
ورغم عقد خمس جولات من المباحثات منذ أبريل الماضي، لم ينجح الطرفان في التوصل إلى اتفاق جديد، وسط تصاعد التوترات وغياب الثقة.
الرئيس الأمريكي أعاد التأكيد هذا الأسبوع على أن بلاده “لن تسمح بأي تخصيب لليورانيوم” من جانب إيران، في موقف يتناقض مع ما تعتبره طهران حقاً سيادياً لها بموجب معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.
وفي المقابل، أعلن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي أن مقترحات واشنطن “تتنافى مع المصالح الوطنية لإيران”.
تصعيد إيراني يقلق الغرب
الوكالة الدولية للطاقة الذرية كشفت مؤخراً أن إيران رفعت من وتيرة إنتاجها لليورانيوم المخصّب بنسبة 60%، وهي نسبة تقترب من العتبة المطلوبة للاستخدام العسكري (90%).
وبلغ مخزون إيران من هذا اليورانيوم 408.6 كيلوغرام حتى 17 مايو/أيار، بزيادة بلغت 133.8 كيلوغرام خلال ثلاثة أشهر فقط.
هذا التصعيد عزز من المخاوف الغربية، ودفع واشنطن وشركاءها الأوروبيين إلى التحذير من أن طهران تقترب من امتلاك قدرات نووية يصعب الرجوع عنها، ما يهدد بتقويض الأمن الإقليمي والدولي.
حسابات موسكو وطهران
وفق مراقبون فإن روسيا تسعى من خلال هذا العرض إلى استثمار موقعها الفريد بين الطرفين، لتعزيز نفوذها الدبلوماسي، وكسب ورقة ضغط إضافية في مواجهة الغرب.
كما أن موسكو تدرك أن أي تسوية في الملف الإيراني قد تكون مدخلاً لمساومات أوسع تشمل ملفات أوكرانيا والعقوبات والغاز.
في المقابل، تنظر طهران إلى موسكو باعتبارها شريكاً موثوقاً، خصوصاً بعد أن دعمت الأخيرة حق إيران في امتلاك برنامج نووي سلمي.
وبالنظر إلى الدعم الإيراني المتواصل لموسكو في الحرب الأوكرانية، فقد ترى القيادة الإيرانية في بوتين شخصية جديرة بالثقة، قادرة على إيصال رسائلها إلى واشنطن دون تحريف.
هل ينجح القيصر؟
في ظل هذا المشهد المعقد، يبقى السؤال مفتوحاً: هل ينجح فلاديمير بوتين في تليين المواقف الصلبة بين طهران وواشنطن؟ أم أن الخلافات العميقة والمواقف المعلنة ستُجهض الوساطة الروسية كما أجهضت سابقاتها؟
اقرا أيضا.. بعد خطاب خامنئي المتشدد.. هل تنهار المحادثات النووية بين طهران وواشنطن؟