بوتين يوافق على وقف الضربات على البنية التحتية للطاقة بأوكرانيا عقب اتصال ترامب

وافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على وقف الضربات العسكرية على البنية التحتية للطاقة بأوكرانيا لمدة 30 يومًا، وذلك عقب اتصال هاتفي أجراه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثلاثاء.
بينما يُمثل هذا خطوة نحو تهدئة الحرب، إلا أن الكرملين لم يُعلن التزامه بوقف إطلاق نار كامل، مما أثار تساؤلات حول جدوى التوصل إلى اتفاق سلام أوسع.
خطوة متواضعة نحو السلام: وقف الضربات على أوكرانيا
في اتصال هاتفي مع الرئيس ترامب، أبدى بوتين “رد فعل إيجابي” على اقتراح أمريكي بوقف مهاجمة محطات الطاقة في أوكرانيا لمدة 30 يومًا، وفقًا لبيان الكرملين الصادر عن المحادثة، حيث وافق علي وقف الضربات على أوكرانيا.
يمثل هذا الاتفاق المحدود أول إجراء ملموس ينبثق عن المحادثات الأمريكية الروسية الهادفة إلى إنهاء الحرب الدائرة منذ ما يقرب من أربع سنوات.
على الرغم من ذلك، رفض بوتين مقترحًا مدعومًا من الولايات المتحدة لوقف إطلاق نار غير مشروط لمدة 30 يومًا على جميع الجبهات في أوكرانيا، وبدلًا من ذلك، أعرب عن مخاوفه بشأن كيفية تطبيق هذا الوقف، وأعرب عن شكوكه في استعداد أوكرانيا للالتزام به.
انتهت المكالمة باتفاق الزعيمين على مواصلة جهودهما نحو وقف أوسع للأعمال العدائية، مع خطط لتشكيل مجموعات خبراء ثنائية للتركيز على التوسط في السلام.
وأكد البيت الأبيض، عقب المكالمة، أن عملية السلام ستبدأ بتطبيق وقف إطلاق النار في قطاع الطاقة، تليها “مفاوضات فنية” حول وقف إطلاق نار بحري في البحر الأسود، وسيتبع ذلك في نهاية المطاف مناقشات أوسع نطاقًا تهدف إلى ضمان وقف إطلاق نار كامل وسلام دائم في أوكرانيا.
اقرأ أيضا.. نتنياهو يقود إسرائيل لأزمة.. إقالة رئيس الشاباك يُشعل أزمة دستورية
مناورة ترامب الدبلوماسية وتردد بوتين
واجهت الجهود الدبلوماسية التي بذلها الرئيس ترامب لتأمين وقف إطلاق النار عقبات كبيرة، حيث لم تُظهر موسكو استعدادًا يُذكر لتجاوز أهدافها الحربية الأولية.
عشية المكالمة، أشار مسؤولو الكرملين إلى أن أي اتفاق سلام سيتطلب من أوكرانيا اعتماد وضع محايد، وأن روسيا ستحتفظ بالسيطرة على مناطق رئيسية في البلاد، كما رفضت روسيا اقتراح نشر قوة لحفظ السلام في أوكرانيا، وهو مطلب رئيسي من كييف وحلفائها الغربيين.
في واشنطن، أشارت تصريحات ترامب إلى استمرار الجهود للتفاوض مع روسيا، مع السعي إلى تحقيق توازن بين رغبته في السلام ودعمه لأوكرانيا.
خلال مؤتمر صحفي عُقد مؤخرًا، صرّح ترامب بأن هدفه من المكالمة الهاتفية هو إنقاذ أرواح الجنود الأوكرانيين، وخاصة أولئك الذين زعم أنهم في خطر جسيم بسبب هجوم روسي مضاد في منطقة كورسك، كما أشارت تعليقات ترامب إلى أنه لولا تدخله، لما تمكنت هذه القوات الأوكرانية من الحفاظ على مواقعها.
مع ذلك، أصبحت نبرة إدارة ترامب متوافقة بشكل متزايد مع رواية موسكو للأحداث، وهو تحول أثار مخاوف كييف، اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا باستخدام المحادثات الدبلوماسية كتكتيك للمماطلة، مدعيًا أن موسكو تواصل إطالة أمد الحرب تحت ستار مفاوضات السلام.
الرهانات على أوكرانيا وأوروبا
تُبرز المناقشات الجارية بين الولايات المتحدة وروسيا مدى تعقيد التوصل إلى سلام دائم في أوكرانيا، وقد أعرب الخبراء عن شكوكهم في أن تُفضي هذه المحادثات إلى انفراجة في أي وقت قريب، حيث يعتقد الكثيرون أن روسيا تستخدم مقترحات وقف إطلاق النار كاستراتيجية للمماطلة.
أشار جون هيربست، السفير الأمريكي السابق لدى أوكرانيا والمدير الأول في المجلس الأطلسي، إلى أنه على الرغم من أن المحادثات قد لا تُسفر عن سلام فوري، إلا أنها تخدم مصالح روسيا من خلال تصوير أوكرانيا على أنها الطرف الذي يُطيل أمد الصراع.
قال هيربست: “من الحكمة أن يُشيد بوتين بخطط ترامب لوقف إطلاق النار بينما يُثير تساؤلات حول التفاصيل”، مُشيرًا إلى أن الهدف الرئيسي للزعيم الروسي هو إطالة أمد العملية والحصول على شروط أكثر ملاءمة.
في غضون ذلك، كان المسؤولون الأمريكيون حذرين بشأن تقديم تنازلات. أقر مستشار الأمن القومي لترامب، مايكل والتز، بأن اتفاق السلام ليس في المتناول بعد، لكنه أشار إلى أن التطورات الأخيرة، مثل وقف الهجمات على قطاع الطاقة، تُمثّل خطوةً إلى الأمام.
صرح قائلاً: “نحن أقرب مما كنا عليه قبل أسبوعين، ولكن لا يزال هناك الكثير مما يجب عمله”.
أهداف موسكو: المكاسب الإقليمية ودور الناتو
لطالما كان الصراع مدفوعًا برغبة روسيا في تحقيق مكاسب إقليمية ومطالبتها بتغيير المشهد الأمني في أوروبا الشرقية. وقد كرّر نائب وزير الخارجية الروسي، ألكسندر غروشكو، مؤخرًا موقف موسكو القائل بأن انسحاب قوات الناتو من حدود روسيا لا يزال هدفًا رئيسيًا.
يعكس هذا هدف روسيا الراسخ المتمثل في الحفاظ على النفوذ السياسي والعسكري على أوكرانيا وضمان عكس مسار توسع الناتو في أوروبا الشرقية.
رغم التقدم المحدود المحرز على صعيد وقف إطلاق النار، ظلت الأهداف الاستراتيجية الأوسع لموسكو ثابتة، مع إشارة الكرملين إلى أنه لن يتراجع عن طموحاته الإقليمية، وتواصل الولايات المتحدة وحلفاؤها الضغط من أجل وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها، مما يزيد من تعقيد الجهود الدبلوماسية.