بورسعيد تحتفل بأعياد شم النسيم بـ”المنجأونة” و”الألمبي”- ما القصة؟

في وقت يكتفي فيه أغلب المصريين بتناول الفسيخ والرنجة في أعياد شم النسيم، تعيش مدينة بورسعيد أجواءً استثنائية لا تُشبه سواها، حيث تُحيي هذه المناسبة التاريخية من خلال طقوس فريدة ومتوارثة منذ عشرات السنين، أبرزها: “المنجأونة” و“الألمبي”.
“المنجأونة”.. طقس حلوى بورسعيدي لا غنى عنه
“المنجأونة” هي نوع من الفطائر أو المخبوزات الحلوة ذات الشكل الحلزوني، تُصنع خصيصًا في بورسعيد خلال شم النسيم، وتُشبه الشريك أو البريوش، وتُزيّن أحيانًا بالسكر أو الفواكه المجففة.
- المنجأونة البورسعيدي
أصل الاسم
تعود التسمية إلى بائع إيطالي كان يتجول في شوارع بورسعيد خلال أربعينيات القرن الماضي، وكان ينادي على فطائره بعبارة “Mangia una” بالإيطالية، أي “كُل واحدة”. ومع مرور الوقت تحوّلت الكلمة إلى “منجأونة” باللهجة البورسعيدية.
رمز الاحتفال
اليوم أصبحت “المنجأونة” أحد الرموز المميزة لشم النسيم في بورسعيد، وتُباع بكثافة في المخابز خلال هذا الموسم، وتُقدم في البيوت كجزء لا يتجزأ من الاحتفال الشعبي.
- المنجأونة البورسعيدي بأشكالها المختلفة
“الألمبي”.. دُمى تُحرق في الشوارع ورسائل شعبية لاذعة
في الليلة السابقة لشم النسيم، تبدأ الأجواء في التحوّل إلى كرنفال شعبي ساخر، عبر احتفال يُعرف باسم “الألمبي” أو “حرق اللمبي”، حيث يتم صنع دُمى ضخمة من القش والخشب والقماش تمثّل شخصيات عامة، سياسية أو فنية أو اجتماعية، ويتم عرضها في الشوارع ثم حرقها علنًا وسط أجواء احتفالية صاخبة.
- الألمبي من شوارع بورسعيد
أصل الطقس
يرجع أصل الاحتفال إلى عهد الاحتلال البريطاني، حين صنع الأهالي دمية تمثل اللورد “ألنبى”، المندوب السامي البريطاني، وأحرقوها احتجاجًا على سياساته، فتحوّل الأمر إلى تقليد سنوي تراثي لا يزال قائمًا حتى اليوم.
- الألمبي من شوارع بورسعيد
رسائل ساخرة
في النسخ المعاصرة، قد يُجسد الألمبي ظواهر اجتماعية مثل الغلاء، الفساد، أو حتى شخصيات مثيرة للجدل محليًا وعالميًا، وتُرفق بعروض فنية ساخرة تُعرف باسم “مسرح الألمبي”، يقدمها شباب الحي بأسلوب تهكمي شعبي.
اقرأ أيضا.. لأول مرة.. مصر تقترب من تحقيق الاكتفاء الذاتي من السولار بمشروعات بـ7.5 مليار دولار
- من زمن فات.. الألمبي من شوارع بورسعيد
رمزية المقاومة والفرح
بين طقوس المنجأونة المرتبطة بالتراث الإيطالي، واحتفال الألمبي المتجذر في الكفاح الشعبي، تبرز بورسعيد كمدينة مختلفة الهوية، تحوّل المناسبات الاجتماعية إلى مساحات للتعبير، والمقاومة، والفن الشعبي.
- الأحداث السياسية على مسرح الألمبي من شوارع بورسعيد
طقوس شعبية فريدة تمزج بين التراث والمقاومة والفرح الجماعي
تلك الطقوس ليست مجرد احتفال، بل ذاكرة جماعية تحتفي بالهوية البورسعيدية، وتؤكد أن روح المدينة لا تزال قادرة على تحويل المناسبات إلى لحظات حياة نابضة بالمعنى والرسالة.