بوعزيزي جديد يشعل غضب الليبيين.. ماذا حدث في طرابلس؟| شاهد

في حادث أعاد ذكريات بوعزيزي تونس، أقدم مواطن في ليبيا مساء الاثنين على إشعال النار في جسده بشارع عمر المختار وسط طرابلس، في حادثة ألقت بظلال ثقيلة على الأوضاع السياسية والاقتصادية المتأزمة التي تشهدها البلاد.
مشهد بزعزيزي يحبس الأنفاس في ليبيا
ووثّق مقطع فيديو تداولته منصات التواصل لحظة إقدام الرجل على إضرام النار في جسده، وسط ذهول المارة الذين حاولوا جاهدين إنقاذه.
#عاجل
لاحول ولا قوة الا بالله شاب يحرق نفسه في طرابلس بسبب تردي الوضع المعيشي في ليبيا #العاصمة pic.twitter.com/1bsgVsfbv4— هنـا_العاصمة (@aleasima_17) May 19, 2025
وعلى الرغم من غياب التصريحات الرسمية بشأن هوية الضحية أو حالته الصحية، فقد انتشرت التعليقات الغاضبة والمشحونة بالحزن، معتبرة ما جرى تعبيرًا قاسيًا عن حالة اليأس وفقدان الأمل التي تخيّم على شريحة واسعة من الليبيين.
الغضب يشتعل في ليبيا بعد واقعة بوعزيزي
أعاد هذا المشهد إلى الأذهان واقعة إحراق الشاب التونسي محمد البوعزيزي لنفسه في ديسمبر 2010، والتي أطلقت شرارة احتجاجات غيرت وجه المنطقة.
حسبنا الاه ونعم الوكيل شاب يشعل في نفسه النار بسبب ضيق العيش والحالة الاقتصادية المتردية الناس جاعت … pic.twitter.com/ivzixMaKpY
— ( う-´)づ︻╦̵̵̿╤── — 0̶1̶ – ⁍ ⚓🔻 (@01_1010101L) May 19, 2025
واعتبر نشطاء ليبيون أن ما جرى في طرابلس قد يكون بمثابة “جرس إنذار” جديد، في بلد يعاني من توترات عسكرية، واستقطابات سياسية، واحتجاجات شعبية تطالب بإسقاط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
وكتب أحد المستخدمين على منصة “إكس” (تويتر سابقًا):”شاب يشعل في نفسه النار بسبب ضيق الحال. الناس تعبت.”
أما الناشط عبد العزيز أبو حمرة، فعلق عبر “فيسبوك” قائلًا:”هذا الرجل لم يُشعل النار في جسده فقط، بل أيقظ فينا أسئلة كثيرة عن الكرامة والأمل والغضب المكتوم… ما حدث ليس مجرد حادث بل رسالة مؤلمة عن واقع لا يطاق.”
انهيار اقتصادي في ليبيا
تشهد ليبيا في الأسابيع الأخيرة ضغوطًا اقتصادية متزايدة، مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتراجع مستوى الخدمات، وسط شكاوى متصاعدة من المواطنين الذين يعانون صعوبة الحياة اليومية في بلد غني بالنفط، لكنه غارق في الفوضى والانقسام منذ أكثر من 13 عامًا.
وربط كثيرون بين الحادثة وبين الوضع المعيشي المتدهور، مشيرين إلى غياب الأفق السياسي، وتزايد معدلات البطالة، وغياب العدالة الاجتماعية، وهو ما يدفع ببعض المواطنين إلى حافة الانفجار.
تزايد الضغوط على حكومة الدبيبة بعد واقعة بوعزيزي ليبيا
يرى مراقبون أن الحادثة قد تعمّق من الأزمة السياسية المتصاعدة في ليبيا، وتزيد من الضغوط على حكومة الوحدة الوطنية، خاصة بعد اندلاع اشتباكات دامية مؤخرًا بين مجموعات مسلحة في العاصمة طرابلس، ما يبرز هشاشة الأمن وتعدد مراكز القوة.
ويشير محللون إلى أن ما يحدث في العاصمة لا يُعبر فقط عن أزمة محلية، بل يكشف عن خلل أوسع يشمل انقسامات حادة، وصراعًا على الشرعية والموارد، وانتشارًا واسعًا للفساد في مؤسسات الدولة.
وبحسب تقارير محلية ودولية، فإن قادة ميليشيات نافذين باتوا يسيطرون على جزء كبير من موارد الدولة، ويتحكمون بمفاصل الاقتصاد، ما زاد من الاحتقان الشعبي، وزاد من الشعور بالظلم والتهميش لدى قطاعات واسعة من المواطنين.
رسالة صامتة
في ظل تزايد الغضب الشعبي، تتعالى الدعوات من النشطاء والإعلاميين بضرورة الاستماع إلى ما وصفوه بـ”الرسالة الصامتة” التي بعثها هذا المواطن بجسده المشتعل، معتبرين أن تجاهل مثل هذه المؤشرات قد يُنذر بموجة احتجاجات جديدة لا يمكن التنبؤ بعواقبها.
وبحسب تقارير تبقى الحادثة بمثابة علامة فارقة في المشهد الليبي المضطرب، وتطرح أسئلة عميقة حول قدرة الدولة على تلبية الحد الأدنى من تطلعات المواطنين، وضمان كرامتهم، وتوفير أبسط مقومات الحياة لهم.
ووسط هذا الواقع، يظل السؤال الأهم: إلى متى يستطيع المواطن الليبي تحمّل الأزمات دون بريق أمل في الأفق؟
اقرا أيضا
إسرائيل في مرمى العقوبات الأوروبية بسبب غزة.. هل تفعلها القارة العجوز؟