بين الرفع والعقاب.. الاتحاد الأوروبي يخلط أوراق العقوبات في سوريا | ما القصة؟

في خطوة أثارت تساؤلات سياسية واسعة، أعلن مجلس الاتحاد الأوروبي عن قرار مزدوج يقضي برفع بعض العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، بالتزامن مع فرض حزمة جديدة من العقوبات تستهدف فصائل مسلحة معارضة، وذلك على خلفية أحداث دامية شهدتها مناطق الساحل السوري خلال الأشهر الماضية.
هذا التناقض الظاهري بين التخفيف عن النظام والضغط على المعارضة، يفتح الباب أمام تساؤلات حقيقية حول ما إذا كانت بروكسل بصدد إعادة تموضع في موقفها من أطراف النزاع السوري، بعد أكثر من عقد من العقوبات المكثفة ضد دمشق.
أسماء مشمولة بالعقوبات الأوروبية في سوريا
وفق وسائل إعلام، تضمنت القائمة الجديدة كلاً من: محمد حسين الهاشم (أبو عمشة): مؤسس كتيبة السلطان سليمان شاه، وهو من محافظة حماة، سيف بولاد أبو بكر: قائد فرقة الحمزة، ومن محافظة دمشق، كما شملت العقوبات كتيبة السلطان سليمان شاه، فرقة الحمزة، فرقة السلطان مراد.
وتنتمي هذه الفصائل إلى طيف المعارضة المسلحة المدعومة من تركيا، وتنشط بشكل رئيسي في مناطق الشمال السوري، خاصة في ريف حلب.
ويُتهم عناصر من هذه الفصائل بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق بحق السكان المدنيين، بما في ذلك التهجير والابتزاز والتصفية الميدانية، لا سيما خلال العمليات التي شهدها الساحل السوري مؤخراً.
آلية جديدة لـ العقوبات في سوريا لملاحقة المنتهكين
مصادر أوروبية مطلعة أكدت أن هذه الإجراءات تأتي ضمن آلية عقوبات جديدة مرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان، أُنشئت على خلفية الأحداث التي وقعت في الساحل السوري بداية مارس الماضي، وأوضحت أن هذه الآلية تسمح للاتحاد باتخاذ إجراءات مباشرة ضد الأفراد والكيانات المتورطة في الانتهاكات، إذا لم يتم فتح تحقيقات جدية لمساءلتهم أمام القانون.
استمرار العقوبات على رموز النظام السابق في سوريا
في السياق ذاته، قرر مجلس الاتحاد الأوروبي تمديد العقوبات المفروضة سابقاً على شخصيات اقتصادية وسياسية مرتبطة بالنظام السوري السابق، وعلى رأسهم بشار الأسد وأفراد من عائلة مخلوف. وتشمل هذه العقوبات أيضاً أعضاء في الحكومات السورية التي تولت السلطة بين مايو 2011 وديسمبر 2024.
هذا التمديد يأتي في وقت يُطرح فيه ملف العقوبات الاقتصادية على سوريا للنقاش الأوروبي، خاصة في ظل التغيرات السياسية الحاصلة في دمشق، بعد تولي الرئيس الانتقالي أحمد الشرع إدارة البلاد عقب انهيار نظام الأسد.
أحداث دامية في الساحل السوري
وكانت بلدات عدة في محافظتي اللاذقية وطرطوس قد شهدت في مارس الماضي مواجهات مسلحة بين فصائل معارضة مدعومة من الخارج وقوات الأمن السورية الجديدة، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى، بينهم مدنيون، وسط تقارير تؤكد وقوع حوادث قتل على خلفيات طائفية.
موقف الحكومة السورية الجديدة
السلطات السورية الجديدة أكدت في حينه أنها ماضية في ملاحقة أي شخص ارتكب انتهاكاً في تلك المناطق، وأعلنت عن تشكيل لجنة تحقيق خاصة لمتابعة هذه القضايا. وأكد مسؤولون حكوميون أن “المحاسبة ستطال كل من تثبت مسؤوليته، بغض النظر عن انتمائه السياسي أو الطائفي”.
موقف أوروبي متوازن
يرى مراقبون أن الاتحاد الأوروبي يسعى من خلال هذه الإجراءات إلى موازنة موقفه بين تشجيع عملية الانتقال السياسي في سوريا من جهة، والحفاظ على أدوات الضغط على الأطراف التي قد تعرقل المسار السلمي أو تنتهك حقوق المواطنين من جهة أخرى.
وفق خبراء يؤكد القرار الأوروبي على أن الانتهاكات في سوريا لن تمر دون عقاب، سواء صدرت عن النظام السابق أو فصائل المعارضة المسلحة، وهو ما يشير إلى تحول نوعي في منهجية التعاطي الدولي مع الأزمة السورية بعد أكثر من عقد على اندلاعها.
اقرأ أيضا
رامي مخلوف يحذر: “يوليو شهر الأحداث الكبرى”.. هل يمهد لانقلاب ناعم في سوريا؟