بين المطرقة والسندان.. لماذا تخشى تركيا اتساع نيران الحرب بين إيران وإسرائيل؟

مع الساعات الأولى لغارات إسرائيل على أهداف عسكرية داخل إيران، بدأت تركيا تلمس ارتدادات هذا التصعيد على حدودها الشرقية.
وبحسب وسائل إعلام فإن مئات المواطنين الأتراك الموجودين داخل الأراضي الإيرانية لأغراض العمل أو السياحة تدفَّقوا نحو بوابة “إسندري” الحدودية، في مشهد حمل رسائل تحذيرية مُبكِّرة لأنقرة من أن القادم قد يكون أعقد.
المخاوف التركية لا تقتصر على أمن مواطنيها، بل تمتد إلى سيناريوهات إقليمية شديدة التعقيد، تُهدد استقرارها الداخلي وتضعها أمام تحديات سياسية وعسكرية وإنسانية، في وقت تحاول فيه الحكومة تجنُّب الانخراط المباشر بأي مواجهة مفتوحة بين طهران وتل أبيب.
تركيا بين إسرائيل وإيران
وفق تقارير تخشى أنقرة من موجات نزوح جماعية قادمة من الجانب الإيراني، في حال تصاعدت العمليات العسكرية واستهدفت المدن الغربية القريبة من الحدود.
هذه المخاوف تأتي في ظل معاناة أنقرة من تبعات استضافة أكثر من 4 ملايين لاجئ على أراضيها، معظمهم من سوريا، وهي أزمة أرهقت الاقتصاد التركي وأثارت توتراً سياسياً وشعبياً متزايداً.
وفي حال انهار الوضع الأمني في إيران، فإن تدفق لاجئين جدد سيشكل عبئاً مضافاً على البنية التحتية التركية، ويزيد من حدة التوترات الاجتماعية في الداخل.
استنفار سياسي وعسكري في تركيا بسبب حرب إيران وإسرائيل
فور انطلاق الضربات الإسرائيلية، أعلنت تركيا حالة التأهب القصوى، ودعت إلى اجتماع أمني رفيع المستوى شارك فيه وزراء الدفاع والخارجية ورئيس هيئة الأركان العامة ورئيس جهاز الاستخبارات.
الاجتماع استمر لنحو أربع ساعات، أعلن بعده وزير الخارجية هاكان فيدان أن بلاده “اتخذت كافة التدابير اللازمة لمواجهة جميع السيناريوهات المحتملة”.
أزمة قواعد الناتو في تركيا
رغم عدم وجود قواعد عسكرية أميركية مباشرة على الأراضي التركية، إلا أن أنقرة تدرك جيداً أن وجود قوات أمريكية داخل قواعد تابعة لحلف شمال الأطلسي “الناتو”، يجعل منها هدفاً محتملاً في حال قررت إيران الرد على الضربات من خلال استهداف الحلفاء الإقليميين لواشنطن.
ومن أبرز النقاط الحساسة في هذا السياق، قاعدة الرادار التابعة للناتو في منطقة “كوريجيك” بولاية ملاطية التركية، والتي تلعب دوراً مركزياً في مراقبة المجال الجوي الإيراني ضمن منظومة الإنذار المبكر التابعة للحلف.
وتشير التقديرات الأمنية التركية إلى أن هذه القاعدة قد تكون تحت مجهر طهران في حال تطور الصراع.
استعدادات جوية في تركيا بعد حرب إسرائيل وإيران
ضمن الإجراءات الوقائية، بدأت وزارة الدفاع التركية تشغيل طائرات مراقبة وإنذار مبكر من طراز “أواكس”، بهدف رصد أي تحركات جوية غير طبيعية على حدود البلاد.
كما تعمل أنقرة على تحليل المعلومات الواردة من منظومة الرادارات، خصوصاً تلك المتصلة برادار “كوريجيك”، لرصد توقيت ومسار الضربات الإسرائيلية والردود الإيرانية المحتملة.
تهديدات أمنية من الحدود الشرقية
بحسب التقارير لا تتوقف المخاوف التركية عند حدود الصراع الجوي، بل تمتد إلى احتمالات انفلات أمني على الشريط الحدودي مع إيران. إذ تُبدي أنقرة قلقاً من أن تؤدي الفوضى الأمنية في الجانب الإيراني إلى تسلل مجموعات مسلحة، بينها عناصر كردية معارضة، قد تستغل الفوضى لتنفيذ هجمات داخل تركيا أو إنشاء خطوط تهريب للأسلحة والبشر.
وهذا القلق له جذور واقعية، في ظل تاريخ طويل من التوتر بين القوات التركية وتنظيم “بي كا كا”، الذي ينشط في مناطق جبلية قريبة من الحدود مع إيران والعراق.
علاقات متشابكة وأدوار متضاربة
ويري محللون أن السياسة الخارجية التركية تعيش حالة من التوازن الحرج، فهي من جهة عضو في حلف الناتو، وتحافظ على تنسيق عسكري مع الغرب، ومن جهة أخرى تسعى إلى تطوير علاقاتها مع إيران اقتصادياً وسياسياً، دون أن تُغلق الباب أمام تحسين علاقتها مع إسرائيل ضمن مسار التطبيع الذي بدأ منذ سنوات قليلة.
لكن تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل يضع تركيا في موقف صعب، خاصة إذا طال أمد النزاع أو تحوّل إلى حرب إقليمية مفتوحة، إذ سيكون عليها اتخاذ مواقف أكثر وضوحاً، وهو ما قد يُفقدها القدرة على المناورة.
اقرأ أيضًا: خامنئي يغرد بالعبرية ونتنياهو يخاطب الفرس.. من يربح حرب الداخل بين إيران وإسرائيل؟