بين تهديدات ترامب وتحذيرات ماكرون.. هل اقتربت ساعة الصفر مع إيران؟

أثار الانسحاب المبكر للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من قمة مجموعة السبع في كندا حالة من الجدل الدولي، بعد أن ربط مغادرته المفاجئة بتدهور الأوضاع في الشرق الأوسط، وتحديدا التوتر المتصاعد بين إسرائيل وإيران.
انسحاب عاجل من مجموعة السبع يثير تساؤلات
وجاءت المغادرة بعد ساعات فقط من نشر ترامب رسالة مثيرةً للجدل على وسائل التواصل الاجتماعي، دعا فيها سكان طهران البالغ عددهم تسعة ملايين نسمة إلى الإخلاء، مما أثار تكهنات متضاربة حول نية تدخل عسكري أو مبادرة دبلوماسية كبرى.
وأوضحت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، أن ترامب قرر المغادرة “بسبب ما يحدث في الشرق الأوسط”، مشيرة إلى أن “الكثير قد أُنجز” خلال القمة، لكن الظروف استدعت تحركا فوريا”. وقد أثار هذا الانسحاب المفاجئ ارتباكا دبلوماسيا وقلقا بين الحلفاء.
ماكرون وترامب يتصادمان بشأن مزاعم وقف إطلاق النار
وفي موقف يعكس اختلاف الرؤى بين العواصم الغربية، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن ترامب قدم عرضا للتفاوض على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، مشيرا إلى أن مثل هذه المحادثات قد تمهد الطريق لجهود دبلوماسية أوسع.
وقال ماكرون: “قدم عرض خصيصا للتوصل إلى وقف إطلاق نار، ثم إطلاق مناقشات أوسع”، معتبرا مغادرة ترامب مؤشرا محتملًا على زخم المفاوضات.
لكن ترامب رد بلهجة حادة، نافيا صحة تصريحات ماكرون، ووصفه بـ”الساعي للدعاية”، قائلا: “خطأً إنني غادرت قمة مجموعة السبع… للعمل على “وقف إطلاق نار” بين إسرائيل وإيران. خطأ!”.
وأضاف: “الأمر لا يتعلق بوقف إطلاق نار. إنه أكبر بكثير من ذلك”، متهما ماكرون باستمرار بإساءة تفسير نوايا الولايات المتحدة.
وتعكس هذه الحدة في التصريحات تباينا استراتيجيا بين واشنطن وباريس، وتبرز التوتر المتصاعد داخل التحالفات الغربية حول كيفية التعامل مع الملف الإيراني.
ترامب يتمسك بالتصعيد: “لا تفاوض… لا وقف إطلاق نار”
من على متن طائرة الرئاسة الأولى، كرر ترامب رسالته الصارمة للصحفيين أنه لا يسعى إلى وقف إطلاق نار، بل إلى حل نهائي وشامل لما أسماه “المشكلة النووية الإيرانية”.
وأكد أن هدفه هو تخلي إيران تماما عن طموحاتها النووية، وهي قضية تعتبرها إسرائيل أيضا وجودية.
وقال ترامب للصحفيين: “نتطلع إلى ما هو أفضل من وقف إطلاق النار. لم أقل إنني أبحث عن وقف إطلاق نار… أريد نهاية حقيقية”.
وأفادت شبكتا سي بي إس نيوز وإن بي سي نيوز أن ترامب طلب من مجلس الأمن القومي أن يكون جاهزا في غرفة العمليات بالبيت الأبيض لدى عودته، وهو ما يبعث برسائل توتر واضحة إلى إيران، ويعزز المخاوف من تحرك أمريكي مباشر.
ورفض ترامب فكرة الدبلوماسية في المدى القريب، وقال في تصريح لافت، أضاف ترامب: “لست في مزاج جيد للتفاوض الآن”، وهو ما يعكس موقفاً متشدداً لا يترك مساحة للدبلوماسية في المرحلة الحالية.
تحذير “انزع القفازات”.. تصعيد أم ردع؟
وفي تصعيد خطابي واضح، حذر ترامب من رد قاس في حال تعرض أي جندي أمريكي لهجوم في الشرق الأوسط: “سنضرب بقوة إذا فعلوا أي شيء لجنودنا… القفازات نُزعت”.
وإن لم تؤكد تصريحات ترامب تدخلا عسكريا مباشرا، إلا أنها تزيد من سخونة المشهد، وتُظهر رغبته في فرض سياسة الردع الشديد.
كما أن تكراره لعبارات مثل “لا أحد يبطئ” و”سترون خلال اليومين المقبلين”، يعكس استعدادا للمزيد من التطورات الميدانية.
ماكرون يحذر من “الخطأ الاستراتيجي” ويحمل رؤية أوروبية بديلة
وفي المقابل، دعا ماكرون إلى ضبط النفس، محذرا من السعي لإسقاط النظام الإيراني، معتبرا ذلك “خطأ استراتيجيا”، وقال: “كل من اعتقد أن القصف الخارجي سينقذ بلدا رغما عنه كان مخطئا دائما”.
وشدد الرئيس الفرنسي على ضرورة وقف الضربات ضد المدنيين من الجانبين، داعيا إلى حماية الأرواح وإحياء مسار التفاوض.
وتجسد تصريحات ماكرون الرؤية الأوروبية التي تميل إلى الاستقرار والحوار بدلا من الانخراط في مواجهات أو تغييرات جذرية في الأنظمة.
اقرأ أيضا.. تصعيد بلا خطة وتهديدات غامضة في لعبة محفوفة بالمخاطر.. هل يقود ترامب المنطقة نحو الانفجار؟
موقف ترامب: “ليس وقف إطلاق نار، بل حل”
في تصريحات متكررة، أوضح ترامب أنه لم يبادر بأي محادثات سلام مع إيران. وفي منشور آخر على موقع “تروث سوشيال”، نفى ترامب التقارير الإعلامية ووصفها بأنها “أخبار كاذبة”، قائلا: “لم أتواصل مع إيران من أجل “محادثات سلام” بأي شكل من الأشكال… كان عليهم قبول الصفقة المطروحة – كانت ستنقذ أرواحا كثيرة!”.
وأكدت تعليقاته اعتقادا بأن إيران أضاعت فرصة تاريخية في عهد إدارته، وأن أي محادثات مستقبلية ستتطلب من طهران تقديم تنازلات أحادية الجانب.