بين تهويل ترامب وتهوين بايدن.. القصة الكاملة لأزمة المسيرات المجهولة في أجواء أمريكا

المسيرات المجهولة، أزمة ما زالت تشغل بال الشارع الأمريكي وسط اتهامات لإدارة بايدن بعدم الشفافية في التعامل مع الأزمة.
ومنذ منتصف نوفمبر الماضي وهناك حالة من الجدل في الولايات المتحدة على خلفية الظهور المتكرر لطائرات مسيرة غامضة ومجهولة المصدر في سماء العديد من الولايات.
وتحدثت العديد من التقارير عن رصد طائرات مسيرة فوق مواقع ومنشآت حيوية، ما أثار المخاوف حول وجود خطر أجنبي أو عمل عدائي يستهدف الولايات المتحدة.
5000 بلاغ عن رؤية المسيرات المجهولة
وكشف مكتب التحقيقات الفيدرالي عن تلقيه 5000 بلاغ عبر الخط الساخن الذي تم تخصيصه خصيصا للتعامل مع هذه المشاهدات.
وتصاعدت القضية لتأخذ طابع سياسي ونقطة خلاف ما بين الإدارة المنتخبة بقيادة دونالد ترامب وإدارة بايدن في ظل اتهامات للأخيرة بعد الشفافية والوضوح في قضية المسيرات.
ترامب يهاجم إدارة بايدن
ووجه دونالد ترامب، انتقادات لاذعة لطريقة تعامل الإدارة الحالية مع الموضوع.
وكتب ترامب عبر منصته “تروث سوشل”: “مشاهدات غامضة لمسيّرات في كل أنحاء البلاد، هل يمكن أن يحدث هذا حقاً من دون علم حكومتنا؟ لا أعتقد ذلك! على الجمهور أن يعرف وعلى الفور، وإلا فلتُسقِطوها!”.
مسيرات مجهولة تظهر في سماء أمريكا وترامب يدعو لإسقاطها.. ما القصة؟
وفي مؤتمر صحفي عقده في منتجعه بفلوريدا “مار-إيه-لاغو”، صعّد ترامب من انتقاداته قائلا: “الحكومة تعرف ما يحدث، جيشنا يعرف من أين أقلعت، إذا كان الأمر يتعلق بمرآب، يمكنهم الذهاب مباشرة إلى ذلك المرآب، إنهم يعرفون من أين جاءت وإلى أين ذهبت، ولسبب ما لا يريدون التعليق.”
ثغرات في الأمن الجوي
كما اعتبر مايك والتز، الذي اختاره الرئيس المنتخب دونالد ترامب لشغل منصب مستشار الأمن القومي أن ظهور الطائرات المسيرة في أجواء نيو جيرسي وولايات أمريكية أخرى يكشف عن ثغرات في الأمن الجوي الأمريكي يجب سدها بحسب قوله.
أول تعليق من البيت الأبيض
وبعد صمت طويل تدخل البيت الأبيض في الأزمة، مشيرا في تصريحات للمتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي البيت الأبيض إلى أن كافة الطائرات المسيّرة الغامضة التي رصدها سكان فوق شمال شرق الولايات المتحدة تعمل “بشكل قانوني”.
وقال “تقييمنا في هذه المرحلة هو أن النشاط يعود إلى طائرات مسيّرة تجارية أو هاوية أو تابعة لأجهزة إنفاذ القانون، وكلها تعمل بشكل قانوني”.
وأضاف أن بعض السكان الخائفين ظنوا أيضا خطأ بعض الطائرات الصغيرة أو حتى بعض النجوم طائرات مسيّرة.
رصد طائرات مسيرة بمناطق حساسة ومراكز دفاعية
تصريحات البيت الأبيض التي وصفت المسيرات بأنها قانونية ربما تتنافي مع روايات وشهادات حول هذه المسيرات التي تحدث الكثير من الأمريكيين حول رؤيتها فوق مناطق حساسة أبرزها ترسانة “بيكاتيني” العسكرية المتخصصة في البحث والتطوير العسكري، حيث لوحظ تحليق منتظم للمسيرات فوق المنشأة.
كما سجلت محطة الأسلحة البحرية “إيرل” عدة حالات من دخول مسيرات غير محددة لمجالها الجوي، على الرغم من عدم تحديد أي تهديدات مباشرة، إضافة إلى مشاهدات متكررة فوق ملعب غولف ترامب في بيدمنستر ومحطات السكك الحديدية الرئيسية في الولاية.
وفي ولاية نيويورك المجاورة، أدى رصد نشاط للطائرات المسيرة إلى إغلاق مؤقت لمدارج مطار ستيوارت الدولي لمدة ساعة تقريبا، الجمعة ليلا.
كما تركزت المشاهدات في جزيرة ستاتن آيلاند، حيث أبلغ رئيس البلدية، فيتو فوسيلا، عن رصد مسيرات تحلق فوق ميناء ليبرتي نيويورك قرب جسر غوثالز.
وسجلت تقارير عديدة وجود مسيرات تحلق حول جسر “فيرازانو-ناروز” الاستراتيجي وفوق حصن “وادزورث”، أحد أقدم المنشآت العسكرية في البلاد.
وامتدت هذه المشاهدات لتشمل مناطق أخرى في الولايات المتحدة؛ ففي أوهايو، اضطرت قاعدة “رايت-باترسون” الجوية إلى إغلاق مجالها الجوي لعدة ساعات بسبب نشاط المسيرات، خلال عطلة نهاية الأسبوع، وفقاً لما صرح به المتحدث باسم القاعدة بوب بورتيمان لمحطة “WHIO” التابعة لشبكة “سي ان ان”.
وفي كونيتيكت، وتحديدا في مقاطعة فيرفيلد، نشرت الشرطة أنظمة خاصة للكشف عن المسيرات استجابة للمشاهدات المتكررة.
تهويل أم تهوين
رغم هذه الحالة من القلق التي تعتري قطاع كبير من الأمريكيين، تري السلطات أنها تحمل قدرا كبيرا من التهويل.
وأكد مسؤول في وزارة الأمن الداخلي، أن التحقيقات المكثفة التي أجريت حتى الآن لم تكشف عن أي دليل يشير إلى وجود تهديد للسلامة العامة.
كما شكك المتحدث باسم البنتاغون، الميجور جنرال بات رايدر، الاثنين، في فكرة أن المسيرات تقوم بعمليات تجسس، مشيرا إلى أنها صاخبة ومضاءة بشكل واضح.
وأوضح أن هناك نحو مليون طائرة مسيرة مسجلة في الولايات المتحدة، وحوالي 8 آلاف منها تحلق في الأجواء كل يوم.
التوضيحات الرسمية
وأصدر كبار المسؤولين الحكوميين الأميركيين سلسلة من التصريحات والتوضيحات لطمأنة الجمهور بشأن الظاهرة المتكررة.
من جانبه، تحدث وزير الأمن الداخلي، أليخاندرو مايوركاس، عن الموضوع، مؤكدا: “ليس هناك شك في أن الناس يرون مسيّرات. هناك آلاف من المسيرات التي تحلق كل يوم في الولايات المتحدة، مسيّرات ترفيهية، مسيّرات تجارية”.
وأضاف في مقابلة مع شبكة “اي بي سي”: “إذا كان هناك أي سبب للقلق، وإذا حددنا أي تورط أجنبي أو نشاط إجرامي، فسوف نتواصل مع الجمهور. لكن في الوقت الحالي، لا علم لنا بشيء من هذا القبيل”.
وأكد ممثلون للشرطة الفدرالية (إف بي آي) والأمن الداخلي وإدارة الطيران الفدرالية (إف إيه إيه) أنه لا يوجد أي عنصر، في هذه المرحلة من تحقيقاتهم، يُظهر وجود نشاط إجرامي أو صادر عن قوة أجنبية.
كما قلل مسؤول في مكتب التحقيقات الفيدرالي من حدة المخاوف، مشيراً إلى وجود “رد فعل مبالغ فيه قليلا” تجاه المشاهدات.
أزمة المسيرات الأزمة تصل الكونجرس
من جانبه، قلل جيم هايمس، كبير الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، من أهمية المخاوف من أن أعداء الولايات المتحدة قد يرسلون مسيرات فوق المدن الأميركية عندما يستطيعون استخدام الأقمار الصناعية لمراقبة الولايات المتحدة بأمان وسهولة.
وقال لقناة “فوكس نيوز”، إن “الصين وإيران لن يرسلوا مسيرات فوق نيويورك ونيو جيرسي يمكننا إسقاطها والسيطرة عليها بسهولة.”
وأعرب مشرعون ديمقراطيون أيضا عن إحباطهم مما وصفوه بـ “عدم شفافية الحكومة” في معالجة المخاوف العامة.
ودعت السيناتور إيمي كلوبوشار، الإدارة إلى عقد إحاطة لأعضاء مجلس الشيوخ، مؤكدة في حديثها لشبكة “سي بي اس”: “نحن بحاجة إلى مزيد من الشفافية”.
وبعث زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، برسالة إلى وزير الأمن الداخلي، يحثه فيها على استخدام أحدث تقنيات الكشف عن المسيرات دون تأخير.
وأعلن شومر أنه سيدعم قانونا جديدا يهدف إلى تزويد السلطات بأفضل الأدوات لكشف هذه الأجهزة.
دعوات لإسقاط المسيرات والشرطة تحذر
وفي خضم هذا الجدل، دعا عدد من المشرعين إلى اتخاذ إجراءات أكثر حزما، وطالب السيناتور، ريتشارد بلومنثال، من ولاية كونيتيكت بإسقاط المسيرات.
بينما حث النائب، كريس سميث، البنتاغون على التصريح باستخدام القوة لإسقاط واحدة من هذه المسيرات على الأقل للكشف عن مصدرها.
واقترح سميث أن يتم إسقاطها فوق المحيط أو في منطقة غير مأهولة بالسكان، متسائلا: “لماذا لا يمكننا الإمساك بواحدة على الأقل من هذه المسيرات والوصول إلى حقيقة الأمر.
في المقابل، حذر مدير شرطة مقاطعة مونماوث، شون غولدن، من محاولة إسقاط أي من هذه المسيرات، مؤكداً أن مثل هذا العمل يشكل انتهاكاً للقوانين الفيدرالية وقوانين الولاية.