بين سلاح حزب الله وغضب الدروز.. هل ينجو لبنان من تداعيات أحداث السويداء في سوريا؟

يعيش لبنان حالة من الترقب والقلق، مع ازدياد المخاوف من امتداد الصراع السوري إلى الداخل، خصوصاً في ظل العلاقات الوثيقة بين دروز سوريا ولبنان، واستنفار الطائفة الدرزية لمواجهة ما تعتبره تهديداً وجودياً في السويداء.
وفق وسائل إعلام لبنانية فإن أمس السبت كان يوماً درزياً بامتياز، حيث تحركت المرجعيات الروحية والسياسية للطائفة في لبنان، وفي مقدمتها شيخ العقل سامي أبو المنى ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، لتطويق تداعيات الاقتتال الدرزي – السني في السويداء، رغم إعلان وقف لإطلاق النار لم تصمد ركائزه في ظل عجز السلطات السورية عن بسط نفوذها.
تحركات درزية مكثفة
القلق اللبناني تُرجم على الأرض بإجراءات أمنية وتنسيقات سياسية واسعة. فقد التقى شيخ العقل سامي أبو المنى قائد الجيش اللبناني ورئيس الأركان، في مسعى لضبط الوضع ومنع أي اضطرابات محتملة، لا سيما بعد قطع طريق بيروت – دمشق من قبل شبان دروز احتجاجاً على أحداث السويداء.
كما عقد أبو المنى لقاءات مع عدد من شيوخ العشائر العربية في البقاع الغربي وجبل الشوف، بهدف تهدئة النفوس وتفادي أي صدامات طائفية أو عشائرية، في مناطق مختلطة لطالما كانت حساسة سياسياً وأمنياً.
ودعا في مواقفه العلنية الدول ذات التأثير في سوريا إلى التدخل الفوري لوقف الاقتتال، ورفع الحصار عن محافظة السويداء.
تضامن سني – درزي
في موازاة التحرك الدرزي، عبّرت القيادات السنية اللبنانية عن حرصها على تفادي أي فتنة، حيث استقبل رؤساء الحكومات السابقون وفوداً درزية، وأكدوا الوقوف في وجه أي محاولة لإشعال اقتتال سني – درزي، سواء في سوريا أو لبنان، داعين إلى أولوية وقف النار وحماية النسيج الوطني.
لكن رغم تلك الجهود، بدأت الأصوات تتعالى في الشارع الدرزي اللبناني، مع دعوات من بعض المشايخ والشبان لحمل السلاح والدفاع عن دروز السويداء، ما استدعى تحركات عاجلة من السلطات اللبنانية بالتنسيق مع المرجعيات الروحية والسياسية للطائفة، لاحتواء الغضب وضبط الشارع، وتفادي أي تصعيد مع العشائر العربية، خصوصاً في مناطق التماس.
الموفد الأمريكي يعود للبنان
في هذا التوقيت الدقيق، تتجه الأنظار إلى بيروت، التي تستعد لاستقبال الموفد الأمريكي توم باراك يوم الثلاثاء، في زيارته الثالثة خلال أسابيع، لتسلم الرد اللبناني على المقترحات الأمريكية الأخيرة، والتي سلمتها السفيرة ليزا جونسون إلى المسؤولين اللبنانيين قبل أيام.
مصادر مطلعة تؤكد أن الرد اللبناني سيكون إيجابياً ومنفتحاً على الطروحات الأمريكية، مع الأخذ بعين الاعتبار دقة الوضع الداخلي، وحساسية ملف سلاح “حزب الله”، الذي لا يزال محور الخلاف الأساسي في أي تسوية سياسية – أمنية.
حزب الله يتحدى
في المقابل، يواصل “حزب الله” رفع نبرة التحدي، حيث شدد أمينه العام الشيخ نعيم قاسم على رفض التخلي عن سلاح الحزب، معتبراً أن من يطلب ذلك إنما يريد تسليمه إلى “إسرائيل”. ورد رئيس الحكومة نواف سلام عليه بالقول إن السلاح المطلوب تسليمه هو للدولة اللبنانية، وليس لأي جهة أجنبية.
ويستند الحزب إلى حجج أمنية جديدة لتبرير تمسكه بالسلاح، أبرزها الدفاع عن الطائفة الشيعية من الجماعات المتطرفة في سوريا، وعلى رأسها “داعش”، مدعياً أن هذه الجماعات قد ترتكب مجازر ضد الشيعة كما فعلت مع الطوائف الأخرى في سوريا.
لكن هذه الذرائع لم تلقَ قبولاً لدى غالبية القوى السياسية اللبنانية، التي ترى أن السلاح يجب أن يكون حصراً بيد الجيش والقوى الشرعية.
مشهد لبناني معقّد
الواضح أن الأزمة آخذة في التصعيد، في ظل التباين العميق داخل الدولة اللبنانية حول ملف السلاح، والتخوف من انفلات أمني في ظل أي شرارة طائفية أو صدام في الشارع.
وما يزيد الوضع تعقيداً هو الربط الشعبي والوجداني بين دروز لبنان وسوريا، ما يجعل أي تطور في السويداء قابلاً للاشتعال في الداخل اللبناني.
اقرأ أيضًا: الدوحة تتوسط بين الحكومة وحركة 23 مارس..هل تنجح قطر في إنهاء الحرب شرق الكونغو؟