بين شبح الحرب وأمل السلام.. هل تكفي التهديدات لإنقاذ الاتفاق النووي بين طهران وواشنطن؟

وسط حالة من الترقب والقلق الدولي، عادت لغة التصعيد لتطغى على أجواء المحادثات المتعثرة حول الاتفاق النووي بين طهران وواشنطن.

وشهدت الأيام الأخيرة تبادلًا حادًا للرسائل الميدانية والتصريحات المتوترة، أعادت شبح المواجهة بين طهران وواشنطن إلى الواجهة ، في وقت لا تزال فيه نافذة الحل الدبلوماسي مفتوحة – وإن كانت ضيقة.

طهران تهدد باستهداف قواعد واشنطن

فقد هدَّد وزير الدفاع الإيراني، عزيز نصير زاده، اليوم الأربعاء، بشن ضربات مباشرة على القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة، إذا ما وصلت الأمور إلى مواجهة عسكرية.

وقال في تصريح للصحفيين على هامش اجتماع حكومي في طهران: “إذا فُرضت علينا مواجهة، فسنضرب أهدافنا بقوة، وسيتكبد العدو خسائر فادحة. على أمريكا أن تدرك أن عليها مغادرة المنطقة”.

الوزير الإيراني شدد على أن “القوات العملياتية الإيرانية مجهزة بالكامل”، كاشفًا عن تجربة صاروخ جديد يحمل رأسًا حربيًا بوزن طنين، نُفذت بنجاح مؤخرًا، ما اعتُبر رسالة عملية تؤكد استعداد طهران لأسوأ السيناريوهات.

 تهديد طهران يقابله تهديد من واشنطن

وفي المقابل، لم تمر التهديدات الإيرانية دون رد من الجانب الأمريكي. ففي جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، كشف قائد القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، الجنرال مايكل كوريلا، عن أن هناك خططًا عسكرية جاهزة و”سلسلة واسعة من الخيارات” قدمت للرئيس دونالد ترامب ووزير الدفاع للتعامل مع أي تطور في الملف الإيراني.

وأكد كوريلا أن القيادة العسكرية في حالة “جهوزية كاملة لتنفيذ الأوامر”، مشددًا على أن “الرد سيكون ساحقًا إذا اقتضت الحاجة”.

هذه التصريحات أتت ردًا مباشرًا على سؤال النائب الجمهوري مايك روجرز حول مدى استعداد واشنطن لاستخدام القوة في حال استمرت إيران في توسيع أنشطتها النووية.

إدارة ترامب تعلن أن التفاوض حول الاتفاق النووي ما زال الخيار الأول

ورغم نبرة التهديد، لا تزال إدارة الرئيس دونالد ترامب تحافظ على موقف معلن مفاده أن الحل السياسي هو الخيار المفضل.

وبحسب تقرير لموقع “أكسيوس”، أبلغ ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اتصال هاتفي أنه يعارض القيام بعمل عسكري ضد إيران في الوقت الراهن، ويؤمن بوجود فرصة واقعية لإحياء الاتفاق النووي.

غير أن شبكة “فوكس نيوز” نقلت عن ترامب تعبيره عن “القلق من تصلب الموقف الإيراني”، معتبرًا أن طهران باتت “أكثر تشددًا” في المفاوضات الجارية، ما قد يُفسر بوصفه إحباطًا ضمنيًا من بطء التقدم الدبلوماسي.

جمود تفاوضي بين طهران وواشنطن حول الاتفاق النووي

وفي الوقت الذي أعلنت فيه إيران أنها ستقدّم قريبًا عرضًا مضادًا للطرح الأمريكي، رفضت الكشف عن تفاصيله، مكتفية بالقول إن العرض الحالي “غير مقبول”.

هذا الجمود يضاعف المخاوف من أن يكون التصعيد العسكري المتبادل مقدمة لمواجهات غير مرغوب فيها، خصوصًا مع اقتراب موعد الجولة السادسة من المحادثات التي لم يُحسم بعد إن كانت ستُعقد كما هو مقرر الخميس.

وفي شهادته أمام الكونجرس، وصف الجنرال كوريلا اللحظة الحالية في الشرق الأوسط بأنها “لحظة تحول استراتيجية”، داعيًا إلى استغلالها لتعزيز رؤية أمريكية تقوم على “شرق أوسط مزدهر ومتكامل”، بالتعاون مع الحلفاء الإقليميين في مواجهة ما سماها “الجهات الفاعلة الخبيثة”، في إشارة واضحة إلى إيران ووكلائها.

رسائل وتحذيرات حول الاتفاق النووي

يرى محللون أن التلويح بالخيارات العسكرية من الجانبين لا يعكس بالضرورة نية صريحة للذهاب نحو الحرب، بل يدخل ضمن أدوات الضغط على طاولة التفاوض.

لكن خطر الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة يظل قائمًا، خاصة مع ازدياد النشاط الإيراني في العراق وسوريا واليمن، والتوسع في تخصيب اليورانيوم.

وبينما تؤكد واشنطن أن بقاء الخيار العسكري على الطاولة ضروري لدعم الموقف التفاوضي، ترى طهران في ذلك محاولة للي ذراعها وإرغامها على تقديم تنازلات استراتيجية، وهو ما ترفضه قيادة الجمهورية الإسلامية، التي لا تزال تتمسك بأن الضمانات الأمريكية غائبة.

 هل تكفي التهديدات لإنقاذ الاتفاق النووي ؟

المرحلة الراهنة تبدو وكأنها اختبار إرادات بين الطرفين: تهديدات متبادلة، استعدادات عسكرية، ومواقف دبلوماسية تراوح مكانها. لكن في العمق، تبقى هناك قناعة مشتركة – وإن كانت غير معلنة – بأن التصعيد الشامل لا يخدم أحدًا. لذا، تبقى التهديدات أداة تفاوض أكثر منها مقدمة لحرب، إلا إذا خرج أحد الطرفين عن قواعد اللعبة.

اقرأ أيضا: ماسك يشعر بالندم.. هل يعود مالك تسلا لأحضان ترامب مرة أخرى؟

زر الذهاب إلى الأعلى