بين نيران الانقسام وضغط الشارع.. هل تنقذ مبادرة الدبيبة ليبيا من الانهيار؟

في خطوة تهدف إلى كسر حالة الجمود السياسي التي تعصف بليبيا منذ سنوات، أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، مساء الثلاثاء، عن مبادرة سياسية جديدة، قال إنها ستُطرح رسميًا خلال الأيام المقبلة،

وتأتي المبادرة في سياق الرد على تصاعد المطالب الشعبية المطالبة برحيله ورحيل جميع الأجسام السياسية القائمة.

تفاصيل مبادرة الدبيبة

وخلال اجتماع لمجلس الوزراء، كشف الدبيبة عن تفاصيل مبادرته، التي تنقسم إلى ثلاثة مسارات رئيسية: أولها إعادة هيكلة الحكومة على أساس الكفاءة، دون الالتفات إلى المحاصصة السياسية أو التأثيرات الموازية.

بجانب إطلاق مشروع الاستعلام الوطني، كأداة تعبّر عن الإرادة الشعبية وتوحّد الرؤية الوطنية. مع وضع آلية عملية لتأمين الانتخابات، وإنهاء ذريعة وجود حكومة موازية، بما يمهّد لإجراء استحقاق انتخابي شامل.

وقال الدبيبة إن المبادرة تأتي في سياق سعيه لـ”إحداث تغيير حقيقي يلبّي تطلعات الليبيين، ويستجيب للاحتجاجات الشعبية التي تطالب بإنهاء المرحلة الانتقالية وفتح الطريق أمام انتخابات نزيهة تضع حدًا للفوضى والانقسام السياسي”.

تحذيرات من انزلاق أمني في ظل تصاعد التوترات

وتأتي هذه المبادرة في وقت تتصاعد فيه المخاطر الأمنية في البلاد، في ظل الصراع المستمر على السلطة والموارد بين الأطراف السياسية في شرق ليبيا وغربها. فقد وصلت المفاوضات السياسية بين الطرفين إلى طريق مسدود، وسط مخاوف جدية من عودة شبح النزاع المسلّح.

ومؤخرًا، دفع الجيش الليبي التابع للقيادة العامة بقواته نحو مدينة سرت، فيما أعلنت قوات الغرب الليبي حالة التأهب القصوى، وشرعت في تنفيذ تدريبات عسكرية قتالية تحسّبًا لأي طارئ، ما يعكس هشاشة الوضع الأمني وعمق الانقسام السياسي.

البرلمان يلوّح بحكومة بديلة

ورغم عدم صدور رد رسمي حتى الآن من السلطات في شرق ليبيا على مبادرة الدبيبة، إلا أن الأوساط السياسية تتوقع موقفًا متحفّظًا أو رافضًا، خاصة من مجلس النواب في طبرق، الذي سبق أن اعتبر حكومة الدبيبة “منتهية الشرعية”، وبدأ فعليًا خطوات تشكيل حكومة بديلة، وسط مساعٍ لتوسيع نفوذها في المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش الوطني الليبي.

وبحسب تقارير من غير الواضح ما إذا كانت مبادرة الدبيبة ستُقابل بتفاعل إيجابي من قبل خصومه، أو أنها ستُضاف إلى قائمة المبادرات التي وُئدت في مهدها نتيجة تعقيدات المشهد الليبي وتشظّي القرار السياسي والأمني.

 توقيت مبادرة الدبيبة وواقعيتها

ويرى مراقبون أن توقيت إعلان المبادرة يطرح تساؤلات عدّة حول جدّيتها وفرص نجاحها، خاصة في ظل فقدان حكومة الدبيبة للثقة الشعبية والدعم البرلماني، وفي ظلّ ما يُنظر إليه على أنه محاولات متكررة للبقاء في السلطة دون توافق وطني شامل.

كما يلفت آخرون إلى أن أي مبادرة لحلحلة الأزمة الليبية لا يمكن أن تنجح دون مشاركة كلّ الأطراف الفاعلة، وعلى رأسها البرلمان في الشرق، والمجلس الأعلى للدولة في الغرب، إضافة إلى دعم المجتمع الدولي، وخاصة بعثة الأمم المتحدة التي لم تُعلّق بعد على ما أعلنه الدبيبة.

هل تنجح مبادرة  الدبيبة في كسر الجمود؟

وفق مراقبون تبقى فرص نجاح المبادرة مرهونة بجملة من العوامل، من بينها مدى قدرة الدبيبة على تقديم ضمانات سياسية وأمنية حقيقية للانتقال نحو انتخابات نزيهة، ومدى استعداده لتقديم تنازلات تُقنع خصومه بخوض حوار سياسي جديد.

لكن في ظل هشاشة الوضع، وتحركات عسكرية مريبة، واستقطاب سياسي داخلي وخارجي، فإن الطريق نحو تسوية شاملة لا يزال محفوفًا بالمخاطر، وربما يتطلب أكثر من مجرد إعلان مبادرة.

اقرأ أيضا

من مخيمات إدلب إلى قصور الأسد.. ماذا حقق الشرع بعد 6 أشهر في رئاسة سوريا؟

زر الذهاب إلى الأعلى