تاسي يكتسي بالأخضر.. الأسهم السعودية تقفز لأعلى مستوياتها منذ يونيو

بعد سلسلة من التراجعات والتذبذبات الحادة، حققت سوق الأسهم السعودية قفزة قوية خلال تعاملات الأربعاء، إذ أنهى مؤشر السوق الرئيسي “تاسي” تداولاته مرتفعا بنسبة 1.30%، مضيفا نحو 140 نقطة ليغلق فوق مستوى 10,980 نقطة، في أكبر مكاسب يومية للمؤشر منذ 24 يونيو الماضي.

وجاء هذا الصعود مدفوعا بأداء إيجابي من جميع القطاعات القيادية، وعلى رأسها قطاع البنوك الذي قاد الزخم الشرائي وأعاد الثقة إلى السوق بعد فترة من التقلبات الحادة.

ويرى مراقبون أن هذه القفزة تعكس بداية مرحلة جديدة من التعافي التدريجي في السوق، بدعم من تحسن المعنويات، ونتائج مالية قوية أعلنت عنها الشركات المدرجة، خصوصا البنوك الكبرى، بالإضافة إلى صعود أسهم الشركات الجديدة، وفي مقدمتها “الأندية الرياضية”، التي واصلت تسجيل مكاسب ملفتة خالفت بها الاتجاه العام لأسهم الإدراجات الأخيرة.

مرحلة جديدة من التعافي

ويعزز هذا التحول الإيجابي التفاؤل الحذر الذي بدأ يسود أوساط المستثمرين، في ظل صعود أسهم شركات جديدة مثل “الأندية للرياضة”، ونتائج مالية قوية أفصحت عنها البنوك السعودية في الربع الثاني من العام.

ويرى محللون أن هذا الأداء يمكن أن يشير إلى بداية مرحلة جديدة من التعافي الفني والمعنوي للسوق، خاصة بعد موجة الخسائر السابقة التي ضغطت على المؤشر وأدت إلى تراجع الثقة بشكل مؤقت.

وبلغت قيمة التداولات في التعاملات الصباحية نحو 101 مليون ريال، بعد تداول 10.2 مليون سهم، فيما بلغت القيمة السوقية الإجمالية 9.027 تريليون ريال.

ورغم هذا الارتفاع، فإن المؤشر لم يظهر تجاوبا واضحا مع النتائج المالية الإيجابية التي أعلنتها العديد من الشركات المدرجة، في إشارة إلى استمرار الترقب في أوساط المستثمرين.

البنوك تقود الانتعاش.. ونتائج تفوق التوقعات

وقد دفع الأداء القوي للبنوك السعودية مؤشر “تاسي” نحو أعلى مستوياته خلال الأسابيع الأخيرة، مع إعلان ثمانية بنوك عن نتائج مالية إيجابية للربع الثاني تجاوزت توقعات المحللين.

وأوضح وضاح الطه، عضو المجلس الاستشاري الوطني (CISI)، أن هذه النتائج جاءت “صحية”، مشيرًا إلى أن الأرباح ناتجة من العمليات التشغيلية الفعلية، ما يعكس متانة القطاع البنكي وفعاليته في دعم الرؤية الاقتصادية للمملكة.

لكن حذر الطه من ضغوط مستقبلية محتملة قد تواجه القطاع إذا قرر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خفض أسعار الفائدة، ما قد يؤثر على هوامش الربحية للمصارف السعودية.

تفاوت أداء الشركات.. والأندية الرياضية تتصدر الصعود

وشهدت الجلسة ارتفاعا في أسهم 103 شركات، أبرزها الأندية الرياضية، ليفا، مسك، ملكية ريت، وأمانة للتأمين. في المقابل، سجلت 124 شركة انخفاضا، من بينها سلامة، مشاركة ريت، فيبكو، دار الأركان، وتهامة.

واستمر سهم “الأندية للرياضة”، أحد الوافدين الجدد إلى السوق، في تحقيق مكاسب ملحوظة، مرتفعا بأكثر من 4% خلال الجلسة، بعد أن أنهى تعاملات يوم أمس بصعود حاد بلغ 24%. ويخالف السهم بهذا الأداء اتجاه معظم الأسهم حديثة الإدراج التي عادة ما تواجه ضغوطاً في أولى تداولاتها.

السوق الموازية تحت الضغط رغم انتعاش السوق الرئيسية

وفي المقابل، استهل مؤشر السوق الموازية “نمو” تداولاته دون تغيير يذكر، مستقرا عند 26,748.49 نقطة، بقيمة تداولات بلغت 1.31 مليون ريال، وعدد أسهم متداولة بلغ 47.5 ألف سهم.

لكن السوق الموازية لم تصمد طويلا، إذ أنهت جلسة الأربعاء على تراجع بنسبة 1.3% عند 26,740 نقطة، مع بلوغ قيمة التداولات نحو 19.1 مليون ريال، وانخفاض أسهم 58 شركة مقابل ارتفاع 27 فقط من بين 122 شركة مدرجة.

السوق تلتقط أنفاسها.. والاتفاقات الدولية تعزز المعنويات

ويرى إكرامي عبد الله، كبير المحللين الماليين في صحيفة “الاقتصادية”، أن السوق قد بدأت في استعادة توازنها بعد موجة خسائر، خاصة مع تحسن المعنويات المدعومة باتفاقات تجارية دولية مثل الاتفاق بين الولايات المتحدة واليابان، والذي عزز من شهية المستثمرين نحو الأصول الخطرة في الأسواق الناشئة، ومنها السوق السعودية.

لكن عبد الله أكد أن استمرار هذا الزخم يتطلب ثبات أداء القطاعات القيادية، خاصة البنوك والطاقة، إلى جانب استقرار العوامل الجيوسياسية والاقتصادية العالمية.

اقرأ أيضا.. انطلاقة استثمارية تاريخية بـ 15 مليار ريال.. السعودية تعود إلى سوريا بخطة اقتصادية كبرى

وتعكس التذبذبات الأخيرة في سوق الأسهم السعودية حالة من الحذر والتردد لدى المستثمرين، على الرغم من النتائج المالية الإيجابية لعدد كبير من الشركات، خاصة البنوك. وبينما يرى خبراء أن السوق بدأت تستعيد توازنها، إلا أن المخاوف المتعلقة بالسياسة النقدية الأمريكية والتقلبات العالمية لا تزال تثقل كاهل المستثمرين.

في المقابل، يبقى الأداء الإيجابي للأسهم القيادية والمؤشرات التشغيلية للشركات الكبرى عامل دعم رئيسي، مما قد يهيئ السوق لمرحلة جديدة من الاستقرار والنمو التدريجي في حال استمرت المعطيات الإيجابية داخليًا وخارجيًا.

زر الذهاب إلى الأعلى