تحركات أممية ولقاء ثلاثي بالقاهرة.. هل تعيد الاشتباكات في طرابلس تحريك الملف الليبي؟
في ظل تصاعد التوترات الأمنية في العاصمة الليبية طرابلس، دعتْ نائبة المبعوث الأممي إلى ليبيا، ستيفاني خوري، إلى اعتماد ترتيبات أمنية عاجلة تشمل انسحاب القوات المسلحة من المناطق السكنية وعودتها إلى ثكناتها.
وجاءت هذه الدعوة خلال لقاء موسع عُقد الخميس، بينما تستعد تونس والجزائر ومصر لعقد اجتماع ثلاثي تشاوري في القاهرة، اليوم السبت، لمناقشة مستجدات الأزمة الليبية.
دعوات إلى وقف التحشيد العسكري في طرابلس
الاجتماع الذي حضرته خوري عُقد بحضور ممثلين عن منطقة سوق الجمعة، وضم أعضاء من المجلس الاجتماعي والمجالس البلدية السبعة، إضافة إلى نشطاء من منظمات المجتمع المدني، وممثلين عن حراك التغيير من أجل ليبيا، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، والمجلس الوطني للحريات المدنية وحقوق الإنسان.
وأكدت خوري خلال اللقاء ضرورة الإسراع في تنفيذ الترتيبات الأمنية، مشيرة إلى أن وجود قوات مسلحة داخل المناطق المدنية يقوّض الاستقرار ويهدد حياة السكان.
وأوضحت أن البعثة الأممية تكثف جهودها مع مختلف الأطراف لضمان تثبيت الهدنة ووقف الاشتباكات المسلحة التي شهدتها العاصمة مؤخراً.
اشتباكات عنيفة في طرابلس
اللقاء تناول تداعيات الاشتباكات المسلحة الأخيرة التي اندلعت بين مجموعات تابعة لحكومة الوحدة الوطنية وأخرى من خارج العاصمة، وأسفرت عن سقوط ضحايا مدنيين، وتسببت في أضرار كبيرة بالبنية التحتية، إلى جانب تعطيل عدد من المرافق والخدمات الحيوية.
وأعرب ممثلو المجتمع المحلي عن قلقهم من استمرار التحشيد العسكري، مطالبين بانسحاب كافة التشكيلات من العاصمة ووقف التحركات العسكرية بشكل فوري، تمهيداً لاستعادة الاستقرار وتهيئة الظروف الملائمة لأي مسار سياسي.
دعم لخارطة طريق أممية في ليبيا بعد اشتباكات طرابلس
على الصعيد السياسي، أبدى الحاضرون دعمهم للمقترحات التي تقدمت بها اللجنة الاستشارية التابعة للأمم المتحدة بشأن وضع خارطة طريق شاملة.
وشددوا على أهمية التصدي للفساد، وضمان حرية التعبير، واحترام الحق في التظاهر السلمي كجزء من المسار الإصلاحي الذي يتطلبه تجاوز المرحلة الانتقالية.
اجتماع ثلاثي بالقاهرة
بالتوازي مع التحركات الأممية، تحتضن العاصمة المصرية القاهرة اليوم السبت اجتماعاً ثلاثياً تشارك فيه تونس والجزائر ومصر، لبحث مستجدات الأوضاع في ليبيا، واستعراض الجهود المبذولة لتشجيع الحوار بين الفرقاء الليبيين.
وأكدت وزارة الخارجية التونسية في بيان أن الوزير محمد علي النفطي يشارك في الاجتماع إلى جانب نظيريه المصري بدر عبدالعاطي والجزائري أحمد عطّاف.
وذكرت أن مشاركة تونس تأتي في سياق العلاقات الأخوية التي تربطها بليبيا، ودعمها الثابت لحق الشعب الليبي في الأمن والاستقرار والتنمية.
إعادة تفعيل آلية 2019
من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية أن وزيرها يشارك في الاجتماع بتكليف من الرئيس عبدالمجيد تبون، في إطار إعادة تفعيل الآلية الثلاثية التي لم تُعقد منذ عام 2019.
ولفتت إلى أن اللقاء سيتيح تبادل الرؤى حول سبل توحيد جهود دول الجوار من أجل إنهاء حالة الانقسام الليبي ودعم التسوية السياسية.
وسبق أن عقدت دول الجوار الليبي الثلاث اجتماعات مماثلة، كان آخرها في تونس في يونيو 2019، وشددت خلالها على رفض التدخلات الخارجية وضرورة دعم حل سياسي سلمي وشامل للأزمة الليبية.
استعادة المسار السياسي في ليبيا بعد اشتباكات طرابلس
يرى مراقبون أن الاشتباكات الأخيرة في طرابلس قد تدفع نحو تحريك الجمود السياسي، من خلال توسيع المشاركة في الحوار الوطني، وتعزيز التنسيق بين بعثة الأمم المتحدة ودول الجوار. ويُنظر إلى الاجتماع الثلاثي في القاهرة باعتباره فرصة لتقريب وجهات النظر الإقليمية، وإعادة تفعيل المسارات التي يمكن أن تسهم في تحقيق توافق شامل بين الليبيين.
وفق تقارير فإن الملف الليبي لا يزال بحاجة إلى توازن دقيق بين الترتيبات الأمنية والمعالجات السياسية، وهو ما تسعى إليه الأطراف الليبية والدولية، وسط تطلع شعبي واسع لمرحلة جديدة من الاستقرار والتنمية، تُنهي سنوات طويلة من الانتقال والاحتراب.
اقرا أيضا: من “معاداة السامية” إلى “الحرب الصليبية”.. كيف تُرهب إسرائيل ماكرون وقادة أوروبا؟