تحول في خطاب إسرائيل تجاه سوريا.. هل تلحق دمشق بقطار التطبيع؟

في تطور لافت، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن تل أبيب ترغب في إقامة علاقات جيدة مع حكومة سوريا الجديدة، بقيادة الرئيس أحمد الشرع.

وتعتبر تصريحات ساعر أول إشارة علنية من مسؤول إسرائيلي رفيع إلى إمكانية الانفتاح على دمشق بعد سنوات من القطيعة والعداء.

إعلان

تصريحات مفاجئة من وزير خارجية إسرائيل حول سوريا

جاءت تصريحات ساعر خلال مؤتمر صحفي في القدس، بعد ساعات من إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن استعادة رفات الجندي تسفي فيلدمان، المفقود منذ حرب لبنان الأولى عام 1982.

وبينما امتنع ساعر عن تأكيد تلقي تل أبيب أي مساعدة من السلطات السورية في عملية الاستعادة، أوضح أن “إسرائيل تسعى إلى تحقيق الاستقرار وتحتفظ بمخاوف أمنية مفهومة”، مضيفاً: “نريد الأمن.. نريد الاستقرار.. هذا هو طموحنا”.

هذه التصريحات، التي نقلتها صحيفة “ذا تايمز أوف إسرائيل”، اعتُبرت تغيراً ملحوظاً في خطاب ساعر، المعروف سابقاً بتشدده حيال النظام السوري، ورفضه لأي شكل من أشكال التقارب معه، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى جدية التحول الإسرائيلي في التعامل مع دمشق.

الرئيس السوري يعترف بمفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل

من جهته، لم ينفِ الرئيس السوري أحمد الشرع وجود اتصالات مع إسرائيل، بل أكد خلال مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس، أن “مفاوضات غير مباشرة جارية”، مشيراً إلى أن بلاده “تتواصل مع كل الدول التي تتواصل مع إسرائيل للضغط عليها بهدف وقف الانتهاكات ضد السيادة السورية”.

وبحسب الشرع، فإن إسرائيل شنت أكثر من 20 غارة جوية على سوريا خلال أسبوع واحد فقط، بذريعة حماية الأقليات، في إشارة ضمنية إلى الطائفة الدرزية، ما اعتبره الرئيس السوري تصعيداً غير مبرر.

 وساطة إماراتية بين إسرائيل وسوريا

وكانت وكالة “رويترز” عن كشفت قبل أيام عن وجود قناة اتصال غير معلنة بين دمشق وتل أبيب، أنشأتها دولة الإمارات العربية المتحدة في أعقاب زيارة الرئيس السوري إلى أبوظبي في 13 أبريل الماضي.

وبحسب الوكالة ذكرت ثلاثة مصادر مطلعة أن الاتصالات تركز على الملفات الأمنية والاستخباراتية، وتهدف إلى بناء الثقة في ظل انعدام العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين.

ووفق مصادر أمنية سورية، فإن الاجتماعات التي تمت في هذا السياق، شارك فيها مسؤولون أمنيون إماراتيون، إلى جانب عناصر من الاستخبارات السورية، وبعض المسؤولين السابقين في جهاز الموساد، وتمحورت النقاشات حول ملفات “فنية” تتعلق بمكافحة الإرهاب، دون التطرق إلى أنشطة الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي السورية.

دمشق تبعث رسائل طمأنة لتل أبيب

وكانت دمشق قد بدأت اتخاذ خطوات عملية تهدف إلى طمأنة إسرائيل، من خلال عقد لقاءات مع ممثلين عن الجالية اليهودية في الداخل والخارج، فضلاً عن اعتقال اثنين من أبرز قياديي حركة “الجهاد الإسلامي”، في إشارة إلى رغبة النظام الجديد في ضبط الساحة الفلسطينية على أراضيه.

كما كشفت مصادر دبلوماسية عن وساطة إضافية، غير رسمية، جرت بين الجانبين خلال الأيام الأخيرة، لكن دون تقديم تفاصيل إضافية نظراً لحساسية الاتصالات الجارية.

هل تنضم دمشق إلى مسار التطبيع مع إسرائيل؟

في ظل هذا المشهد المتقلب، تُطرح تساؤلات جادة حول ما إذا كانت سوريا بصدد اللحاق بركب التطبيع الذي انخرطت فيه دول عربية كبرى خلال السنوات الماضية، خصوصاً بعد توقيع “اتفاقيات إبراهام” بين إسرائيل وعدد من دول الخليج برعاية أمريكية.

بين خطاب إسرائيلي أكثر ليونة، ورسائل سورية تتراوح بين التهدئة والرفض العلني للتطبيع، تشهد العلاقة بين دمشق وتل أبيب لحظة سياسية دقيقة، قد تفضي إلى تفاهمات جديدة، أو تبقى حبيسة القنوات الخلفية دون ترجمة فعلية.

وفي الوقت الذي تُمسك فيه الإمارات بخيوط الوساطة، تبقى مسألة تطبيع العلاقات رهناً بتغير موازين القوى الإقليمية والدولية، وإرادة الطرفين في تجاوز إرث عقود من العداء والاشتباك.

اقرا أيضا

برج ترامب والتطبيع.. هل تنجح إغراءات الشرع للرئيس الأمريكي في رفع العقوبات؟

إعلان
زر الذهاب إلى الأعلى