تحول مصر في مجال الطاقة.. عائدات تصدير تصل 4.5 مليار دولار لكن بتحديات تشغيلية

لسياسات الطاقة الجديدة في مصر حقيقة مزدوجة.. إمكانات اقتصادية كبيرة مدفوعة بالتصدير إلى جانب تحديات تشغيلية

القاهرة (خاص عن مصر)- في أغسطس 2022، قدمت مصر تحولاً شاملاً في سياسة الطاقة يهدف إلى تحسين استهلاك الطاقة وتعظيم صادرات الغاز الطبيعي، وفقا لتحليل موقع وايا ميديا، لتغيير سياسة الطاقة والتطلعات الاقتصادية لمصر.

وبحسب التقرير، وتحت إشراف رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، تلزم هذه السياسة استخدام المازوت والديزل في توليد الكهرباء لإعادة توجيه الغاز الطبيعي للتصدير. ومن المتوقع أن يولد هذا النهج ما يقدر بنحو 450 مليون دولار شهريًا، أو ما يقرب من 4.5 مليار دولار سنويًا، بما يتماشى مع أهداف مصر الأوسع نطاقًا لتعزيز احتياطياتها الاقتصادية.

مع ذلك، في حين تعد الاستراتيجية بمكاسب مالية، إلا أنها فرضت تحديات ملحوظة على الجبهة المحلية، وخاصة التأثير على الشركات والمقيمين الذين يعتمدون على إمدادات الطاقة المستمرة.

انقطاع التيار الكهربائي وتأثيره على الأعمال التجارية

كانت إحدى العواقب المباشرة لهذه السياسة هي إدخال انقطاع التيار الكهربائي المتغير في جميع أنحاء مصر. في البداية، اقتصرت هذه الانقطاعات على ساعة واحدة يوميًا، ثم نمت، خاصة خلال صيف 2023 المكثف، وامتدت إلى عدة ساعات يوميًا. على الرغم من انتهاء موجة الحر في نوفمبر 2022، استمرت العديد من المناطق في تجربة انقطاع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى ساعتين في اليوم.

أثرت هذه الانقطاعات المطولة بشكل كبير على الشركات التي تعتمد على إمدادات الكهرباء الثابتة، مما دفعها إلى تبني تدابير تكيفية لدعم الإنتاجية. تواجه الشركات، وخاصة تلك الموجودة في قطاعات مثل التصنيع والتجزئة، اضطرابات تشغيلية ويجب عليها الآن التنقل في مشهد طاقة غير متوقع. يفرض هذا التحول تحديًا مستمرًا للشركات التي تسعى إلى حلول طاقة مستقرة وفعالة من حيث التكلفة.

أقرا أيضا.. بشراكة استراتيجية.. مصر تستهدف تعزيز الاستثمارات الصينية

تقييم جدوى السياسة على المدى الطويل

أصدر مركز أبحاث حلول السياسة البديلة (APS) مؤخرًا تحليلًا متعمقًا بعنوان “انقطاع الكهرباء والتبديل إلى الوقود لتصدير الغاز الطبيعي: هل يحدث فرقًا حقيقيًا؟” يسلط هذا التقرير الضوء على المزايا الاقتصادية المحتملة ومخاوف الاستدامة المتأصلة في استراتيجية الطاقة في مصر.

يؤكد مستشار الطاقة علي هاشم أنه في حين أن السياسة حولت بالفعل كميات كبيرة من الغاز الطبيعي للتصدير، إلا أنها تطرح أيضًا أسئلة ملحة بشأن الاستدامة على المدى الطويل.

يشير هاشم إلى أن “التدابير المتخذة لتحرير موارد الغاز الطبيعي في البلاد للتصدير، بما في ذلك انقطاع التيار الكهربائي المتكرر واستبدال بعض أنواع الوقود في محطات الطاقة ببدائل أكثر ضررًا بالبيئة، أسفرت عن نتائج دون المستوى الأمثل”.

يشير تقييمه إلى أنه على الرغم من أن السياسة قد تحقق أهداف التصدير في الأمد القريب، فإن اعتمادها على الوقود غير المتجدد قد يقوض أمن الطاقة في مصر بمرور الوقت.

توصيات للشركات وسط تحولات السياسة

ردًا على التحديات التي يفرضها تحولات الطاقة هذه، توصي APS وخبراء الطاقة الشركات بتبني نهج استباقي لإدارة الطاقة. يعد الاستثمار في التقنيات والممارسات الموفرة للطاقة إحدى الاستراتيجيات الرئيسية، حيث يوفر للشركات حاجزًا ضد تقلبات الطاقة مع تقليل التكاليف التشغيلية.

يمكن للإضاءة الفعّالة والآلات المحسّنة ومنشآت الطاقة المتجددة أن تساعد الشركات بشكل جماعي على تقليل التأثير المالي لانقطاع التيار الكهربائي.

وعلاوة على ذلك، يتم تشجيع الشركات على السعي إلى إقامة شراكات مع موردي الطاقة لتأمين شروط مواتية. يمكن أن يوفر هذا التعاون وصولاً أكثر اتساقًا إلى الطاقة، مما يساعد الشركات على التخفيف من الاضطرابات في عملياتها.

مع إعطاء الحكومة الأولوية لعائدات التصدير، فإن التوجه الاستراتيجي نحو كفاءة الطاقة يمكن أن يمكّن الشركات من الحفاظ على الاستقرار والميزة التنافسية.

نحو حلول مستدامة لمستقبل الطاقة في مصر

في حين أن سياسة مصر لتعزيز عائدات التصدير تتوافق مع أهدافها الاقتصادية، إلا أنها أدخلت تحديات كبيرة للشركات والأسر المحلية. يقترح المحللون أن تنويع مصادر الطاقة وزيادة الاستثمارات في الطاقة المتجددة من شأنه أن يعزز أمن الطاقة على المدى الطويل، ويقلل من الاعتماد على المازوت والديزل، ويدعم النمو الاقتصادي المستدام.

تقدم سياسات الطاقة الجديدة في مصر حقيقة مزدوجة: إمكانات اقتصادية كبيرة مدفوعة بالتصدير إلى جانب تحديات تشغيلية ملموسة للشركات المحلية. من خلال الاستراتيجيات التكيفية والدفع نحو الطاقة المتجددة، يمكن للقطاع الخاص في مصر أن يضع نفسه بشكل أفضل في هذا المشهد المتطور للطاقة.

زر الذهاب إلى الأعلى