تخصيص أول تمويل في الموازنة لمشروع القبة الذهبية الأمريكية لمواجهة صواريخ الصين وروسيا

أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، وفقًا لتقرير نشرته “فايننشال تايمز”، عن تدشين مشروعها الدفاعي الضخم تحت اسم SHIELD (الدفاع المتعدد الطبقات المبتكر والقابل للتوسع لحماية الوطن)، وقد تم تخصيص 13 مليار دولار في الميزانية الحالية كتمويل أولي لبدء بناء البنية التحتية للمشروع الذي يتكلف بميزانية إجمالية تصل إلى 151 مليار دولار خلال العقد المقبل.

ويُعرف المشروع إعلامياً باسم “القبة الذهبية الأمريكية”، وهو يهدف إلى توفير مظلة دفاعية شاملة فوق أراضي الولايات المتحدة لمجابهة التهديدات الصاروخية الباليستية، والفرط صوتية، وصواريخ كروز.

تخصيص أول تمويل لمشروع القبة الذهبية الأمريكية

وقد تم تخصيص 13 مليار دولار كتمويل أولي لبدء بناء البنية التحتية ودمج النظم الدفاعية. ويتضمن البرنامج منظومة مترابطة من مجسات فضائية، ورادارات متقدمة، واعتراضات أرضية، ونظام قيادة وتحكم مدعوم بالذكاء الاصطناعي.

وسيُشرف على المشروع الجنرال المتقاعد من قوة الفضاء الأمريكية مايكل غيتلاين، من خلال وكالة اتحادية جديدة للدفاع الصاروخي تتخذ من قاعدة “ريدستون أرسنال” في ألاباما مقرًا لها، وهي القاعدة التي تُعد مركزًا رئيسيًا للصناعات الصاروخية والفضائية في الولايات المتحدة.

لماذا القبة الذهبية؟

يأتي المشروع كرد مباشر على التوسع السريع في قدرات الدول المنافسة في مجال الصواريخ الفرط صوتية، وعلى رأسها الصين وروسيا، حيث تمتلك بكين منظومة DF-17، بينما نشرت موسكو نظامي Avangard وكينجال، إلى جانب الصاروخ الباليستي العابر للقارات “سارمات” (Satan II).

كما تواصل كوريا الشمالية تطوير صواريخها النووية العابرة للقارات، من طراز “هواسونغ-17″، بينما تمثل إيران تهديدًا متناميًا عبر صواريخها الدقيقة متوسطة المدى ومنصاتها المتحركة.

وتعد هذه التهديدات من أخطر ما يواجه الأمن القومي الأمريكي، نظرًا للقدرات العالية لهذه الأسلحة على اختراق الدفاعات الحالية، وإصابة أهداف استراتيجية داخل الولايات المتحدة خلال أقل من 30 دقيقة من الإطلاق.

ترامب القبة الذهبية
الرئيس ترامب يعلن تفاصيل نظام القبة الذهبية الأمريكي في مايو الماضي

قفزة نوعية في مفاهيم الدفاع

يُعد مشروع SHIELD بمثابة تحول جذري في عقيدة الدفاع الأمريكي، إذ يتجاوز الأنظمة التقليدية مثل الدفاع الأرضي في منتصف المسار (GMD) ونظام “ثاد” و”إيجيس”، والتي كانت تركز على اعتراض محدود أو دفاع إقليمي.

في المقابل، يقدم SHIELD منظومة متكاملة تستطيع تتبع واعتراض الصواريخ في جميع مراحل طيرانها: من مرحلة الإطلاق (Boost Phase)، إلى المسار الأوسط (Midcourse)، وصولًا إلى المرحلة النهائية (Terminal).

ويُوظف الذكاء الاصطناعي والقدرات الفضائية في جمع وتحليل البيانات لتقليل زمن الاستجابة وزيادة فاعلية الرد.

وتُعد القدرة على التعامل مع الصواريخ الفرط صوتية، التي يمكنها المناورة والتخفي على ارتفاعات منخفضة، من أبرز التحديات التقنية التي يسعى المشروع للتغلب عليها.

خارطة التنفيذ والشركات المتوقعة

سيتم تنفيذ المشروع على مراحل تمتد لعشر سنوات، تشمل تطوير رادارات متقدمة، واعتراضات متعددة المنصات، وتحديثات إلكترونية، وأمن سيبراني، وتكامل شبكي بين المكونات العسكرية.

ومن المتوقع أن تتنافس شركات دفاع كبرى مثل لوكهيد مارتن، رايثيون، نورثروب غرومان، وجنرال أتوميكس على العقود الضخمة ضمن هذا البرنامج.

في المقابل، لم يُعرف بعد ما إذا كانت شركات الفضاء التجارية مثل سبيس إكس ومشروع كويبر التابع لأمازون ستشارك في المراحل الأولى، ما أثار نقاشًا داخل أوساط الأمن القومي حول دور التكنولوجيا التجارية في المهام الدفاعية الاستراتيجية.

القبة الذهبية.. ركيزة الردع في عصر الضربات الخاطفة

يمثل مشروع SHIELD انعكاسًا لاستراتيجية ردع جديدة، تركّز على تحصين العمق الأمريكي ضد التهديدات المتطورة متعددة المجالات، من هجمات الفضاء إلى الضربات الفرط صوتية.

وعند اكتماله، من المتوقع أن يصبح المشروع نموذجًا عالميًا للدفاع المتكامل الجوي والصاروخي، وقد يتوسع لاحقًا ليشمل أراضي الحلفاء.

في عصر تتزايد فيه المخاطر النووية والصاروخية، تسعى واشنطن عبر “القبة الذهبية” إلى فرض معادلة جديدة للردع، تتجاوز الدفاع الإقليمي نحو حماية شاملة للداخل الأمريكي من أي ضربة مفاجئة.

اقرأ أيضًا: بحار الخليج بين الكم والنوع| أي أسطول خليجي يمتلك سيادة المياه والمضائق؟

زر الذهاب إلى الأعلى