ترامب ونتنياهو يستعدان لمواجهة.. جائزة نوبل للسلام أم ضرب إيران؟

بينما يستعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للقاء في المكتب البيضاوي يوم الاثنين، تتجه الأنظار إلى ما قد يكون لحظة محورية في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية والشرق الأوسط كله.

من المتوقع أن يركز جدول الأعمال على إيران، والصراع الدائر في غزة، والتغييرات الجذرية التي أعقبت انهيار نظام الأسد في سوريا. لكن خلف هذا التخطيط الدبلوماسي، لا تزال هناك خلافات جوهرية، مما يثير تساؤلات حول مدى قدرة القادة على التوفيق بين أولوياتهم المتضاربة.

تحالف هشّ يُختبر بتهديد إيران النووي

أدى قرار الرئيس ترامب الأخير بتوجيه ضربات عسكرية أمريكية مباشرة إلى منشآت إيرانية مرتبطة بالأسلحة النووية إلى تغيير جذري في المشهد الاستراتيجي.

في حين سارع ترامب إلى إعلان نجاح غارات “بي-2” “الخارقة للتحصينات” بشكل كامل، مدعيًا أنها “دمرت تمامًا” المواقع النووية الإيرانية، إلا أن المسؤولين الإسرائيليين، ونتنياهو على وجه الخصوص، ما زالوا غير مقتنعين بتحييد هذا التهديد.

لعقود، دأب نتنياهو على دق ناقوس الخطر بشأن طموحات إيران النووية. ورغم نجاحه في مناورة ترامب ودفعه إلى اتخاذ إجراء عسكري، إلا أنه يدرك تمامًا أن فرصة إحراز المزيد من التقدم ضد البرنامج النووي الإيراني تتلاشى.

رغم الأضرار التي لحقت مؤخرًا بالقيادة العسكرية والعلمية الإيرانية، يرى نتنياهو ضرورة استمرار الضغط لتشجيع المعارضة الداخلية ضد النظام الإيراني. صحيح أن الدفاعات الجوية الإيرانية قد ضعفت، إلا أن فرصة التحرك تتضاءل بسرعة مع إعادة تنظيم البلاد صفوفها.

أجندات متباينة: تغيير النظام مقابل الدبلوماسية

أولوية نتنياهو واضحة: منع إيران من استعادة قدراتها النووية، والسعي في نهاية المطاف إلى تغيير النظام في طهران. ولتحقيق ذلك، يحتاج على الأقل إلى موافقة ضمنية من الولايات المتحدة على المزيد من العمليات الإسرائيلية، إن لم يكن إلى تدخل أمريكي مباشر.

في المقابل، يبدو أن اهتمام الرئيس ترامب منصبّ بشكل متزايد على الفوز بجائزة نوبل للسلام – وهو إنجاز رمزي يرى أنه متأخرٌ جدًا بالنظر إلى جهوده الدبلوماسية، وهو إنجازٌ يُبدي استعداده لتقديم تنازلاتٍ من أجله.

يتجلى هذا التباين جليًا في نهجهما تجاه غزة. فقد مارس ترامب ضغوطًا قوية على كلٍّ من إسرائيل وحماس للموافقة على وقف إطلاق نار جديد، ومبادلة رهائن إسرائيليين بأسرى فلسطينيين في صفقةٍ تتضمن وقفًا للأعمال العدائية لمدة 60 يومًا.

مع ذلك، تُصرّ حماس على إنهاء الحرب بشكل دائم، أو على الأقل، محادثاتٍ فورية لتحقيق ذلك – وهي نتيجةٌ تُحجم إسرائيل عن قبولها، نظرًا لغياب أي فائدة استراتيجية دائمة من وقف إطلاق النار السابق.

وقف إطلاق النار في غزة: صفقةٌ غير مؤكدة الثبات

يُحاكي وقف إطلاق النار المُقترح في غزة، والذي يعتمد على تبادل الأسرى والرهائن، جهودًا سابقةً فشلت في تحقيق سلامٍ دائم. ويُشير المسؤولون الإسرائيليون إلى أن كل وقفٍ للقتال أجبر جيش الدفاع الإسرائيلي على الانسحاب من مواقع آمنة، ليستعيدها لاحقًا بتكلفةٍ باهظة.

لا تزال الحرب الدائرة تُرهق اقتصاد إسرائيل وجاهزيتها العسكرية، بينما يُحدّ الضغط الشعبي لحل أزمة الرهائن من هامش مناورة نتنياهو.

وكما يُشير جون بولتون، “باستثناء الأهداف الإنسانية المتعلقة بالرهائن، لا تجني إسرائيل أي مكاسب استراتيجية من وقف إطلاق نار آخر”. تبقى نقطة الخلاف الأساسية: تُريد إسرائيل ضمانات أمنية، بينما تسعى حماس إلى إنهاء الأعمال العدائية بشكل نهائي.

اقرأ أيضًا: هيمنة الصين على المعادن النادرة.. ثمن بيئي باهظ للقوة العالمية

مستقبل سوريا الغامض.. فرصة أم خطر جديد؟

يُمثّل سقوط نظام بشار الأسد مؤخرًا في سوريا، واستبداله بقادة مرتبطين بجبهة النصرة سابقًا (المعروفة الآن بهيئة تحرير الشام)، تطورًا هامًا آخر. وقد رفع الرئيس ترامب، استجابةً لطلب المملكة العربية السعودية، العقوبات الأمريكية المفروضة على القيادة السورية الجديدة.

ومع ذلك، لا تزال هناك تساؤلات حول ما إذا كانت هيئة تحرير الشام قد تخلّت حقًا عن جذورها الإرهابية، وما إذا كان الزعيم الفعلي الجديد، أحمد الشرع، قادرًا على توفير الاستقرار.

في غضون ذلك، تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية داخل سوريا، وتحافظ على منطقة عازلة، متخوفةً من ديناميكيات القوة الجديدة وتداعياتها على النفوذ الإيراني.

معضلات دبلوماسية وظلال التاريخ

يواجه كلٌّ من ترامب ونتنياهو تحدياتٍ هائلةً مع اقترابهما من اجتماع يوم الاثنين. لقد أثبت التاريخ أن الدبلوماسية في الشرق الأوسط محفوفةٌ بالنكسات والانتكاسات، والوضع الحالي ليس استثناءً. قد تُحدد نتيجة لقائهما في المكتب البيضاوي المسار المستقبلي لتعامل كلا البلدين مع إيران، وآفاق السلام في غزة، وطريقة التعامل مع المشهد السوري المتغير.

في نهاية المطاف، وكما خلص بولتون، “ستكون أهم نتيجة يوم الاثنين في الجناح الغربي للبيت الأبيض هي اتخاذ قرارات بشأن إمكانية استخدام القوة العسكرية الأمريكية والإسرائيلية لتحقيق أهداف رئيسية على كلا الجبهتين”. يبقى أن نرى ما إذا كان الزعيمان سيتمكنان من إيجاد أرضية مشتركة أو مجرد التغاضي عن خلافاتهما، لكن تداعيات ذلك ستمتد إلى ما هو أبعد من واشنطن.

زر الذهاب إلى الأعلى