ترامب يفجر مبيعات الدفاع الأمريكية لأوروبا.. الاتحاد الأوروبي يخطط لاستقلال عسكري

القاهرة (خاص عن مصر)- منذ عودته إلى منصبه، اتسم نهج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه أوروبا بالتناقض والارتباك، بشأن مبيعات الدفاع الأمريكية لأوروبا، مما ترك الاتحاد الأوروبي يسعي لتسليح نفسه يُكافح للتكيف.

وفقا لتحليل  لوك ماكجي، صحفي حائز على جائزة إيمي في فورين بوليسي، فرغم حثّه الدول الأوروبية على زيادة إنفاقها الدفاعي، فرض ترامب رسومًا جمركية على الاقتصادات الأوروبية، وأشار إلى خطط لسحب الأصول الأمريكية من أوروبا، وقدّم مطالب متناقضة بشأن التعاون العسكري.

إعلان

أجبر هذا التناقض أوروبا على إعادة النظر في استراتيجيتها الدفاعية والتطلع إلى ما هو أبعد من التحالفات الأمريكية التقليدية.

خطة الاتحاد الأوروبي للاستعداد 2030

استجابةً لهذه الشكوك، تتخذ أوروبا خطوات جريئة لتأكيد استقلاليتها في التخطيط الدفاعي، خصصت المفوضية الأوروبية 800 مليار يورو (883.8 مليار دولار) لدعم مبادرات الدفاع الوطنية والقومية الأوروبية على مدى السنوات الخمس المقبلة، في إطار خطة “الاستعداد 2030”.

يتمثل جوهر هذه الاستراتيجية في حزمة مثيرة للجدل بقيمة 150 مليار يورو، سيتم جمعها من أسواق رأس المال واستخدامها لتمويل قروض للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بهدف تعزيز صناعة الدفاع الأوروبية.

ويهدف هذا الاستثمار إلى تقليل اعتماد أوروبا على التكنولوجيا العسكرية الأمريكية وزيادة الاكتفاء الذاتي للمنطقة.

في حين أن هناك أحكامًا تسمح للشركات الأمريكية بالمشاركة في سلسلة التوريد، فإن الهدف العام هو توجيه الأموال إلى الصناعات الدفاعية الأوروبية، مما قد ينافس الشركات الأمريكية على المدى الطويل، ويُنظر إلى هذا التحول على أنه تحدٍّ مباشر لصناعة الأسلحة الأمريكية، التي لطالما هيمنت على مبيعات الدفاع العالمية.

يشعر المطلعون على شؤون الدفاع الأمريكية بالقلق من أن التزام أوروبا المتزايد بالدفاع الإقليمي قد يؤدي إلى تآكل حصتها السوقية وإحداث خلل في الوضع الراهن.

إصلاح الدفاع الأوروبي: رد على إخفاقات الماضي

تاريخيًا، تعرضت عمليات شراء وتصنيع الدفاع الأوروبية لانتقادات بسبب عدم كفاءتها وغياب التنسيق. يُسلط ويليام ألبيرك، المدير السابق لمركز الناتو للحد من التسلح ونزع السلاح ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، الضوء على اعتماد صناعة الدفاع الأوروبية في كثير من الأحيان على خطوط إنتاج مكررة وإجراءات شراء معقدة للغاية.

دول مثل ألمانيا، على وجه الخصوص، كانت بطيئة في إعطاء الأولوية للاحتياجات العسكرية الحقيقية على الضرورات السياسية.

ومع ذلك، ومع مواجهة أوروبا لتحديات جيوسياسية جديدة، فإنها تتجه نحو استراتيجيات دفاعية أكثر تماسكًا. يتعاون الاتحاد الأوروبي الآن بشكل أوثق مع الناتو لتوفير قدرات عسكرية تُكمّل القوات الأمريكية، من خلال خطط استثمارية وبنوك جديدة تُركز على أهداف دفاعية طويلة الأجل.

تهدف هذه الجهود إلى تزويد أوروبا بقدرات عسكرية مستقلة، مما يُمكّن القارة من العمل بشكل مستقل عند الضرورة، دون الاعتماد كليًا على الولايات المتحدة.

اقرأ أيضا.. في اجتماع سري.. الصين تعترف بشن هجمات إلكترونية ضد أمريكا

مبيعات الدفاع الأمريكية لأوروبا،

بالنسبة لمُصنّعي الأسلحة الأمريكيين، يُشكّل هذا التوجه الأوروبي الجديد نحو الاستقلال الدفاعي خطرًا كبيرًا. إذا استخدمت دول الاتحاد الأوروبي آليات سياسية للحد من مبيعات الأسلحة الأمريكية أو فرض معايير تنظيمية أكثر صرامة، فقد تواجه الشركات الأمريكية تحديات متزايدة في الوصول إلى السوق الأوروبية.

كما يوضح أناند سوندار، المستشار في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، فإن تزايد تشكك أوروبا تجاه السياسات الأمريكية – وخاصة في عهد ترامب – قد غذّى الرغبة في زيادة الاعتماد على الذات، لا سيما في مجال الدفاع.

يشير سوندار إلى أن “الولايات المتحدة قد استنفدت الكثير من حسن النية في هذه المرحلة لدرجة أن الميزان يميل بقوة الآن نحو النموذج الفرنسي التقليدي المتمثل في شراء أكبر قدر ممكن من المعدات محليًا”.

يُعد هذا التحول رد فعل على ما يراه العديد من الأوروبيين اتجاهًا راسخًا للمشاعر المعادية لأوروبا في السياسة الأمريكية، والذي تفاقم بسبب تصرفات ترامب وخطاباته.

استراتيجية طويلة المدى للأمن الأوروبي

يُمثل تركيز الاتحاد الأوروبي المتجدد على قدراته الدفاعية استجابةً لعدم القدرة على التنبؤ بسلوك الولايات المتحدة، وخطوة ضرورية نحو ضمان الاستقرار الإقليمي.

لعقود، اعتمدت أوروبا بشكل كبير على الدعم العسكري الأمريكي، وخاصةً من خلال حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ولكن مع تحول أولويات الولايات المتحدة نحو آسيا والشرق الأوسط، يدرك الأوروبيون ضرورة تحمل مسؤولية أكبر عن أمنهم.

هذا التوجه نحو تعزيز استقلالية الدفاع الأوروبية ليس سلبيًا بطبيعته على الولايات المتحدة. فإذا استطاعت أوروبا تعزيز بنيتها التحتية الأمنية، فقد يخفف ذلك العبء عن الولايات المتحدة، مما يسمح لواشنطن بإعادة توجيه مواردها وأصولها العسكرية إلى مجالات أخرى ذات أهمية استراتيجية.

علاوة على ذلك، فإن أوروبا القوية ستتيح تبادلًا أفضل للمعلومات الاستخباراتية وجهودًا دفاعية تعاونية، مما يعود بالنفع على الجانبين.

إعلان
زر الذهاب إلى الأعلى