تربح من استمرار الحرب وتوقفها.. كيف تستفيد روسيا من التصعيد بين إسرائيل وإيران؟

منذ اللحظات الأولى للتصعيد بين إسرائيل وإيران، أدانت روسيا الضربات الإسرائيلية وحذّرت من عواقبها، داعية الطرفين إلى ضبط النفس.
وكشف بيان رسمي صادر عن الكرملين أعلن أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجرى مكالمة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عرض خلالها وساطة موسكو لتفادي التصعيد، في خطوة تعكس سعي روسيا للظهور كوسيط إقليمي ذي نفوذ.
وقال البيان: “تم الاتفاق على أن الجانب الروسي سيواصل اتصالاته الوثيقة مع قيادتي إيران وإسرائيل بهدف حل الوضع الحالي، الذي ينذر بعواقب كارثية على المنطقة بأكملها”.
ترامب يرحب بالدور الروسي
في تطور لافت، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأحد، أنه “منفتح” على وساطة روسية في النزاع الإيراني الإسرائيلي، في خطوة فسّرها مراقبون بأنها تمنح الكرملين شرعية دبلوماسية دولية نادرة وسط حصاره الغربي.
من جهتها، أكدت صحيفة “إسرائيل هيوم” الإسرائيلية أن روسيا “تشارك بكثافة في التحركات السياسية المتعلقة بالحرب”، في إشارة إلى النشاط الدبلوماسي المكثف الذي تقوده موسكو خلف الكواليس.
موسكو بين طهران وتل أبيب
تمكنت روسيا على مدار عقود من الحفاظ على توازن بالغ الدقة في علاقاتها بالشرق الأوسط، إذ طورت شراكة اقتصادية وعسكرية مع إيران، بينما أبقت على علاقات دافئة مع إسرائيل.
فمن جهة، زوّدت روسيا إيران بمنظومات دفاع جوي متطورة من طراز S-300، إلا أنها تباطأت لاحقاً في تسليم مقاتلات سوخوي-35 التي تطمح بها طهران، ما اعتُبر استجابة للمخاوف الإسرائيلية.
وفي المقابل، حرصت إسرائيل على مراعاة الحسابات الروسية، خاصة عبر الامتناع عن تزويد أوكرانيا بأسلحة نوعية منذ اندلاع الحرب هناك، ما أثار استياء بعض حلفاء كييف.
هذا التوازن الحرج أغضب طهران، وسط أنباء عن تشكيك القيادات الإيرانية، السياسية والعسكرية، في نوايا موسكو وترددها في دعم طهران بشكل ملموس في مواجهة إسرائيل.
علاقات موسكو-طهران
رغم أن العلاقات بين روسيا وإيران كانت متوترة خلال الحقبة السوفياتية، إلا أنها تحولت إلى شراكة استراتيجية منذ تسعينيات القرن الماضي، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.
ساهمت موسكو في تشييد أول محطة للطاقة النووية في بوشهر، كما أصبحت شريكاً تجارياً ومورّداً رئيسياً للسلاح والتكنولوجيا لإيران، خصوصاً في ظل العقوبات الغربية المتزايدة.
وكانت روسيا من الدول الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، وقدمت دعماً سياسياً صريحاً لطهران بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في عهد ترامب.
وفي يناير 2025، وقع الطرفان معاهدة “الشراكة الاستراتيجية الشاملة” لتكريس علاقات سياسية وعسكرية واقتصادية وثيقة، تعكس طموح موسكو لتثبيت نفوذها في المنطقة.
مكاسب روسيا المحتملة من حرب إسرائيل وإيران
يرى محللون أن التصعيد بين إسرائيل وإيران قد يمنح روسيا مكاسب متعددة، تبدأ من احتمالية بروزها كوسيط نزيه ومؤثر في تسوية النزاع، وصولاً إلى تعزيز موقعها في أي مفاوضات محتملة بشأن البرنامج النووي الإيراني.
ووفق وكالة أسوشيتد برس، اقترح نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف مؤخراً أن تقوم موسكو بأخذ اليورانيوم عالي التخصيب من إيران وتحويله إلى وقود مدني، في إطار اتفاق محتمل بين طهران وواشنطن.
لكن الفوائد لا تقف عند السياسة؛ فالحرب قد ترفع أسعار النفط العالمية، وهو ما يصب في مصلحة روسيا التي تعتمد على عائدات الطاقة لتمويل حربها في أوكرانيا، في ظل عقوبات غربية خانقة.
يقول المحلل العسكري الروسي روسلان بوخوف: “ارتفاع أسعار النفط سيحرم أوكرانيا من آمال تراجع التمويل الروسي للحرب”. ويضيف المحلل سيرغي ماركوف: “الحرب بين إيران وإسرائيل تشتت تركيز الغرب وتمنح روسيا هامشاً للتحرك عسكرياً في أوكرانيا”.
هل تنجح روسيا في لعب دور الوسيط بين إسرائيل وإيران؟
وفق تقارير فإن نجاح روسيا من لعب دور الوسيط الفعّال بين تل أبيب وطهران يتوقف على مدى قدرة الكرملين على استثمار علاقاته المتوازنة، دون أن يخسر أياً من الطرفين.
وفي حال نجحت موسكو في هذا الدور، فإنها قد تُكرَّس كقوة لا غنى عنها في أي تسوية إقليمية كبرى، خصوصاً تلك المتعلقة بالملف النووي الإيراني.
لكن في المقابل، قد يؤدي أي انحياز ميداني أو سياسي إلى فقدان هذه الورقة الثمينة، لتعود موسكو إلى عزلتها الدولية، وتفقد فرصة نادرة لصناعة نفوذها خارج الساحة الأوكرانية.
اقرأ أيضا: حرب إيران تشعل إسرائيل.. هل تنفجر الجبهة الداخلية في وجه نتنياهو ؟