ترحيل المجرمين يمهد الطريق.. هل تتجه ألمانيا لإعادة اللاجئين السوريين؟

تثير التصريحات الأخيرة للمسؤولين الألمان جدلًا متصاعدًا بشأن مستقبل مئات الآلاف من اللاجئين السوريين المقيمين في ألمانيا، خاصة في ظل التحولات المفاجئة التي تشهدها سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي.

وبينما تتحدث برلين عن ترحيل “المجرمين” كخطوة أولى، تُطرح تساؤلات عما إذا كانت هذه الخطوة مقدّمة لإعادة شاملة للاجئين السوريين.

اتصالات مع دمشق حول السوريين “المجرمين” في ألمانيا

وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبرينت كشف عن أن حكومته تُجري حاليًا اتصالات مباشرة مع الحكومة السورية الانتقالية بهدف التوصل إلى اتفاق لإعادة السوريين المدانين بارتكاب جرائم على الأراضي الألمانية.

وقال دوبرينت، المنتمي للحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، في تصريحات لمجلة “فوكس” الألمانية، إن “الاتصالات جارية”، لكنه أشار إلى أن “النتائج لم تتضح بعد”.

ألمانيا تعيد النظر في أوضاع السوريين المخالفين

التحرك الحالي سبقه خطوة قامت بها وزيرة الداخلية السابقة نانسي فيزر، التي أجرت اتصالات أولية مع السلطات السورية الجديدة قبيل مغادرتها منصبها، لبحث إمكانية إعادة السوريين الذين لم تعد أسباب لجوئهم قائمة.

وأكدت فيزر حينها أن بلادها ستعيد النظر في أوضاع السوريين، خاصة الذين لا يحملون أسبابًا قانونية للبقاء مثل العمل أو الدراسة، ولا يبدون رغبة في العودة الطوعية.

مليون لاجئ سوري في مرمى القرارات الجديدة بـ ألمانيا

بحسب بيانات وزارة الداخلية، يُقيم في ألمانيا قرابة 975 ألف لاجئ سوري، أغلبهم وصل بعد عام 2015. ومن بين هؤلاء، يتمتع أكثر من 300 ألف شخص بالحماية الفرعية، أي أنهم لم يتعرضوا لاضطهاد فردي، بل فروا من ظروف الحرب في بلادهم.

وبعد سقوط النظام السوري، قرر المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين تجميد البت في طلبات اللجوء الجديدة مؤقتًا، في خطوة تُفهم على أنها إعادة تقييم شاملة لسياسات اللجوء تجاه سوريا.

معايير جديدة للبقاء والترحيل

وزيرة الداخلية السابقة أكدت أن الحكومة الألمانية تضع في اعتبارها التمييز بين اللاجئين المندمجين والذين شاركوا في المجتمع الألماني، وبين من ارتكبوا جرائم أو لم يندمجوا.

وقالت فيزر إن الذين “تعلموا اللغة الألمانية، ووجدوا وظائف، واندمجوا في المجتمع، يمكنهم البقاء”، في حين أن المرتكبين لمخالفات جنائية سيتم ترحيلهم بمجرد أن تسمح الظروف الأمنية في سوريا بذلك.

برلين توسّع صلاحيات ترحيل اللاجئين

أكد دوبرينت أن بلاده وسّعت الإمكانيات القانونية لترحيل المخالفين، وأن السلطات ستستخدم هذه الصلاحيات الجديدة عند توفر الظروف المناسبة، في إشارة إلى تطورات الأوضاع في سوريا.

كما أشار إلى أن أعداد طالبي اللجوء المسجلين في ألمانيا خلال العامين الماضيين بلغت 600 ألف شخص، إلى جانب 1.2 مليون لاجئ أوكراني، مؤكدًا أن السقف الافتراضي لقبول 200 ألف لاجئ سنويًا لم يعد واقعيًا في ظل هذا الضغط.

تعاون أوروبي وتقييم للوضع السوري

أكدت فيزر أن الحكومة الألمانية تعمل بالتنسيق مع وزارة الخارجية والشركاء الأوروبيين والدوليين للحصول على تقييم واقعي للوضع في سوريا بعد الإطاحة بنظام الأسد، مضيفة أن بلادها تركز على قضايا الأمن والاستقرار قبل اتخاذ أي قرار بشأن عمليات الترحيل الجماعي.

وقالت إن من يرغب بالعودة الطوعية يجب أن يُمنح الدعم اللازم، بينما يجب على من يشكلون خطرًا أو ارتكبوا جرائم أن يُعادوا إلى وطنهم “بأسرع ما يمكن”.

مستقبل السوريين في ألمانيا

وفق تقارير فإن الخطوات الأخيرة تعكس توجها حكوميا نحو الحسم في ملف اللاجئين السوريين، خاصة مع تنامي الأصوات السياسية المطالبة بخفض أعداد اللاجئين، واستغلال أي تغير سياسي في بلدانهم لإعادتهم.

ورغم أن الترحيل ما يزال مشروطًا بتقييم الوضع الأمني في سوريا، إلا أن بدء الاتصالات الرسمية مع دمشق يُعد تحولًا لافتًا في سياسة برلين تجاه هذا الملف، ويطرح تساؤلات جدية حول مصير مئات الآلاف من السوريين على أراضيها خلال الشهور المقبلة.

اقرأ أيضا

جفاف غير مسبوق يضرب سوريا.. هل تنزلق دمشق نحو المجاعة؟

زر الذهاب إلى الأعلى