تركيا تدعم تحركًا عسكريًا من دمشق ضد “قسد”.. ماذا ينتظر سوريا؟

كشفت تقارير صحفية أن أنقرة منحت دمشق “الضوء الأخضر” لحسم ملف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) عسكريًا، إذا لم تبادر الأخيرة إلى حل نفسها طوعًا والاندماج في الجيش السوري قبل نهاية المهلة المحددة في 27 مايو الجاري.
ويفتح هذا التحول الباب أمام مرحلة جديدة قد تشهد تحركًا عسكريًا مشتركًا بين الجيشين السوري والتركي، ضد ما تصفه أنقرة ودمشق بـ”المشروع الانفصالي الكردي”، في المناطق الشمالية والشرقية من سوريا.
تفاهم بين دمشق وأنقرة لحسم ملف “قسد”
بحسب وسائل إعلام، فإن الرئيس السوري حصل خلال زيارته إلى أنقرة على دعم مباشر من نظيره التركي رجب طيب أردوغان، بشأن إنهاء وجود “قسد” بوصفها كيانًا مسلحًا خارج مؤسسات الدولة.
وأكدت مصادر أن دمشق باتت أمام فرصة غير مسبوقة لتوسيع سيطرتها على المناطق التي تخضع حالياً لسلطة “قسد”، لا سيما في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور، مشيرة إلى أن أنقرة وافقت على تجاوز تحفظاتها السابقة بشأن تعاون دمشق مع المكون الكردي، شرط تفكيك “قسد” بالكامل.
موقف تركي صارم ضد قسد
وكان أردوغان قد صعّد لهجته ضد “قسد” في تصريح أدلى به الخميس الماضي، داعيًا الحكومة السورية إلى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه دون تأخير، ومحذرًا من أن أنقرة “لن تقف متفرجة” على أي محاولة من “قسد” لفرض أمر واقع أو إقامة كيان انفصالي في شرق الفرات.
وتأتي هذه التصريحات وسط تصاعد الضغوط التركية على “قسد” لتسليم أسلحتها ودمج عناصرها في صفوف الجيش السوري، ضمن المهلة الممنوحة حتى 27 مايو، والتي يُنظر إليها كفرصة أخيرة قبل اللجوء إلى الخيار العسكري.
هل تدعم واشنطن دمشق في مواجهة “قسد”؟
في مشهد مفاجئ، زار وفد حكومي سوري، برفقة ممثلين عن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، سجون تنظيم “داعش” التي تديرها “قسد” في دير الزور، وذلك في خطوة هي الأولى من نوعها.
وتهدف الزيارة إلى وضع آليات لنقل إدارة هذه السجون من “قسد” إلى الحكومة السورية، ما يشير إلى تقاطع مصالح – وإن محدودًا – بين واشنطن ودمشق بشأن ملف “داعش”، ويُفهم منه تقليص تدريجي لدور “قسد” بوصفها شريكًا ميدانيًا للتحالف.
تحالف كردي روسي
في المقابل، تتحرك “قسد” لتثبيت وجودها العسكري والسياسي، عبر اتفاق غير معلن مع موسكو، تم بموجبه السماح للقوات الروسية باستخدام مطار القامشلي كقاعدة متقدمة لنقل قوات ومعدات من قاعدة حميميم في اللاذقية.
ووفقًا لمصادر صحفية، نشرت روسيا رادارات ومنظومات دفاع جوي في القامشلي، وسط تكثيف واضح لحركة طائرات الشحن العسكرية الروسية، في إشارة إلى استعداد موسكو لتعزيز وجودها في المناطق الكردية بالتوازي مع أي تصعيد ميداني محتمل.
سباق ميداني قبل “الساعة صفر”
على الأرض، بدأت قوات سوريا الديمقراطية باتخاذ تدابير ميدانية لتعزيز دفاعاتها، عبر بناء تحصينات وزراعة ألغام في محيط مواقعها الحساسة شمال شرق سوريا، تحسبًا لأي هجوم محتمل من القوات السورية أو الفصائل المدعومة من تركيا.
ويأتي هذا التحرك في وقت بدأت فيه وزارة الدفاع السورية، بالتنسيق مع الجانب التركي، بوضع اللمسات الأخيرة على خطة عسكرية تستهدف الفصائل التي لم تندمج في الجيش، أو لم تسوّ أوضاعها خلال الفترة الانتقالية التي تنتهي رسميًا نهاية شهر مايو.
خارطة ما بعد “قسد”
تُعد مناطق سيطرة “قسد” – التي تشمل الحسكة، دير الزور، والرقة – من أغنى المناطق السورية بالثروات النفطية والزراعية.
ووفق التفاهمات الجديدة، من المتوقع أن تنتقل هذه المناطق إلى إدارة مشتركة بين الحكومة السورية والقوات المحلية التي تقبل الاندماج ضمن المؤسسات الرسمية.
ويخشى مراقبون من أن تؤدي أي عملية عسكرية واسعة إلى موجة نزوح جديدة أو صدامات معقدة، خاصة في المناطق المختلطة عرقيًا، ما لم يتم التوصل إلى ترتيبات أمنية تضمن استقرار المرحلة الانتقالية.
اقرأ أيضًا: تعهدات جديدة من دمشق| ماذا دار بين الشرع والمبعوث الأمريكي حول سوريا؟